الصادرات المصرية من قطاع الأغلفة الحيوانية لتسجل 39 مليون دولار    مديرية العمل بالأقصر توفر فرصة عمل لسيدة من ذوى الهمم وتسلم 11 شهادة مزاولة حرفة    وزير الإسكان: ندرس توفير مرحلة ثالثة للعاملين المنتقلين للعاصمة الإدارية    العالم يعيد تعريف الصديق والعدو.. ومصر تظل نقطة الاتزان    جيش الاحتلال الإسرائيلي يبدأ قصف أهداف بقطاع غزة    ليفربول ضد مان يونايتد.. الشياطين الحمر بالقوة الضاربة فى قمة الدوري الإنجليزي    وزير الرياضة يطالب منتخب الناشئين 2008 بالعودة بميدالية من مونديال المغرب    وزير الرياضة يكرم بطلات أفريقيا لكرة اليد ويعدهن بمكافأة مجزية    ياسين منصور: جاهز لخدمة الأهلي حتى لو طلبوا منى الوقوف على بوابة النادي    تقرير: رافينيا يغيب عن برشلونة في دوري الأبطال من أجل الكلاسيكو    حبس المتهم بقتل شاب خلال مشاجرة بقرية سندوة فى الخانكة 4 أيام    الدقائق الأخيرة للفرعون الذهبي توت عنخ آمون داخل المتحف المصرى بالتحرير.. فيديو    الرئيس السيسي: كل قرار بيتدرس بدل المرة 100 والدولة عشان تقوم عايزة همة من حديد    الرئيس السيسي: تولى العنانى منصب مدير اليونسكو من إنجازات أكتوبر.. وسندعمه    محافظ كفرالشيخ يتابع أعمال الرصف بسيدي سالم ضمن مشروعات الخطة الاستثمارية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-10-2025 في محافظة قنا    السيسي: ماضون فى تجاوز التحديات وبناء مستقبل مشرق    استعراضات فلكلورية مبهجة لفرقتي الأنفوشي وبورسعيد بمهرجان أسوان    فيديو.. نقيب الإعلاميين يكشف لأول مرة رأيه في التناول الإعلامي لقضية إبراهيم شيكا    محافظ القاهرة يفتتح فعاليات ملتقى التوظيف والتدريب    كشف ملابسات مشاجرة بالشرقية بعد تداول فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي    التحريات : الغاز سبب وفاة عروسين داخل شقتهم بمدينة بدر    الثلاثاء.. محمد الحلو وريهام عبدالحكيم على مسرح النافورة    6 أبراج تفضل أن تتعلم مدى الحياة    المخرج التونسي فريد بوغدير: «يوسف شاهين غير حياتي ونظرتي للسينما»    رئيس البرلمان العربي يهنئ المستشار عصام الدين فريد بمناسبة انتخابه رئيسًا لمجلس الشيوخ    معهد الفلك يكشف موعد ميلاد هلال جمادي الأول وأول أيامه فلكياً    جامعة المنوفية والتأمين الصحي يبحثان الإرتقاء بالمنظومة الصحية    تفاصيل إصابة محمد شريف ومدة غيابه عن الأهلي    شعبة الذهب تقدم نصيحة للمتعاملين.. شراء الذهب الآن أم التأجيل؟    منتخب المغرب يرفض مواجهة الأرجنتين لهذا السبب    مدرب الزمالك يتقدم باستقالتة والنادي يعلن رحيله    ياسمين الخطيب: «علمني أبي ألا أبكي أمام أحد.. فسترت آلامي كما لو أنها عورات»    «الداخلية» تواصل دعم الحالات الإنسانية: تسهيلات لكبار السن وذوي الهمم في الجوازات    إصابه سائق ومرافق في حادث انقلاب سياره تريلا محمله بالقمح في المنوفية    40 ندوة توعوية، محافظ الفيوم يتابع أنشطة الصحة خلال شهر سبتمبر الماضي    الاستخبارات التركية تساهم في وقف إطلاق النار بين باكستان وأفغانستان    اندلاع حريق في مصفاة نفط روسية بعد هجوم بطائرات مسيرة    نتنياهو يعلن عزمه الترشح مجددا بالانتخابات العامة في 2026    تحمل مساعدات لغزة.. سفينة الخير التركية السابعة عشر تفرغ حمولتها بميناء العريش    «الرقابة المالية» تنظم ورشة لمناقشة تطورات السوق غير المصرفية    لماذا يُعد الاعتداء على المال العام أشد حرمة من الخاص؟.. الأوقاف توضح    اللواء طيار عمرو صقر: نسور مصر قادرون على تغيير الموازين    التعليم تعلن مقررات امتحان شهر أكتوبر 2025 لطلاب الصف الثاني الثانوي العام شعبة علمي    عصابة العسكر تنتقم…حكومة الانقلاب تعتقل صحفيا بتهمة الكشف عن سرقة أسورة فرعونية من المتحف المصرى    «الخارجية» و«الطيران» تبحثان توسيع شبكة الخطوط الجوية مع الدول العربية والأفريقية    توقيع وثيقة استراتيجية التعاون القُطري بين مصر ومنظمة الصحة العالمية    علاج 1846 مواطنا بقافلة طبية بقرية بالشرقية    وزير الصحة: ميكنة جميع بنوك الدم بنهاية 2026 وربطها بغرفة الطوارئ والأزمات    حالة الطقس بالمنيا ومحافظات الصعيد اليوم الأحد 19 أكتوبر    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة المصرية بعد مرور 90 دقيقة من بدء التداولات    حكم الوضوء قبل النوم والطعام ومعاودة الجماع.. دار الإفتاء توضح رأي الشرع بالتفصيل    دعاء الفجر| اللهم جبرًا يتعجب له أهل الأرض وأهل السماء    حنان مطاوع تخوض سباق رمضان 2026 بمسلسل "المصيدة"    50 جنيهًا للحصة.. إجراءات جديدة من التعليم لتنظيم عمل المعلمين بنظام الحصة في المدارس 2025-2026    المشدد 15 سنة لمتهمين بحيازة مخدر الحشيش في الإسكندرية    «الشيوخ» يبدأ فصلًا تشريعيًا جديدًا.. وعصام الدين فريد رئيسًا للمجلس بالتزكية    أحمد ربيع: نحاول عمل كل شيء لإسعاد جماهير الزمالك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حصة "إسرائيل" من مياه النيل!

موضوع سد النهضة منتهي، وكل الموافقات تمت مكتوبة، وما يثار حول وجود مفاوضات مع الإثيوبيين مجرد ادعاءات للاستهلاك الإعلامي، وقنابل دخان لإبعاد الأنظار عن الخطة الصهيونية لنقل مياه النيل إلى "إسرائيل" حيث كل الطرق تؤدي إلى نتيجة واحدة وهي توصيل الماء العذب إلى صحراء النقب لتعميرها وجذب المزيد من المستوطنين.
إنهم يكررون تجربة السادات ولكن بمكر ودهاء، من خلال الشركات الأمريكية والأوربية الخاضعة للنفوذ الصهيوني برعاية البنك الدولي، والتي وضعت يدها على نهر النيل من خلال الاستثمار في بناء السد الإثيوبي لبيع الكهرباء والماء، وإعادة توزيع الحصص لدول الحوض وضم" إسرائيل" كطرف جديد بحصة محددة.
الجديد هذه المرة أن الإسرائيليين والدوائر التابعة لهم في مصر استوعبوا درس السادات، وغيروا طريقة التنفيذ بتخويف الشعب المصري من العطش والتلويح بالقحط لقبول الفكرة بعد السيطرة على النيل من المنبع والقبض على محبس المياه.
لقد خسر السادات معركة توصيل مياه النيل للكيان الصهيوني وفشل في تمرير الخطة الإسرائيلية، لأن الشعب المصري رفض الفكرة، ولم يستطع السادات التمسك بها والدفاع عنها، فتراجع أمام قوة المشاعر الوطنية بعد حرب أكتوبر وضعف الاختراق الصهيوني بالمقارنة بما نعيشه اليوم.
لقد حاول السادات تبرير الفكرة وتغليفها بشق ترعة السلام في نوفمبر/تشرين الثاني 1979 بزعم أنها لنقل مياه النيل إلى القدس حتى يشرب منها الفلسطينيون وأهل الأديان الثلاثة، وأطلق عليها زمزم الجديدة، تشبيها بماء زمزم في مكة، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيجن فضحه وأعلن أن الاتفاق تم بينهم على مد مياه النيل إلى النقب وليس القدس.
كانت التجربة الحزبية وقتها في بدايتها فتصدت الحركة السياسية والمعارضة المصرية بقيادة المهندس إبراهيم شكري وفتحي رضوان وممتاز نصار ومحمد عصفور ونعمات أحمد فؤاد للمشروع ووقفوا ضد السادات، واحتضن حزب العمل وجريدة الشعب حركة الرفض للمشروع، وعجزت الحكومة في البرلمان عن الدفاع عن مشروع الرئيس فكانت الهزيمة للخطة الصهيونية، وقد سجل كامل زهيري نقيب الصحفيين الأسبق هذه المعركة في كتابه "النيل في خطر".
حصة هرتزل
أول رقم حول الحصة المطلوبة صهيونيا من مياه النيل جاء في المشروع الذي طرحه تيودور هرتزل عام 1903، عندما فكر في تأجير سيناء من ساحل البحر الأبيض المتوسط شمالا وحتى خط عرض 29 جنوبا، بموافقة الإنجليز، لمدة 99 عاما، لتكون وطنا قوميا مؤقتا لليهود لحين تجهيز فلسطين، وطلب المشروع الذي أعدته لجنة من الخبراء اليهود تمرير 51 متر مكعب في الثانية بمضخات، بواقع 183,6 ألف متر مكعب في الساعة، و4,4 مليون مترمكعب في اليوم، من خلال ثمانية أنابيب قطر كل منها 2 متر تمر أسفل القناة.
ولكن مشروع هرتزل توقف بسبب رفض السير وليم جارستن وكيل وزارة الأشغال المصرية لصعوبات فنية، ولتأثيره على زراعة القطن المصري الذي تعتمد عليه مصانع لانكشير البريطانية، وأيضا لأسباب سياسية حيث كان الإنجليز قد اتفقوا مع الفرنسيين على تقسيم أراضي الخلافة العثمانية وتسليم فلسطين لليهود.
مشروع أليشع كالي
المشروع الإسرائيلي الثاني وهو الذي ينفذ الآن للمهندس الإسرائيلي أليشع كالي مدير التخطيط الإستراتيجي في شركة تاحال المسؤولة عن تخطيط الموارد المائية، تم طرحه عام 1974 أي بعد حرب أكتوبر، وأعيد طرحه في 1978 مع اتفاق السلام، والذي شرع أنور السادات في تنفيذه عبر ترعة السلام ولكن توقف نتيجة الرفض الشعبي.
ملخص اقتراح أليشع كالي أن تصل مياه النيل لصحراء النقب بمقابل مادي، أي تبيع مصر الماء لزراعة القطن في صحراء النقب التي تمثل ثلثي فلسطين المحتلة. ولتحفيز السادات لإقناع الشعب المصري عرض كالي شراء مياه النيل بنفس الثمن الذي تبيع به القطن، وبرر ذلك بأن المتر المكعب من الماء ينتج في "إسرائيل" ستة أضعاف ما ينتجه الفلاح المصري من القطن بنفس الكمية.
وحدد كالي الحصة المطلوبة من مياه النيل ب 30 متر مكعب في الثانية، وتمريرها أسفل قناة السويس، بواقع 108 ألف متر مكعب في الساعة، و2,5 مليون متر مكعب في اليوم.
وحدد كالي ذات المكان الذي اختاره هرتزل للحصول على ماء النيل وهو ترعة الإسماعيلية، ولأن الترعة لا تستطيع ضخ كل هذه الكمية من الماء فإن اليشع كيلي وضع خطة لتوسيعها بما يسمح بتمرير الحصة المطلوبة.
سحارات سرابيوم
إن مجمع سحارات سرابيوم هو الحلقة الأهم والمشروع الأخطر في ملف توصيل مياه النيل للكيان الصهيوني، وتم البدء في تنفيذ السحارة الأولى في وقت مبكر مع تفريعة قناة السويس رغم عدم منطقية المشروع في ظل الشح المائي؛ ففي الوقت الذي تعاني فيه مصر من نقص مياه النيل بسبب ضعف الفيضان خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وإنشاء سد النهضة الأثيوبي الذي سيحجز الفيضان السنوي الذي يتم تخزينه في بحيرة ناصر، شاهدنا الاندفاع لإنشاء سحارة سرابيوم بزعم زراعة سيناء وتعميرها!
لقد تم تصميم المرحلة الأولى من سحارة سرابيوم بذات المواصفات التي طلبها هرتزل، تتكون من 4 أنفاق تحت القناة بها 4 أنابيب، يبلغ قطر الأنبوب الواحد 4 أمتار أي بمجموع 16 مترا.
ومع التشغيل التجريبي للسحارة أعلن القائمون على المشروع أن المستهدف هو تمرير مليون و400 ألف متر مكعب من المياه العذبة يومياً بواقع 16 مترا مكعبا في الثانية.
هذه الكمية (16م3) التي سيتم توفيرها عبر سحارة سرابيوم تمثل نصف الكمية التي طلبها كالي، ولكن القائمين على الأمر لم يتركوا مجالا للتخمين فأعلنوا عن تنفيذ سحارة ثانية بجوار الأولى بذات المواصفات أي لنقل 16 مترا مكعبا في الثانية، وزعموا أن الهدف منها نقل مياه مصرف المحسمة التي تلوث بحيرة التمساح إلى سيناء لزراعة 30 ألف فدان!
ورغم عملية التعتيم المفروضة على المشروعات في شرق مصر، وعدم الوضوح فإن التصريحات يفهم منها أن هناك إمكانية لتنفيذ سحارة ثالثة لزيادة الكمية من ماء النيل التي يتم نقلها من غرب القناة إلى شرقها لما يقارب الرقم الذي طرحه هرتزل وهو 51 م3 في الثانية.
خلاصة ما يجري أنهم يريدون تشييد البنية الأساسية كاملة قبل الدخول في المرحلة النهائية وهي توسيع ترعة الإسماعيلية التي ستكون هي التتويج للخطة الإسرائيلية لتوصيل مياه النيل إلى النقب وهذه ستأتي بعد تهيئة المصريين بتعطيشهم وتجويعهم إلى أقصى مدى، لكسر عزيمتهم وإذلالهم، ليقبلوا بالحصة الإسرائيلية كي يجدوا الماء ويرضوا بتخفيض حصة مصر.
إن المفاوضات الحقيقية التي تجري في الغرف المغلقة تدور حول الضمانات التي تحافظ على وصول الحصة الإسرائيلية من ماء النيل كاملة، وفرض التزامات على الحكومة المصرية يتم بمقتضاها تسليم الدوائر الخارجية الصهيونية ملف الماء المصري والتنازل عن سلطة تحديد استهلاك المصريين لماء النيل سواء للزراعة أو للشرب، وكانت تعديلات قانون الزراعة الذي صدر مؤخرا جزءا من هذه الضمانات.
***
الشعب المصري مقبل على أيام صعبة، فالضربة هذه المرة لمصدر الحياة وسيترتب عليها زلازل غير معروف حجم خسائرها، فالمجاعة قادمة، وهناك من يستعجل الجوع والعطش حتى يفقد المصريون وعيهم، لتسريع سرقة النيل خشية حدوث أي تغيير غير محسوب يوقف المخطط الذي صبروا عليه أكثر من 40 عاما.
المقالات لا تعبر عن رأي بوابة الحرية والعدالة وإنما تعبر فقط عن آراء كاتبيها


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.