دائما ما يتحدث قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي عن الفقر في مصر، حتى أنه وصف مصر وشعبها حينما تألم الفقراء من ارتفاع الأسعار ورفع الدعم عن الغلابة، وقال السيسي وقتها: ” ماحدش قالكم احنا فقرا أوي”، ثم تجهم السيسي واتكأ على ذراعه وضغط على ضرسه، مجددا الكلمة بنبرة أشد غضبا: ” احنا فقرا أوي”، في الوقت الذي أصبح السيسي يتاجر بهذا الفقر في طرح مبرراته لرفع الأسعار في كل موجة من موجات الغضب والناتقام المتوالية ضد الشعب المصري، ولا يعد السيسي سوى بمزيد من هذا الفقر، ولا يطالب إلا بمزيد من التحمل من أجل مصر التي يرتع هو ونظامه فقط في خيرها. وعلق خبراء اقتصاد على ارتفاع نسبة الفقراء في مصر، بعد الضربات المتتالية التي أوجعت ظهر الغلابة، ومن خلال رفع الدعم، ورفع الأسعار بشكل عجز عنه أغلب المصريين عن تلبية احتياجاتهم المعيشية، كما فسروا امتناع حكومة الانقلاب عن إعلان نسبة الفقر الجديدة في مصر، على الرغم من مرور ثلاث سنوات على آخر إحصاء للفقر والذي بلغ وقتها 27.8% ما يعني وجود 30 مليون فقير. ووفقًا لتقدير الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، لإحصائيات عام 2015، فإن نحو 28% من الشعب المصري لا يستطيع الوفاء باحتياجاته الأساسية من الغذاء وغير الغذاء، ورغم تلك الإحصائيات الرسمية إلا أن المواطن المصري دائمًا ما يجد نفسه أمام مطالبات مستمرة بالتقشف من جانب الرئيس والوزراء والبرلمان وحتى الإعلام. ومع ذلك يصر السيسي على مطالبة الغلابة بمزيد من الفقر والصبر، وعدم الشكوى تعبيرًا عن حب مصر والتضحية من أجلها، حتى أنه يزعم أنه فقير مثل بقية الشعب، ومن قبل ضرب السيسي بنفسه مثلًا على تحمّل الفقر حين قال إن ثلاجته ظلت فارغة إلا من المياه لعشر سنوات «ومحدش سمع صوتي» . ويقول الباحث الاقتصادي في مركز كارنيجي، وائل جمال، “الخبراء في الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، التابع للحكومة، أشاروا إلى أنه ربما ارتفع معدل الفقر إلى 35 % في العام 2017، بعدما كان 27.8 % في العام 2015، قبل بدء برنامج صندوق النقد الدولي، وحتى بعد تحديث خط الفقر الوطني نسبةً إلى التضخم. وأضاف جمال خلال مقاله تحت عنوان “ربما يتحسن الاقتصاد المصري، لكن هذا التحسن ليس بشكل مستدام”، إنه بما أن التقييم كان أوّلياً، قد يكون مستوى الفقر أعلى. ومن المرتقب فرض مزيد من الإجراءات التقشفية، وفقاً لمندرجات المرحلة الرابعة من البرنامج، ما يحمل في طياته خطر تدهور الأمور أكثر بالنسبة إلى المصريين المستضعفين وذوي الدخل المتدنّي. فيما أوضح الخبير الاقتصادي، محمود وهبة، أن غياب إحصاء نسبة الفقر في مصر “متعمد، فآخر إحصاء عن نسبة الفقر كانت عن عام 2015، ومنذ ذلك الوقت لم يقم الجهاز الرمركزي للإحصاء بتحديث النسبة القديمة. Image processed by CodeCarvings Piczard ### FREE Community Edition ### on 2017-01-08 22:22:46Z | | وأشار إلى أن تقدير عدد الفقراء يختلف حسب تعريف حد الفقر، فمصر تعرف حد الفقر بمبلغ ضئيل حوالي ثلث التعريف العالمي وهو 1.9 دولار في اليوم، وبناء عليه فخط الفقر العالمي هو مبلغ 1014 جنيها في الشهر، وليس 482 جنيها كما تحسبه مصر، ولو استخدمت هذا التعريف فغالبا فإن 80– 90% من المصريين فقراء”، مضيفا: “ولا شك لدي أن الوضع أسوأ حتى من أرقامي التقريبية. وعزا سبب عدم إفصاح الحكومة عن النسبة الحقيقية للفقر إلى الحفاظ على أكذوبة نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي المزعوم، والذي أسقط نسبة كبيرة من المصريين في مستنقع الفقر، وأنحى باللائمة على البنك الدولي، “الذي لا يزال يعتمد على أرقام الحكومة المصرية، فهم أيضا لا يريدون الاعتراف بفشل برنامج صندوق النقد ويشاركون في الكذبة”. وتُشير إحصاءات المركزى للتعبئة والإحصاء إلى أن نحو 5.3٪ من السكان يعيشون تحت خط الفقر المدقع مقارنة ب 4.4٪ فى العام 2012، بما يُقارب 4.7 مليون مواطن مصري، حيث يبلُغ متوسط دخل الفرد فى هذه الفئة 322 جنيها شهريًا، فى حين؛ أن الحكومة توفر الحماية الاجتماعية لنحو 2.2 مليون مواطن فقط من خلال برنامج الدعم النقدي؛ تكافل وكرامة. وقال الباحث الاقتصادي، عبدالحافظ الصاوي، إنه من المفترض أن يعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء تقريره عن الدخل والإنفاق في 2017 باعتبار أن أخر هذه التقارير صدر في 2015، وهو تقرير دوري يصدر كل عامين، ولكن نظرا لقرار الحكومة بتعويم الجنيه في نوفمبر 2016، وما ترتب عليه من انخفاض قيمة الجنيه، وارتفاعات كبيرة في نسبة التضخم التي وصلت إلى 34% في يوليو2017 ارتأت الحكومة عدم الإفراج عن هذا التقرير. وأكد أن الإعلان عن النسبة الجديدة سيكشف عن معدلات الفقر بما لا تهوى حكومة السيسي، التي تتشدق ببرنامجها الاقتصادي”، مشيرا إلى أن “معدلات الفقر كانت في آخر تقديراتها الرسمية عند حوالي 28%، ولكن بعد تخفيض قيمة الجنيه فإن الحديث عن ثبات تلك النسبة هو ضرب من التضليل. وأضاف أن الحديث عن بلوغها نحو 35% وفق بعض الدراسات كالتي وردت في مركز كارنيجي، فإنها مبنية على بعض التقديرات وليس على مسوحات بالعينة التي يقوم بها مركز الإحصاء، موضحا أن مظاهر الفقر بادية في المجتمع المصري خاصة في شريحة الفقراء أو طبقة محدودي الدخل، ومعظم الطبقة المتوسطى. وقارن الدكتور مدحت نافع، خبير اقتصادي، بين؛ ارتفاع مُعدلات الفقر وارتفاع مُعدلات الفقر المصحوبة بزيادة مظاهر الفقر المدقع، التى لم تكن موجودة فى مصر بنسب مُرتفعة كما الوضع الحالي. وأوضح نافع: «نسب الفقر كانت ولا زالت موجودة بأرقام كبيرة، لكن مظاهر الفقر المدقع الحالية لم تكن موجودة من قبل بهذا الشكل الضخم، فالآن يلجأ عدد كبير من المواطنين لشراء بواقى الطعام والدواء والملابس لسد احتياجاتهم نتيجة للدخول المتدنية والبطالة، ويتجلى أيضًا الأمر فى أعداد من يتهافتون على أموال الزكاة والصدقات والتبرعات الكبيرة». وحذر من خطورة الوضع بالنسبة لمن هم على حواف الفقر المدقع، مضيفا أن الإحصاءات الرسمية تُشير إلى أن ثلث عدد سُكان مصر تحت الفقر، لكن؛ المُرشحين للانزلاق تحت خط الفقر نسبة أكبر، وهذا يعني؛ أن أى تغيير عنيف فى مستويات الدخول ربما يدفع نسبة كبيرة من عدد السُكان إلى خط الفقر لتُضاف إلى صفوف المطحونين.