في خطوات متزامنة بدأت حكومة الاحتلال الصهيوني بقيادة بنيامين نتنياهو، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبو مازن، ونظام العسكر في مصر، تشديد الحصار على قطاع غزة؛ فالسلطة سحبت موظفيها من إدارة معبر رفح على الحدود المصرية، والكيان الصهيوني أعلن عن وقف المنحة القطرية للقطاع، بينما يمارس الجانب المصري الحصار منذ سنوات بهدم الأنفاق، وترك الحرية لعصابات الصهاينة في استباحة سيناء من أجل ملاحقة شبكات تهريب السلاح للمقاومة في القطاع، بحسب موقع “وللا العبري”، في تقرير له أمس الإثنين. وتسلّمت الأجهزة الأمنية في قطاع غزة، التابعة للحكومة التي تديرها حركة “حماس”، معبر رفح البرّي مع مصر، بعد انسحاب أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية في رام الله منه، عقب حالة الاحتقان الداخلي والخلاف المُستعر منذ أكثر من أسبوع بين قطبي الساحة والانقسام الفلسطيني. وكانت السلطة الفلسطينية قد تسلّمت المعبر قبل 14 شهرا، بناءً على طلب مصري من “حماس”، خلال تطبيق اتفاقية المصالحة الفلسطينية التي بدأت في حينه لكنها تعطلت بعد ذلك، ومنذ ذلك الوقت أصبح المعبر يعمل بشكل أفضل من ذي قبل. وأثار انسحاب السلطة من المعبر، حالة من القلق والاضطراب في غزة، ومخاوف من إغلاق المعبر في وجه مليوني فلسطيني يعانون حصارا مطبقا. ويُنتظر أن يكون يوم غدٍ الثلاثاء يوم اختبار للموقف المصري من المعبر، إذ إنّ المعبر اليوم في إجازة بمناسبة الأعياد المسيحية بالتقويم الشرقي. وانتقدت الفصائل الفلسطينية هذا الانسحاب وعدّته خطأً، ودعت إلى التراجع عنه فورا، ووقف التراشق الإعلامي بين جميع الأطراف، والعودة إلى طاولة حوار وطني شامل. وإسرائيل تمنع التحويلات القطرية من جانبها، قالت محطة تلفزيونية إسرائيلية، إن حكومة الاحتلال أمرت بعدم تحويل “الأموال القطرية”، الخاصة بدفع رواتب موظفي قطاع غزة. وذكرت القناة “20” الخاصة أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمر بتجميد المرحلة الثالثة من تحويل الأموال القطرية إلى قطاع غزة. وبحسب المحطة، فإن قرار نتنياهو جاء بدعوى “التصعيد الأخير جنوبي إسرائيل، وإطلاق قذيفة من قطاع غزة”. وكانت إسرائيل قد قصفت مواقع في قطاع غزة، ردًا على ما قالت إنه إطلاق “حوّامة صغيرة” من غزة باتجاه جنوبي إسرائيل، أمس، وإطلاق قذيفة مدفعية صباح اليوم تجاه ساحل عسقلان. ولم يصدر تأكيد رسمي من الحكومة الإسرائيلية لما ذكرته القناة التلفزيونية. وتدفع دولة قطر 15 مليون دولار شهريا، رواتب لموظفي قطاع غزة، ومساعدات لعائلات فقيرة، ضمن تفاهم غير مباشر، تم التوصل إليه أخيرا بين حركة حماس وإسرائيل، بغرض التوصل لتهدئة في القطاع. وقامت وزارة التنمية الاجتماعية في قطاع غزة، أواخر الشهر الماضي، بصرف الدفعة الثانية من المنحة القطرية المقدمة لآلاف الأسر الفقيرة، بقيمة 100 دولار أمريكي لكل أسرة. ويعاني القطاع المحاصر للعام الثاني عشر على التوالي من ارتفاع كبير في معدلات الفقر والبطالة، إذ يتلقى ما يزيد على 80% من السكان مساعدات إغاثية تقدمها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) ومؤسسات إغاثية أخرى. وأعلن صندوق قطر قبل أكثر من شهرين عن تقديم دعم بقيمة 150 مليون دولار أمريكي كمساعدات إنسانية عاجلة، للتخفيف من تفاقم المأساة الإنسانية في قطاع غزة المحاصر للعام الثاني عشر على التوالي بتوجيهات من أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. والسلطة تهدد بعقوبات في السياق ذاته، رجحت مصادر “فتحاوية” أن يقدم الرئيس الفلسطيني محمود عباس على “اتخاذ إجراءات عقابية لمحاصرة حماس، وفي الوقت ذاته إرسال دعم لأبناء حركة فتح الموالين له، وقام فعليا بعرض هذه الخطوات على رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي خلال زيارته للقاهرة أخيرا”. وكشفت المصادر عن أن عباس بصدد الإعلان عن إجراءات جديدة في قطاع غزة، تتمثل بإنهاء الحسم من الرواتب وصرف الرواتب بشكل كامل، وصرف مكافأة مالية للآلاف من أبناء حركة “فتح” تبلغ نحو 300 دولار لكل عائلة. وبحسب ما أفادت هذه المصادر، فإن عباس بصدد صرف هذا المبلغ لآلاف العائلات المحسوبة على فتح، بعد قيامها بالتسجيل في مكاتب منظمة التحرير، وإجراء مسح أمني فتحاوي، بحيث يتم صرف هذه المبالغ لأفراد وعائلات محسوبة على حركة “فتح” وبعض الفصائل الفلسطينية المقربة من الحركة، والتي تدعم قراراتها في منظمة التحرير. وبحسب هذه المصادر، فإن العقوبات ستكون بقطع فعلي لأموال الكهرباء والماء والصحة والتعليم والنفايات، وتصل أيضا لقطع الرواتب عن الفتحاويين المناوئين لأبو مازن، وفقا لمسح أجرته الحركة. ونفى أحد أعضاء مركزية “فتح”، والذي اشترط عدم ذكره اسمه، “نية الرئيس قطع الرواتب وقطع مخصصات قطاع غزة من الموازنة البالغة نحو 96 مليون دولار شهريا”. وقال المصدر، في هذا الصدد، إنه “كان هناك نقاش في هذا الموضوع، لكن تهديد الاحتلال الإسرائيلي للقيادة الفلسطينية أنه في حال قيامها بقطع مخصصات قطاع غزة، فإن حكومة الاحتلال ستقوم بخصم أموال من عائدات الضرائب الفلسطينية التي تقوم بجبايتها، وتحوّلها مباشرة إلى قطاع غزة لمنع تدهور الوضع الإنساني في قطاع غزة، حال دون ذلك”.