شهدت الساعات الماضية صراعا حول مكتبة “المستشرق”، للفنان الراحل حسن كامي والتي تضم نوادر الكتب التراثية والخرائط والتراجم وعددا من اللوحات الفنية العريقة، ومحاولات مستميتة من سلطة الانقلاب العسكرى بقيادة عبد الفتاح السيسي للاستيلاء على تراث المكتبة بعدما كشفت تقارير عن وجود خرائط ووثائق ومستندات خاصة بيهود مصر ونهر النيل وسيناء. وفجرت المستشارة هايدي فاروق، صديقة أسرة الفنان الراحل حسن كامي، مفاجأة حول مكتبة الفنان الراحل التي تضم تراثا وطنيا نادرا، مؤكدة أن أسرته لم تتمكن من دخول المكتبة، وتم منعها من قبل شخص يزعم أن الراحل باعها له، رغم أن كامي لم يقم بذلك. وأضافت خلال مداخلة هاتفية لبرنامج “رأي عام”، على قناة “تن”، أن أسرة الراحل لم تتمكن حتى الاَن من دخول فيلته بالمنصورية، علمًا بأن هناك 5 مخطوطات مهمة يجب أن تكون في يد دار الوثائق القومية، بجانب عدد من المقتنيات النادرة.
تاريخ اليهود ونهر النيل وتابعت “هايدي” أن أسرة الفنان ترغب وتفكر في إهداء جزء من كتب “المستشرق” إلى مكتبة الإسكندرية وبيع الجزء الآخر، موضحة أن المكتبة تحوي أمهات الكتب في التراث الإنساني، وذاكرة مصر عبر تاريخها، كما أن المكتبة تحوي المجلدات الخمسة للمؤرخ والعالم اليهودي سيسل روث، وتكاد تكون هذه المؤلفات اندثرت، واختفت من العالم أجمع، وأهميتها تنبع من الأسرار والوثائق الخاصة بمياه النيل وشبه جزيرة سيناء، والعهد الذي أخذ على رجال الدين في إثيوبيا بعدم إيذاء أهل مصر في منع المياه عنهم، وهذا العهد مع نبي الله “سليمان”. ولفتت إلى أن المكتبة تحتوي أيضًا مجموعة الخرائط الخاصة بحملة نابليون بونابرت، وأسهم بنكي مصر والأهلي، وعقود التأسيس الخاصة بهما، وعقود تأسيس ترام الإسكندرية، وإنشاء مصر الجديدة بالكامل، ومجموعة عقود التأسيس لشركة أراضي الدلتا، والتي بموجبها تم بيع أراضي المعادي بالمخالفة للقانون لأشخاص غير ذوي ثقة في خارج البلاد، وبناءً عليها تم رفع دعاوى قضائية ضد الدولة من اليهود، رغم أنها أراض تابعة للأوقاف. سر “المستشرق” تضم مكتبة الراحل كامي، نحو 40 ألف عنوان، منها كتب تكشف تاريخ اليهود في مصر، ولوحات فنية نادرة، يبلغ عمر بعضها أكثر من قرن ونصف، ويعود تاريخ تأسيس المكتبة إلى نهاية القرن التاسع عشر، على يد يهودي مصري يدعى “فيلدمان” لتكون مرجعًا لمستشرقي الغرب المهتمين، ومن هنا أطلق عليها اسم “المستشرق”، قبل أن يرحل عن مصر عقب العدوان الثلاثي عام 1956، وبقيت زوجة كامي تدير المكتبة حتى فارقت الحياة عام 2013. ومن بين مقتنيات المكتبة نسخة من بين ثلاثة حول العالم لكتاب “وصف مصر” القديم، التي يعود تاريخها إلى عام 1812م، أيضًا بها نسخة من مجموعة كتاب بروس عن “نهر النيل” والمكون من خمسة أجزاء، وهي التي كُتبت في القرن ال18، وهي من أروع الكتب التي كتبت عن نهر النيل لاحتوائها على أسرار مجهولة وخطيرة عن نهر النيل، إضافة إلى كتب الاستشراق الأولى، والأطالس النادرة وبعضًا من مقتنيات مكتبة “هاشيت” الفرنسية الشهيرة، والتي حرقت ودمرت في أعقاب الحرب العالمية الثانية. أمن قومي الأمر نفسه أكدته محامية شقيقة الفنان الراحل حسن كامى، وتدعى منى أحمد، التي اتهمت محاميه باستغلال شيخوخته، واصطحابه بمساعدة سائقه الخاص وإجباره على بيع كل ممتلكاته في الشهر العقاري. وتساءلت في مداخلة هاتفية مع برنامج “كل يوم” على قناة “أون أى”: هل يعقل أن شخصًا في سن ال81 عامًا يبيع الفيلا الخاصة به التي تبلغ قيمتها 17 مليون جنيه ومكتبته التي تضم وثائق وتاريخ يخص الأمن القومي وعددًا من الدول القريبة من مصر؟ وأشارت إلى أن عمرو رمضان، محامي أسرة الفنان الراحل، بدأ عمله مع “كامي” في 2018، ولم يحصل على توكيلات إلاً في بداية العام الجاري، مستنكرة شراءه كل هذه الممتلكات في وقت قصير جدًا، وطالبت بغلق المكتبة والفيلا لأن فيهما أوراقا مهمة ونياشين تخص الراحل حسن كامي. https://twitter.com/kandil_taher/status/1074747784283209734/photo/1 تهريب الوثائق والمخطوطات وطالب اللواء ممدوح الطنيخي، زوج شقيقة الفنان الراحل حسن كامي، وزارة الثقافة، بالتدخل وحماية مكتبة الراحل لحين البتّ فيما أثير حول بيع الراحل للمكتبة والفيلا قانونيًا. أما فرج يونان، مدير مكتبة “المستشرق” السابق، فأكد أن مقتنيات ومحتويات المكتبة فقط تتجاوز من 50 إلى 70 مليون جنيه، فبها خرائط لمصر يعود تاريخها إلى سنة 1600 م، وبها لوحات للرسام العالمي الإسكتلندي ديفيد روبرت يعود تاريخها لسنة 1839، بالإضافة إلى عدد كبير من لوحات نادرة لمستشرقين رسمت عن مصر وفلسطين وسوريا ومنطقة بلاد الشام بأكملها، بالإضافة إلى مجموعة نادرة تضم 13 خريطة عن حدود مصر منذ عام 1800 يقدر ثمن الواحدة منها ب30 ألف جنيه. وأوضح “يونان” أن المكتبة كان لها زبائن من السفراء والأجانب، وأنها تضم لوحة افتتاح قناة السويس، وكانت معروضة للبيع ب40 ألف جنيه في وقت سابق، بالإضافة إلى عدة لوحات أيضًا ل”ديفيد روبرت” مرسومة على ورق أرز وصممت في اليابان يعود أصلها إلى عام 1902، وهي مجموعة نادرة للغاية عددها 32 لوحة، ويقدر ثمن اللوحة الواحدة منها ب70 ألف جنيه. اهتمام مسئولي الانقلاب ووسط هذا التضارب والتقارير، بدأ مسئولو الانقلاب في زيادة الاهتمام بالمكتبة، وقام رئيس لجنة الثقافة والإعلام والآثار ببرلمان السيسي، أسامة هيكل، بمطالبة ورثة الفنان الراحل كامي بالتبرع بمكتبة المستشرق لمكتبة الإسكندرية أو دار الكتب؛ بهدف الحفاظ عليها وعلى النوادر التي فيها، وأكد أن “الورثة هم أصحاب القرار في التبرع بها من عدمه، وليس قرار أحد في الدولة”. أما النائب وعضو لجنة الثقافة والإعلام بمجلس نواب العسكر، يوسف القعيد، فقد ادعى أن الكتب واللوحات النادرة التي يمتلكها الفنان الراحل في مكتبته، هي ملك للدولة، وليست ملكًا للفنان وورثته، وبالتالي لا بد أن تسارع الدولة وتتدخل في أي سياق للاستفادة من هذه الكتب والنوادر”. من جانبه تقدم المحامي أيمن محفوظ، ببلاغ جديد للنائب العام، ضد ورثة الفنان حسن كامي، ومحاميه عمرو رمضان، طالب فيه بأن تؤول مخطوطات المكتبة إلى الدولة، مع إمكانية التعويض المناسب لأصحاب هذا الحق.