رغم حملات النفي المتكررة، بعد تسريبات أكدت رفع الدعم نهائيا عن الوقود، أعلن وزير البترول في حكومة الانقلاب كالعادة تأكيد الخبر، بعد سلسلة من التعليقات التي تنفي تارة وتثبت تارة، بأن حكومة الانقلاب سوف تبدأ في أبريل المقبل تطبيق آلية التسعير التلقائي على بنزين “أوكتين 95”. يأتي ذلك في الوقت الذي اعلنت مصادر أن تأخير حصول سلطات الانقلاب على الشريحة البالغة ملياري دولار من صندوق النقد الدولي، جاء بسبب الخلاف بين الحكومة وصندوق النقد حول توقيت إعلان آلية تسعير الوقود، التي تربط أسعار الوقود المحلية بالعالمية، وهي خطوة يتمسك بها صندوق النقد باعتبارها أساسية لخطط الحكومة لتقليص التكاليف. وقال وزير البترول طارق الملا: إن سعر بنزين 95 قد يستقر عند معدله الحالي، وقد يتغير بنسبة لا تتجاوز 10% ارتفاعا أو انخفاضا عن السعر الحالي، لكن لم يشر إلى نسب التغير التي سوف تطرأ على بنزين 80 أو بنزين 92 أو السولار. وأضاف الملا أنه خلال الربع الأول من العام الحالي، سيتم تشكيل اللجنة الخاصة بتحديد ومتابعة آلية التسعير التلقائي، إضافة إلى مراجعة المعادلة السعرية التي ستطبق في الآلية، قائلا: “هذا لا يعني زيادة السعر خلال الربع الثاني من العام الحالي، قد ينخفض السعر أو يرتفع أو يستقر عند معدله الحالي”. ورفعت سلطات الانقلاب في يونيو الماضي أسعار الوقود بنسب تراوحت بين 17.5% و66.6%، في إطار برنامج رفع الدعم وتحرير سعر الصرف وخفض دعم الطاقة والمياه سنويا، لتصبح المرة الثالثة التي ترفع فيها الحكومة أسعار الوقود منذ تحرير سعر صرف الجنيه في نوفمبر 2016، ضمن اتفاق قرض قيمته 12 مليار دولار مع صندوق النقد الدولي. وفي نهاية ديسمبر الماضي، قالت مصادر: إن “الحكومة المصرية سوف تعلن تحرير سعر “بنزين 95″ خلال شهر مارس المقبل، على أن يتم تحرير أسعار جميع أنواع الوقود بحلول شهر سبتمبر 2019”. ونقلت وكالة “بلومبرج” الأمريكية، عن مصادر أن الحكومة تخطط للإعلان عن آلية تسعير بنزين 95 نهاية الشهر الجاري، على أن يتم تنفيذ تلك الآلية التي تربط سعره محليا بالأسعار العالمية في مارس المقبل، وأضافت أنه من المخطط أيضا الإعلان عن آلية تسعير درجات البنزين الأخرى في يونيو المقبل، بعد رفع الدعم عنها، ليبدأ التنفيذ اعتبارا من سبتمبر. وأشارت تقارير إلى أن الحكومة أعربت للصندوق عن أملها في تأجيل بعض الإصلاحات وعدم ربط صرف الشريحة الخامسة من القرض بتلك الإجراءات، وهو ما نفاه مصدر حكومي رفيع المستوى ل”إنتربرايز”، مؤكدا أن الصندوق يعمل بالتنسيق مع وزارة المالية على التحقق من توقعات عجز الموازنة ومراجعة استراتيجية الدين العام الجديدة المزمع إطلاقها قبل نهاية الشهر الجاري. وينبغي أن يحصل صندوق النقد على جميع المعلومات الضرورية بنهاية الأسبوع الحالي، على أن يتم صرف الشريحة الخامسة من القرض منتصف الشهر المقبل. وتسبب تأجيل شريحة القرض في أن تقفز تكلفة التأمين على الديون السيادية لأعلى مستوى في 17 شهراً، حيث أشارت بيانات وكالة “بلومبرج” إلى ارتفاع تكلفة التأمين على الديون السيادية لمدة خمس سنوات إلى 391 نقطة أساس خلال تداولات الخميس الماضي، وهو أعلى مستوى لها منذ يوليو 2017 بزيادة 75 نقطة أساس عن مستويات بداية العام. وعزت رئيسة قطاع البحوث في بنك الاستثمار “فاروس”، رضوى السويفي، هذه الزيادة إلى عدة عوامل جاء في مقدمتها تأخر صرف الشريحة الخاصة بقرض صندوق النقد الدولي، والتقارير حول مفاوضات بين الحكومة والصندوق لتأجيل بعض الأهداف الخاصة ببرنامج الإصلاح الاقتصادي، وفقا لنشرة “إنتربرايز”. وأضافت أنه ربما أثار إرجاء الشريحة مخاوف المستثمرين بشأن وتيرة الإصلاح الاقتصادي، لافتة إلى أن غموضًا بشأن المحادثات بين مصر والصندوق أو أي أسئلة بلا إجابات من شأنها رفع المخاطر من وجهة نظر المستثمر، وهو ما يتسبب في ارتفاع تكلفة التأمين على الديون السيادية في نهاية المطاف. ورغم ذلك، ترى السويفي أن نسبة الزيادة غير مقلقة مقارنة بمستويات بداية العام. وأشارت إلى أن العوامل الأخرى تتعلق بمخاطر الأسواق الناشئة وارتفاع قيمة الديون الخارجية في مصر، رغم تراجعها كنسبة إلى إجمالي الناتج المحلي، فضلا عن توقعات المؤسسات البحثية بضعف الجنيه وهو ما يؤثر على قيمة تلك الديون وتكلفة خدمتها. وتزايدت معدلات الفقر في مصر خلال حكم الانقلاب في السنوات الماضية، وبلغت ذروتها في العامين الأخيرين، رغم المؤشرات المعلنة من قبل النظام الحالي عن تحسن مستوى الاقتصاد، والتي تركز على مؤشرات أو عوامل لا يشعر بها المواطن العادي. وأكدت تقارير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وصول نسبة الفقراء تحت خط الفقر إلى 27.8 % بمعدل استهلاك 482 جنيها للفرد في الأسرة، حتى يتوفر له 3 احتياجات أساسية هي المسكن والمأكل والملبس، وباعتبار أن متوسط الأسرة في مصر 4.1 فرد، فإن الأسرة التي يقل دخلها عن 2000 جنيه شهريا تكون تحت خط الفقر، كاشفا وصول نسبة الفقر في محافظات الصعيد إلى أكثر من ال50% بينما تبلغ نسبة الفقر بمحافظة أسيوط 66%. ويتوقع أن يتم رفع خط الفقر إلى 800 جنيه للفرد الواحد في المسح الجديد للتعبئة العامة والإحصاء؛ بسبب زيادة معدلات التضخم والقرارات الاقتصادية الأخيرة، كرفع سعر الوقود ورفع الدعم عن العديد من السلع والخدمات، لذلك يتوقع ارتفاع نسبة الفقر إلى 35% على الأقل فى خط الفقر الجديد، وهذا الرقم يقل عن المعدل البنك الدولي البالغ 1024 جنيها طبقا لمتوسط سعر صرف الدولار كما سبق ذكره.