الإعلام أول الأسلحة التي يسعى العسكر إلى تجريد معارضيهم منه منذ إعلان الانقلاب؛ وذلك لإدراكهم أهمية الدعاية في إنجاح الانقلاب. وبعد فترة احتباس إجباري، خرج توفيق عكاشة “العكش” مطلاً برأسه على قناة الحياة فى برنامج مخابراتي أطلق عليه” مصر اليوم” بعد طرده من قناة “العاصمة”، حيث ظهر عكاشة وهو يتحدث في بعض القضايا ويمسك بعصا وهو يشير إلى سبورة “وايت بورد”، متقمصًا دور المحلل والناقد والسياسي على طريقة “إعلام المصاطب”. يمكن القول إن الظهور الأول لعكاشة، لم يف إطلاقًا بمعرفة مبررات عودته والسر الحقيقي لاختيار التوقيت، وهل سيلحق بإبراهيم عيسى ومحمود سعد في تقديم مواضيع “لايت” لا علاقة لها بالاشتباك المباشر مع الأحداث السياسية، أم سيواصل تخاريفه السياسية. “العكش” ارتبط اسمه بقناة الفراعين التى صال وجال فيها بعد انتهاء دوره وإغلاق القناة، ثم عاد البث مرة أخرى في ذكرى انقلاب يونيو، قبل أن تلقى قوات الشرطة القبض عليه، منتصف مايو 2016 في منطقة العجوزة، لتنفيذ حكم قضائي صادر ضده. حيث صدر ضده حكم بالحبس لمدة سنة لاتهامه بتزوير شهادة الدكتوراه. وكشفت التحقيقات عن أن عكاشة اشترى وزوّر شهادة دكتوراه منسوبة لجامعة أمريكية غير معتمدة، وغير موجودة فى مصر، وغير مقيد بها، كما أكدت خطابات المجلس الأعلى للجامعات آنذاك. تربية البهايم ولم يخجل “عكاشة” من حديثه الذى يصفه بأنه تلقائي وابن بلد، حيث إنه دائم الحديث عن “فلاحته” وعرقه الريفي، ويزعم أن تربية المواشي هي هوايته المفضلة، مضيفًا: “هوايتي تربية البهايم.. وبلبس جلابية لوحدي من غير ستايلست”. ورغم اعتزاز “العكش” بتربية البهايم”، إلا أنه بدا مستخفًا بالمواطن المصري والعربي، بعد أن قال إن “العِرق العربي في الحيوان أفضل كثيرًا من نظيره في الإنسان”، مضيفا أن “الحيوان العربي يلقى احترام العالم أجمع على عكس الإنسان”. طرد ووقف واستبعاد وشهدت الأشهر الماضية سلسلة من المستبعدين من الإعلاميين والصحفيين، وكان من أبرز تلك الأذرع لميس الحديدي التي تمت الإطاحة بها من قناة "سي بي سي"، ويوسف الحسيني، كما شملت قائمة الاستغناءات "أماني الخياط"، حيث قرر إعلام المصريين في مايو الماضي إيقاف برنامجها "بين السطور". وشملت القائمة معتز عبد الفتاح، والذي تم الاستغناء عنه منتصف أبريل الماضي من قناة ON live، و"تامر عبد المنعم" والذي توقف عن الظهور على قناة "العاصمة" من خلال برنامجه "العاصمة" مع تعيين ياسر سليم رئيسا لمجلس إدارة القناة، بالإضافة إلى توقف برنامج "خالد أبو بكر" والذي كان قد تعاقد مع شركة "تواصل" المالكة لشبكة تلفزيون "الحياة" للمشاركة في تقديم برنامج "الحياة اليوم" مع تامر أمين، في 10 مارس الماضي، إلا أنه مع تعيين ياسر سليم رئيسًا لمجلس الإدارة للشبكة، تقرر إيقاف البرنامج والاستغناء عنه. وضمت القائمة "رانيا بدوي" التي توقف ظهورها على الشاشة منذ أن أقالتها شبكة ON، بعد حلقة واحدة شاركت فيها في برنامج "كل يوم"، إلى جانب مقدمه عمرو أديب، وذلك بعدما هاجمت داليا خورشيد، وزيرة استثمار الانقلاب آنذاك، ووصفتها بأنها أسوأ وزيرة في مصر، بالإضافة إلى "خالد صلاح" والذي لم يقدم أي برامج منذ أن أعلنت شبكة تلفزيون "النهار" عن عدم تجديد تعاقدها معه، في يناير الماضي. عودة عبر “يوتيوب” وقبل الاختفاء وبعد سلسلة من تنظيف الحمام الإعلامي الانقلابي الذى نفّذه المنقلب عبد الفتاح السيسي فى زمرة الإعلاميين والصحفيين، منهم “عمرو أديب ولميس الحديدى وخيرى رمضان ووائل الإبراشى (قبل أن يعود)، لم يجد السيسي بُدا من عودة تدريجية لتوفيق عكاشة، حيث أطل عكاشة لجمهوره بعد أكثر من عامين على الغياب، عبر “يوتيوب”. إلا أن “النيولوك” كان مغامرة فاشلة لم تستقطب جمهوره من كبار السن والمغيبين الذين لا يحسنون الدخول على مواقع الإنترنت والسوشيال ميديا، فكتب لها الفشل الكبير. الباحث الإعلامى والأكاديمي خالد عبد الرحيم قال: إن “دخول توفيق عكاشة كلاعب أساسي فى الإعلام دليل على فشل تام لمن يحكم مصر ومن يدير ملف الإعلام والصحافة والصحفيين وماسبيرو”. وأضاف، في تصريح له، “كون تواجد توفيق عكاشة فهو بلا شك له ذوق خاص وفئة معينة من الجمهور لا يستطيع أحد إنكارها”. ويكمل “تابعت على فترات تواجد “عكاشة” فى برنامجه الجديد “مصر اليوم” لكنه أبعد إلى مستوى ثقافة المواطن الذى كان يحدث وجذبه إلى فوضى ما بعد ذلك عرفت باسم ثورة 30 يونيو”. مردفًا “قد تكون تلك طبيعة المرحلة الحالية للدولة المصرية المتهالكة”. مناورة فاشلة الناشطة صفاء عبد الصمد علّقت على الظهور غير الواقعي لعكاشة طوال الأسابيع الماضية، وقالت: “أبرز ملاحظات دخول الإعلامي “توفيق” لبوابة القنوات الفضائية مرة أخرى.. خلو الساحة من المثقفين والنقاد وأصحاب الرأي، وهو بلا شك يريد أن يلعب جميع الأدوار فى نفس الوقت”. وتضيف: “يكفينا اهتراء العقول وفوضى المواقف، جميع الأمور تم إيضاحها وظهرت بوادر العفن فى المحطات والمذيعين، كلنا فهمنا الحقيقة ولا نريد أن نرى غيرها”. رأس السيسي وأفسحت سيطرة المخابرات على القنوات المحلية والفضائيات الساحة لمن يرغب فى التطبيل، حيث كشفت التقارير الرسمية أنها تأتي ضمن سياسة العسكر للسيطرة على كافة الصحف والقنوات والمواقع الإلكترونية؛ حتى لا يكون هناك صوت فوق صوتهم، وكان آخر مظاهر تلك السيطرة استحواذ المخابرات على قناة CBC، والتي لم تكن الأولى من نوعها، بل سبقه استحواذها على شبكة تلفزيون "الحياة"؛ وتضم مجموعة “إعلام المصريين” فى مجال الفضائيات شبكة قنوات ON، والتي تضم قنوات ON E وON Live و ON Sport، و ON Drama. ولم يتبق على الساحة سوى “توفيق عكاشة” وبقايا “وائل الإبراشي”، فضلا عن أكاذيب المخبر الإعلامي أحمد موسى بعد ابتعاد عمرو أديب عن الساحة الإعلامية التي كانت في حوزة المخابرات.