من يظن أن الحروب الصليبية الصهيونية الاستعمارية على مصر قد انتهت بتوقيع معاهدة الاستسلام "كامب ديفيد" فليراجع إذن مصادر معلوماته التي بنى عليها قناعته، حيث يرى قطاع كبير من المراقبين والسياسيين أن انقلاب ال 30 من يونيو 2013، لم يكن إلا حلقة مكشوفة من سلسلة حلقات هذه الحروب.. وللأسف ربحتها تل أبيب. وعلى سبيل المثال في عام 2016؛ تميزت علاقات قائد الانقلاب السفيه عبد الفتاح السيسي، ورئيس وزراء العدو الصهيوني بنيامين نتياهو؛ بالود وتبادل الغزل، ووقف السفيه إلى جانب "إسرائيل" وآزرها في المحافل الدولية. وفي 28 فبراير من نفس العام؛ كشفت القناة الإسرائيلية العاشرة، النقاب عن أن السفيه السيسي يتحدث بشكل دوري مرة كل أسبوعين مع نتنياهو، وأن الأول التقى سفير الاحتلال بالقاهرة حاييم كورين عدة مرات، وأن التعاون الأمني بين العسكر واليهود يزداد قوة وكثافة. السيسي يدلع إسرائيل! وبدت في عام 2017 اتفاقية بيع الغاز الفلسطيني المسروق لمصر القمة الواضحة لجبل جليدي اسمه علاقات جنرالات الانقلاب ب"إسرائيل"، وتبدو تحت قمة هذا الجبل جوانب خفية في العلاقة تكشفت في جانب منها في حديث السفيه السيسي لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية التي قال فيها إن "العلاقات المصرية الإسرائيلية هي في أحسن حالاتها اليوم". كما تبدت بجهود حثيثة بذلها اللوبي الصهيوني في الولاياتالمتحدة لحمل واشنطن على عدم إطالة أمد تجميد الزكاة والصدقات التي تمنحها للعسكر منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد، أيام الرئيس السادات لنظام السفيه السيسي بعد انقلابه في 3 يوليو 2013 على الرئيس محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب للبلاد. ويوجد اعتقاد سائد الآن لدى السفيه السيسي وحلفائه في تل أبيب، أنه يجب تكرار تجربة الدعم السياسي المطلق لنظام ما بعد انقلاب الثالث من يوليو، وذلك على المستوى الاقتصادي بعد المعاناة المستمرة التي دخل فيها جنرالات الخراب اقتصاديًا، رغم الدعم الخليجي الذي بدأ يتلاشى مع مرور الوقت. وكان كيان العدو الصهيوني ولا زال حائط سد سياسي منيع حمى انقلاب السفيه السيسي من عدة عواصف، عقب انقلابه العسكري على أول رئيس مدني منتخب في مصر، حتى استقرت أمور هذا الانقلاب إقليميًا ودوليًا، وأقنعت تل أبيب العالم بجدوى بقاء انقلاب قمعي متوحش في مصر، في مقابل فواتير أخرى غير مضمونة العواقب قد تدفعها المنطقة مقابل التخلي عنه أو تركه يسقط تحت أقدام ثورة الشعب. لكن جناح الدعم الاقتصادي في انقلاب السفيه السيسي لم يسر بنفس كفاءة الدعم السياسي، لعدة عوامل لعل أهمها نابع من فشل جنرالات الانقلاب، وعشقهم للنهب والسلب وتكديس المليارات في بنوك العالم، وليس من العواصم الخليجية التي أنفقت قرابة 60 مليار دولار على انقلاب السفيه السيسي وفق بعض التقديرات، والتي لم تنقذ الانقلاب من الغضب الشعبي بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية المستمر يومًا بعد يوم. الانقلاب كنز صهيوني تقول مريم الكعبي، الكاتبة والناقدة الإعلامية الإماراتية: "الحرب على مصر ليست حرباً وليدة اليوم ولا هي حرب انتهت بتوقيع معاهدة السلام بل أنني أرى أن معاهدة السلام مع إسرائيل كانت بداية كل الحروب على مصر: الاقتصادية والثقافية والسياسية والإعلامية .مصر تواجه حرباً حقيقية لأن قدرها أن تكون مصر". وكشفت صحيفة هأرتس الصهيونية أن أحد أهم نتائج الانقلاب العسكري في مصر هو تقوية الروابط بين القاهرة وتل أبيب، وأكدت في مقال نشرته للكاتب عاموس هاريل أنه من الصعب تجاهل حقيقة أن الإسرائيليين وسلطات الانقلاب العسكري في مصر يتشاركان -ليس فقط- تعاون تكتيكي مؤقت وإنما تقاطع للمصالح الإستراتيجية. وتابع الكاتب قائلا أنه من الصعب توقع ما سيحدث في مصر خلال الأشهر القليلة المقبلة نظرا للتفاعلات التي تستمر في الحدوث منذ بداية العام 2011، إلا أنه يعود فيؤكد أنه على المدى القصير فأمن إسرائيل على حدودها الجنوبية والغربية قد تغير للأفضل بعد الانقلاب العسكري. وتؤكد الصحيفة الصهيونية أن كيان الاحتلال قام بجهود مضنية في واشنطن وعند دوائر صنع القرار في الولاياتالمتحدة كي تتجنب واشنطن وصف ما حدث في 30 يونيو 2013 بالانقلاب العسكري، وهو ما يعني حسب القانون الأمريكي أن توقف أمريكا الدعم الذي ترسله لجنرالات كامب ديفيد كون حكومتهم حكومة انقلاب عسكري. وقال الكاتب أن الجنرالات في مصر ومن بينهم السفيه السيسي منفذ الانقلاب العسكري ضد الرئيس مرسي علموا كيف يقدمون عرفانهم للإسرائيليين، وكانت تل أبيب سعيدة بالثمن الذي كان عمليات للجيش في سيناء وعلى الحدود مع غزة. ويعاني أهالي سيناء ظروفا معيشية صعبة للغاية، فالقمع والقتل والقصف والتهجير الذي يقوم به الجيش بدعم من طائرات إسرائيلية بدون طيار، أنهى كل مظاهر الحياة في هذه البقعة التي تصدر بحق أهلها أوامر أمريكية بالتهجير وفق بنود ما يسمى ب"اتفاق القرن"، وهو ما تسبّب في خسائر كبيرة للأهالي. ويقول مصدر سيناوي ل "الحرية والعدالة"، إن أهالي سيناء باتوا لا يدركون متى يأتي الفرج، فالأرزاق ضاقت بفعل تعامل الجيش وحظر التجوال، ويضيف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه خوفاً من ملاحقات أمنية، أن "الجيش يضع الأهالي في خانة الأعداء له من دون معرفة السبب، فهل هو يعاقبنا على فشله؟". فيما يقول الكاتب الصحفي عبد الباري عطوان، رئيس تحرير القدس العربي السابق:" ما تفعله السلطات المصرية بأهلنا في قطاع غزة من حصار، وتجويع، يرتقي إلى مستوى العقوبات الجماعية، وهو أمر مشين لتسعين مليون مصري وللعرب والمسلمين جميعا، ويسيء لمصر". مضيفا:" لا نفهم أسباب هذه القسوة والتلذذ بممارستها، ولا يمكن أن نتفهمها أو نجد لها مبررا، خاصة عندما تأتي من أشقاء، أي أشقاء، وفي حق أناس عرب ومسلمين يعانون تحت الاحتلال، وغارات جوية إسرائيلية متواصلة، وعمليات اغتيال لرجال المقاومة الذين يذودون عن الكرامة العربية بأرواحهم ودمائهم".