ليس من الفروسية أو من شيم الفرسان أن يستأسد البعض ويستعرضون قدراتهم التنظيرية النظرية في الهجوم على الإخوان في لحظات استهدافهم بالتشنيع والتدليس والاعتقال والتعذيب والقتل والحرق أحياء. من كانت يداه تقبضان على جمرة السلطة طيلة عام ليس كمن يداه في مياه الدعة والرفاهية ومقاعد البحث والصحافة المكيفة هناك وهنا. ثمة منهج تقويمي أو تقييمي ينطلق من النسبية والمقارنات العلمية. لم يكن في القوى السياسية التي دخلت البرلمان المغدور شخصاً يضارع الأستاذ الدكتور البرلماني سعد الكتاتني. لم يكن في مصر أمهر من د. باسم عوده للتموين. لم يكن منطقياً أن يستمر شيوعي أو يساري سابق كجودة عبد الخالق في منصب فشل فيه تحت قيادة المجلس العسكري السابق. قابلت وزير التعليم ولم يكن إخوانياً منظماً وكان إلى جانبه وذراعه الأيمن وكيل أول وزارة من أعلم أساتذة التربية في جامعات مصر. لا يجب علمياً أن نطالب الإخوان بصواب وكمال بلا أخطاء أو نقصان. احذفوا لفظ "الإخوان"، وضعوا "القومجية" أو اليسار أو الوفد أو الاشتراكيين الثوريين أو أو أو. نتائج عام واحد من مسك جمر السلطة كان من المؤكد أن يثبت أنهم في مثل "سوء" أو أخطاء الإخوان مضروبة في عشرين ثلاثين مرة. هذا ليس تبريراً بقدر ما هو استقراء منطقي شبه متجرد. لا أظن أن الأحزاب والتيارات المذكورة تملك من كفاءات السياسة والاقتصاد والطب والتعليم أكثر من الإخوان. عرفت شخصياً وتناقشت في قضايا الإعلام مثلاً مع بعض جهابذة القومجية واليسار والليبراليين، فلم أجد أن شباب إعلاميي الإخوان بأقل فهماً أو استعداداً للعمل الإعلامي المهني. أسوأ النماذج الإسلامية من الإخوان وخارج دائرتهم كانوا أقل سوءا من رموز إعلامية قومجية أو أمنجية أو يسار. وأخيراً أناشد باحثي السياسة بالذات أن يبحثوا في كم ونوع ووزن وتأثير الخطط التآمرية والعراقيل التي وضعتها في وجه سلطة الإخوان القصيرة العمر، جهات كالمخابرتين العامة والحربية وجهاز الشرطة بأمنه "الوطني"، ودوائر رجال أعمال النهب المباركيين، وطبعا العم سام وبنو صهيون. صنف من المتحذلقين يمر على الحركة الإسلامية في بعض أوقات ريعانها شباب تصل نسبة ذكاء بعضهم إلى مستوى العبقرية. تفرح الحركة في مستوياتها الميدانية المحلية أن أعزها الله بهذا الذكاء والعبقرية. يصعد الأخ أو الأخت تدريجياً (أو لا يصعد) ولكن تظل العيون الحركية عليه. ويستشعر هو نفسه عجباً وفخراً. يحدث نفسه: لقد قدمت اقتراحاً لم يسبقني إليه أحد، لقد انفرجت أسارير القيادي فلان لما سمع ما قلت، لقد هزمت رأي القيادي فلان في النقاش، لقد همس عدد من الإخوة مشجعين اقتراحي المرفوض من القيادة. شعاب تونس كتب باحث مولع بتخطئة الإخوان في كل قراراتهم أنه كان الأولى بهم أن ينزلوا كحركة النهضة على ما تطالب به المعارضة التونسية. وأقول له ولغيره: إن أهل النهضة في تونس مثلهم مثل أهل مكة، أدرى بشعابها ومعارضيها. كان عباس العقاد والمستشار المأمون الهضيبي رحمهما الله يقولان ما معناه أن هناك مواقف أو قضايا لا يستطيع أحد أن يقطع بصوابها أو خطئها المطلق. لو فشلت النهضة سيخرج أناس يعيرونهم بأن النموذج المصري كان الأولى بالاتباع. المحك هو التشاور والشورى في عملية صنع القرار. حدث شيء من ذلك حتى في زمن النبي صلى الله عليه وسلم. إذا صدر قرار شوري ثم ثبت خطؤه لاحقاً فلا نتلاوم ونقدح ونسفه ونعاير. ومن العيب أن يفخر البعض بصواب ما كان نصح به الباقين الجهلة أو الأغبياء أو من لم ينزلوا على النصيحة العبقرية.