لم يكن العالم يعرف شيئا عن السفيه عبد الفتاح السيسي قبل أن يثق فيه الرئيس محمد مرسي ويختاره وزيرا للدفاع، خلفا للمشير محمد حسين طنطاوي والذي تمت إقالته عقب حادث رفح الذي أودى بحياة 17 جنديا مصريا في أغسطس 2012، حيث تمت ترقيته "استثنائيا" إلى رتبة فريق أول، وهو أول قائد للجيش المصري لم يخض أية معارك عسكرية. وبحسب مراقبين ربما يكون الرئيس مرسي قد أراد قائدا أصغر سنا؛ للحد من نفوذ العسكريين الكبار – القماشة المتسخة- الذين عملوا مع مبارك قبل الثورة واستمروا بعده، ويحتمل أن ما يعرف عن السفيه السيسي من تدين لاقى استحسان الرئيس مرسي. وبحسب المخطط الصهيوني الأمريكي، ظل السفيه السيسي بعيدا عن التدخل في الأمور السياسية لعدة أشهر، وصب اهتمامه على إعادة الانضباط داخل صفوف القوات المسلحة، والانشغال بتدريب الجيش، وتعرض السفيه السيسي بعد تعيينه وزيرا للدفاع لانتقادات واسعة من القوى المعارضة لحكم الرئيس مرسي، والتي زعمت أنه يعمل على "أخونة" الجيش، ولم تتبدد تلك الشكوك إلا بعد قيادته للانقلاب على الرئيس مرسي. اعتقال السيسي وقبل الغدر بالرئيس مرسي بأكثر من أسبوع وتحديداً في السادس والعشرين من يوليو 2013، انتشر الجيش منذ الفجر في كل الأماكن الحيوية بالبلاد وفرض سيطرته على الأرض، وقالت شخصية عسكرية مقربة من السفيه السيسي، إن السبب وراء تحرك الجيش من دون علم الرئيس هو أنه كانت لدى القوات المسلحة معلومات عن نية حكومة الرئيس مرسي اعتقال السفيه السيسي شخصياً ومعه شخصيات سياسية وإعلامية، تحرض على الانقلاب، فكان لابد من استباق تحركهم. وأمهل السفيه السيسي الرئيس مرسي أسبوعا لتقديم تنازلات للمعارضة التي تدعمها السعودية والإمارات، وأطلقت المخابرات الحربية حركة تمرد لتقود احتجاجات في 30 يونيو عام 2013 ضد الرئيس مرسي بعد عام من حكمه للبلاد، وكشر السفيه السيسي عن أنيابه الصهيونية، وأصدر بيانا عن القوات المسلحة يحذر من أن الجيش لا يمكن أن يتجاهل مطالب الشعب، وأمهل الرئيس المنتخب مهلة 48 ساعة لتلبية تلك المطالب. وفي الثالث من يوليو، ألقى السفيه السيسي بيانا بحضور عدد من قادة المعارضة وشيخ الأزهر وبابا الأقباط الأرثوذكس، أعلن فيه ما أسماه ب"خارطة الطريق" والتي تم بموجبها الانقلاب على أول رئيس منتخب في تاريخ مصر وتعطيل العمل بالدستور وتعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا "طرطورا" مؤقتا للبلاد. وفي 26 يوليو، طلب السفيه السيسي من المصريين النزول إلى الشوارع لإعطائه "تفويضاً وأمراً لمواجهة الإرهاب المحتمل"، وبعدها ارتكب مجازر في صفوف معارضي الانقلاب كان أكبرها فض اعتصامي رابعة والنهضة التي راح ضحيتها آلاف المتظاهرين. الجنرال الكاذب وبعد الانقلاب منح السفيه السيسي لنفسه عدة مناصب، كان أولها منصب النائب الأول لرئيس الوزراء بجانب وزارة الدفاع، وبالرغم من قسمه أكثر من مرة أنه غير طامع في أي منصب إلا أن تسجيلات مسربة له أكدت شهوته للسلطة، وأنه كان يحلم بحكم مصر منذ ثلاثين عاما، وفي ندوة للقوات المسلحة سابقة قال إنه مستعد للترشح للرئاسة، لكن يجب أن يكون ذلك "بطلب من الشعب وبتفويض من جيشي". وفي الذكرى الثالثة للثورة يوم الخامس والعشرين من يناير 2014، خرجت حشود من الجيش والشرطة وآلاف البلطجية المؤيدين للانقلاب ومعهم عدد كبير من المسيحيين بأوامر من البابا تواضروس، إلى ميدان التحرير يطالبون السفيه السيسي بالترشح، فيما كانت قوات الجيش والشرطة تقتل معارضي الانقلاب على بعد أمتار قليلة من الميدان وتمنعهم من الاحتجاج، وخرجت وسائل الإعلام لتزعم أن جموع الشعب تريد السفيه السيسي رئيسا لمصر، وأنه لا بديل له لإنقاذ البلاد من الانهيار. ثم اجتمع المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومنحه موافقته على الترشح في الانتخابات استجابة "لرغبة الجماهير العريضة من شعب مصر"! وبعدها بيوم أدخل عدلي منصور – الطرطور المؤقت- تعديلا على خارطة الطريق، قدم بموجبه إجراء مسرحية الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية، في خطوة قال مراقبون إنها تهدف إلى استيلاء السفيه السيسي وقتها على الرئاسة سريعا لإحكام قبضته على السلطة بشكل كامل. وفي اليوم التالي تمت ترقية السفيه السيسي إلى رتبة مشير ليصبح تاسع ضابط مصري يحظي بهذه الرتبة الأعلى في القوات المسلحة، وهي الترقية الثانية التي يحصل عليها خلال أقل من 18 شهراً، واعتبر خبراء عسكريون قرار ترقيته بداية لترشحه لمسرحية الرئاسة، وكما كان متوقعاً حينها فاز السفيه بسهولة، وسط دعم مؤسسات الدولة العسكرية العميقة له، وترهيب الأمن لمعارضي الانقلاب، وأعاد الانقلاب إلى مصر عهود القمع والقتل والاعتقال.