في ازدواجية وإجرام منقطع النظير، وتآمر مع سبق الإصرار والخيانة لتدمير الفلاح المصري والزراعة وضرب الأمن الغذائي المصري في مقتل، صرح اليوم مسئول بوزارة التموين في حكومة الانقلاب بأنه تم رفض ما يقرب من 25 ألفا و890 طنا من القمح من الموردين المحللين لاحتوائها على شوائب وأتربه، منذ فتح باب التوريد في نصف أبريل الماضي وحتى شهر يونيو الجاري، وذلك بالرغم من أن حكومة الانقلاب فتحت باب استيراد القمح الروسي المصاب بالإرجوات، بعد أن قضت المحكمة الإدارية العليا بالسماح باستيراد شحنات القمح التي تحتوي على نسبة من فطر "الإرجوت"، رغم خطورته الصحية على الشعب المصري، وكذا التربة المصرية. وسبق أن أصدرت حكومة الانقلاب قرارات مشابهة، تستهدف من ورائها تدمير الفلاح المصري، مثل خفض سعر تسلم القطن المصري من الفلاح، وتوسيع الاعتماد على المستورد؛ ما اضطر كثيرًا من الفلاحين لحرق محصولهم بالمزارع..لتدني سعر توريده للجمعيات الزراعية عن تكلفة حصاده. وبلا مسئولية تفتح الحكومة باب الاستيراد أمام المحاصيل المنتجة محليا خلال موسم حصادها، مما يضرب المنتج المحلي في مقتل، بالرغم من ارتفاع أسعار الأسمدة والتقاوي والمبيدات الزراعية والوقود، ما يتسبب بخسائر فادخة للفلاح المصري، الذي بات طريقه نحو زراعة أرضه معبد بالأزمات والمشاكل. ومن المتوقع وفقًا لتقرير شركة "ميست" المتخصصة في معلومات السلع، أن تستورد مصر نحو 12 مليون طن من القمح خلال العام الحالي، 7.5 مليون طن منها لمصلحة الحكومة، و4.5 مليون طن لمصلحة القطاع الخاص. وتعتبر مصر أكبر مستورد للقمح في العالم منذ موسم 2007-2008 ويقدر خبراء استهلاك مصر بالنسبة للقمح بحوالي 16 مليون طن؛ حيث تنتج مصر من 7 إلى 8 ملايين طن قمح محليا ويتم استيراد المتبقي، ويتم توفير حوالي 3.6 مليون طن من القمح محليًا، كما تستورد مصر 6 ملايين طن قمح لتوفير رغيف الخبز.
وفي مطلع أبريل الماضي، انتقدت النقابة العامة للفلاحين الزراعيين، برئاسة النقيب العام الحاج عماد أبوحسين، تأخر إعلان أسعار القمح من قبل الحكومة، بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية. وحملت النقابة وزيري التموين والزراعة السبب في تأخير الإعلان عن الأسعار الجديدة بشكل رسمي لكونهما الوزارتين المعنيتين بذلك. وقال نقيب عام الفلاحين عماد أبوحسين: إن أزمة القمح بدأت حينما اتجه عدد كبير من المزارعين إلى الامتناع عن زراعة مساحات كبيرة من الأراضى نتيجة تدني سعر التسليم من جانب الحكومة، وعدم توحيد السعر المحلي، وهو ما يجعل الأزمة تتكرر كل عام بسبب إصرار الوزارة على شراء القمح بأسعار مخفضة والقيام بالاستيراد من الخارج، على الرغم من أن القمح المحلى أفضل من المستورد. ويعد محصول القمح ليس الوحيد الذي عانى من مشاكل في توريد المحصول بين الفلاحين والحكومة فنجد قصب السكر والقطن والأرز وهذا بسبب تدني سعر المحاصيل التي تحصل عليها الحكومة من الفلاحين وهو ما يرفضه الفلاحين بسبب ارتفاع أسعار تكاليف الإنتاج وظروف الحياة. ويعد التأخر في تسعير الأقماح إهمال جسيم في حق الفلاحين والزراعة المصرية من قبل الجهات المسئولة، اذ أن تلك الأزمات تتكرر خلال كل عام وفي ذات الوقت نجد أزمات أخرى كأزمة محصول قصب السكر التي اضطرت سياسات الحكومة في هذا الصدد إلى عدم حلها حتى الوقت الحالي، وهو ما يعد وفق الفلاحين، إذلال الفلاحين وعدم إعطاء حقوقهم التي ينص عليها الدستور المصري. كما يستنكر خبراء اتجاه الدولة لاستيراد القمح الروسي بمبلغ 210 دولارات، حيث إن سعر الطن من القمح الروسي 4200 جنيه في حين أن المصري يتم بيع الطن بمبلغ 3700 جنيه للطن فقط، وهو مثار العجب من تمييز الدولة للقمح المستورد الأقل جودة على المنتج المصري. ويرى الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعي ومدير مركز الدراسات الاقتصادية بجامعة القاهرة، أن الحكومة تتجه إلى سياسة إلغاء الدعم ولكن لا يجب أن يكون هذا على حساب الأمن الغذائي في مصر، لاسيما أن عدم إعطاء سعر مناسب للفلاحين في محاصيل القمح سيؤدي إلى عزوفهم عن الزراعة وإلغاء زراعة القمح واستبدال المحصول بمحاصيل أخرى مربحة وهو ما يؤثر على مصر خاصة أنه يتم استيراد 45% من احتياج مصر من القمح؛ الأمر الذي يعني استيراد المزيد من القمح وهو ما يعمل على خسارة للاحتياطي النقدي المصري وخسارة للفلاحين في ذات الوقت لمحصولهم بسبب تلك السياسة في الوقت الذي نحتاج إلى كميات كبيرة من القمح لتحقيق الاكتفاء الذاتي. وأضاف أن السعر العالمي للقمح يصل إلى نحو 1200 جنيه فكيف تتجه وزارة التموين إلى استخدام سعر توريد القمح ليصل إلى التموين حدد السعر ب550 فحسب في الوقت الذي مصر تستورد القمح الروسي بما يصل إلى حوالي 200 دولار، ما يعني أن الفلاح هو من سيتحمل التكلفة المرتفعة الخاصة بإنتاج القمح. ولفت إلى أن الأمر لا يقتصر على القمح فحسب وإنما الأرز والقطن أيضا، مستنكرًا اتجاه الحكومة إلى زيادة الأعباء على المزارع.