رغم تجاهل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الالتزام بالموعد النهائي للإجابة عن طلب من لجنة العلاقات الدولية التابعة للكونجرس حول مسئولية ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، عن مقتل الإعلامي جمال خاشقجي بالقنصلية السعودية بإسطنبول، مطلع أكتوبر الماضي، إلا أن المملكة العربية السعودية دخلت في نوبة من الحصار مجددًا بدماء خاشقجي من اتجاهات عدة، أبرزها فضيحة ابتزاز “جيف بيزوس”، أغنى رجل أعمال في العالم ومؤسس شركة “أمازون” ومالك صحيفة “واشنطن بوست” التي كان يكتب فيها الصحفي المغدور به جمال خاشقجي. كتب بيزوس بيانًا، مساء أول أمس الخميس، كشف فيه عن تعرضه للابتزازات من المملكة العربية السعودية، موضحًا أن طريقة تغطية صحيفة “واشنطن بوست” لقضية مقتل خاشقجي “غير محبوبة بلا شك لدى بعض الدوائر”، وأن العلاقة بين “أميريكان ميديا” والسعودية لا تزال غير مفهومة بشكل كامل حتى الآن. يشار إلى أن “أميريكان ميديا” هي الشركة الأم لصحيفة “ناشيونال إنكوايرر”، التي نشرت صورا ورسائل نصية لبيزوس مع عشيقته، وهناك صلة بينها وبين السعودية، وقال بيزوس: إن “ابتزازه” جاء نظرا للطريقة التي تعاملت بها الصحيفة فى تغطية قضية مقتل خاشقجي، بالإضافة إلى الانتقادات التي توجهها باستمرار لسياسات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وصلته بقادة السعودية. الكونجرس وترامب من ناحية أخرى، ورغم تجاهل ترامب لطلب الكونجرس، إلا أن طلب الكونجرس الذي رفضه ترامب جاء بالاستناد إلى قانون ماجنيتسكي، ودعمه الديمقراطيون والجمهوريون، وقُدم بتاريخ 10 أكتوبر 2018، ورفضْه أثار تساؤلات حول ما إذا كان ترامب قد خرق القانون برفضه هذا. وقال خوان باتشون، المتحدث باسم الجانب الديمقراطي للجنة العلاقات الدولية: إن “القانون واضح.. ليس هناك مجال للتقدير، فالرئيس إما ينصاع للقانون أو يخرقه”. وكشف مصدر بمجلس الأمن القومي الأمريكي، عن أن الإدارة الأمريكية “ليست تحت أي التزام قانوني” للرد (على طلب الكونجرس)، لافتا إلى أن الخارجية الأمريكية سترسل ردا للكونجرس، دون الكشف عن محتوى الرسالة. فيما رد السيناتور روبرت مينينديز، في بيان على الرسالة التي بعثها مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي، حول هذه القضية: “خاب ظني، هذا يظهر ما أرادته الإدارة طول الوقت– أن تُنسى قضية قتل خاشقجي، سأستمر بدفع الرئيس ليحمل المسئولية كاملة لهؤلاء المسئولين عنها، والانصياع لقوانين الولايات المتحدة”. وقانون ماجنيتسكي الدولي للمساءلة حول حقوق الإنسان، كان مشروع قرار للحزبين الديمقراطي والجمهوري في أمريكا، وقّع عليه الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما في العام 2012، وفي 2017 وقع الرئيس الأمريكي الحالي، دونالد ترامب الأمر التنفيذي رقم 13818، الذي “يجمّد ممتلكات الأشخاص المتورطين في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان أو الفساد”. مسئولية قتل خاشقجي وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، إن الوزير مايك بومبيو قدم للكونجرس، أمس الجمعة، معلومات عن التحقيق في قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي. ولم يقدم المتحدث أي تفاصيل عمَّا قاله بومبيو لأعضاء الكونجرس. إلا أن مساعدين في الكونجرس قالوا إنهم لم يتلقوا أي تقرير من هذا القبيل من البيت الأبيض حتى مساء الجمعة، رغم المهلة التي تلقتها إدارة ترامب حتى الثامن من فبراير، كي تقدم تقريرا بشأن مَن يتحمل مسئولية قتل خاشقجي، وما إذا كانت واشنطن ستفرض عقوبات على هذا الشخص أو هؤلاء الأشخاص. وأشارت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى أنها قد لا تفي بموعد نهائي لتقديم تقرير إلى الكونجرس، بشأن ما إذا كانت تنوي فرض عقوبات على أي شخص مسئول عن مقتل خاشقجي، الأمر الذي أثار رداً غاضباً في الكونجرس. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز، أول أمس الخميس، أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قال إنه سيستخدم «رصاصة» ضد خاشقجي، إذا لم يعُد للوطن ويتوقف عن انتقاده للحكومة. وقال وزير الدولة السعودي للشئون الخارجية عادل الجبير للصحفيين: إن الأمير محمد لم يأمر بقتل خاشقجي، لكنه رفض التعليق على تقرير نيويورك تايمز. وأضاف الجبير أنه يريد أن ينتظر الكونجرس نتيجة العملية القضائية السعودية، قبل أن يتخذ أي إجراء بشأن العقوبات. فتح القضية مجددا من ناحية أخرى، فتحت الصحف الأمريكية والبريطانية ملف قضية خاشقجي مجددا، ونشرت جريدة الديلي تليجراف مقالا لراف سانشيز، قال فيه إنه “حتى لو نجحت السعودية في تجاوز ملف اغتيال خاشقجي ، فإنها ما زالت تواجه في الوقت نفسه ملف الاتهامات الخاصة باعتقال وتعذيب الناشطات النسويات اللواتي نشطن في مجال الدعوة لنيل المرأة السعودية حقها في قيادة السيارات”. وأشار الكاتب إلى التقارير التي تتحدث عن مكالمات بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ومساعديه، هدد فيها الأمير “بإطلاق رصاصة” على خاشقجي. واعتبر سانشيز أن “هذه المكالمات في حال تأكيدها ستكون الدليل المباشر الذي يربط بن سلمان بخطط اغتيال خاشقجي”. وأكد سانشيز أن “هذا الدليل سيدحض رواية المسئولين السعوديين الذين ينفون علم بن سلمان بالأمر”، مضيفا أن “البيت الأبيض لا يزال يدعم الأمير، البالغ من العمر 33 عاما وهو الحاكم الفعلي، رغم تقرير الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) السابق الذي خلص إلى أن أنه أمر باغتيال خاشقجي”. الجارديان كما نشرت الجارديان مقالا عن محاولات الابتزاز التي قال جيف بيزوس، مالك شركة أمازون، إنه تعرض لها مؤخرا بشأن منعه من مواصلة البحث عن كيفية حصول جريدة شعبية أمريكية على رسائله الخاصة. وتقول الجريدة إن “ما كشف عنه بيزوس، أغنى رجل في العالم ومالك صحيفة واشنطن بوست، من تعرضه للابتزاز من الشركة المالكة لصحيفة ناشيونال إنكويرار، بالتوقف عن البحث أو مواجهة نشر صور عارية له يعتبر أمرا صادما”. وتشير الجريدة إلى أن رئيس مجلس إدارة الشركة التي يتهمها بيزوس بابتزازه يمتلك علاقات شخصية قوية بالرئيس دونالد ترامب. كما تلقي الضوء على ما قاله بيزوس من أنه يظن أن الصحيفة استهدفته بسبب تغطية صحيفة واشنطن بوست لقضية اغتيال الصحفي والمعارض السعودي جمال خاشقجي. وتضيف الجريدة أن تصريحات بيزوس تكشف أيضا عن طبيعة الشبكة التي يعتمد عليها ترامب في الاستمرار في منصبه، في مواجهة هجوم وسائل الإعلام والتحقيقات الخاصة بالاتهامات الموجهة لروسيا بالتلاعب في نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة.