تمر اليوم الأحد الذكرى ال40 لزيارة الرئيس الأسبق السادات لتل أبيب يوم 19 نوفمبر 1977، وعرضه تسوية سياسية كانت بمثابة طوق الإنقاذ للدولة الصهيونية التي كانت قد خرجت لتوها من هزيمة في حرب 1973، لتنتشلها هذه الزيارة من قاع الحرب إلى مصاف السلام والتطبيع مع أكبر دولة عربية وتدشن أخطر محطات المشروع الصهيوني بالتطبيع وبدء قبول العرب بما سمي "دولة إسرائيل". وبعد 40 عاما على زيارة السادات، لم يكن أحد يتوقع أن ينقل الخائن السيسي هذه العلاقات مع الصهاينة ليس فقط من خانة التطبيع الذي يرفضه الشعب المصري ولكن الي خانة توريط الجيش في تعاون عسكري واستخباري مع الدولة الصهيونية، أبرزهم السماح لطائرات العدو باختراق سيناء وقصف مناطق بدعوي المشاركة في محاربة الإرهاب. ولم يكتفِ السيسي بهذه النقلة الخطرة للعلاقات مع العدو إلى التنسيق العسكري، ولكنه سعي منذ مايو 2016 لتوريط الدول الخليجية وباقي العرب في تطبيع شامل مع الصهاينة ضمن "صفقة القرن" والتقي نتنياهو سرا في العقبة الأردنية، وفي قصر الاتحادية بالقاهرة، قبل أن يلتقيه علنا في بجاحه منقطة النظير في أمريكا، وهو ما لم يفعله أي رئيس مصري منذ زيارة السادات. كواليس زيارة السادات زيارة السادات لتل أبيب لا تزال تتكشف تفاصيلها، ومنها الكشف عن دور للممثل الراحل عمر الشريف في إبلاغ رسالة من السادات لبيجين أنه يرغب في زيارة إسرائيل لعرض مبادرته للسلام، وعدم ثقة الصهاينة في الزيارة وتحسبهم أن تكون خدعه لقتل المسئولين الإسرائيليين. فقد كشف الكاتب عادل حمودة، خلال حواره ببرنامج "حياتنا"، الذي تقدمه الإعلامية دعاء فاروق، المذاع عبر فضائية "النهار" مساء أمس تفاصيل قصة طلب السادات من الممثل الراحل عمر الشريف أن يستطلع رأي إسرائيل لو زار القدس. وقال "حمودة" إن عمر الشريف كشف له، ولعدد من المصريين قبل وفاته عن واقعة خطيرة قبل زيارة الرئيس الراحل أنور السادات إلى إسرائيل، قائلًا: "عمر قالي السادات طلب مني اتصل بمناحيم بيجين قبل زيارة لإسرائيل واتصل بمكتب مناحيم بيجين". وكشف أن "الشريف" أبلغهم أن بيجين رد عليه وقال له: "لو جاء السادات الينا سنعامله معاملة الملوك"، بعدما ذهب للسفارة الإسرائيلية في باريس وطالب مخاطبة مناحيم بيجين من هناك. وأن السفير الإسرائيلي هو الذي اتصل بالسادات من السفارة الإسرائيلية في باريس، وأعطى عمر الشريف الهاتف ليبلغ السادات بموافقة إسرائيل على الزيارة. أيضا كشفت الصحفية الإسرائيلية وأول مراسلة صهيونية بالقاهرة (سمدار بيري) في تقرير نشرته بصحيفة يديعوت احرونوت أنه حتى اللحظة الأخيرة كان هناك شك صهيوني في أن يفتح باب الطائرة المصرية فتخرج وحدة عسكرية مسلحة تهاجم وتحاول تصفية الشخصيات الإسرائيلية المهمة في مطار بن غوريون، ولهذا نشر الصهاينة وحدة "سييرت متكال" خلف الطائرة المصرية. تطبيع في منزل السفير الصهيوني وقد كشفت صحف تل ابيب أن السفير الصهيوني دافيد جوبرين الذي نشطت مؤخرا عقب الحميمية التي ظهرت بين نظام الانقلاب وتل أبيب سيستضيف مدعوين مصريين لإحياء 40 سنة من زيارة السادات للكنيست. كما ستقيم تل أبيب احتفالية بهذه المناسبة الأربعاء المقبل يحضرها الرئيس الإسرائيلي وسفير مصر في إسرائيل حازم خيرت ومدير عام وزارة الخارجية يوڤال روتيم. وتقول صحف تل أبيب أنه بينما تستمر حالة الهدوء والتآلف المسيطرة على العلاقة بين مصر وإسرائيل، تحافظ مصر على "السلام البارد" مع إسرائيل، وأن الرئيس عبدالفتاح السيسي كان شريكا سياسيا أكثر ألفة مع إسرائيل عن الرئيس محمد مرسي الذي لم ينطق اسم "اسرائيل" على لسانه، ما يعني عدم اعترافه بها. مياه النيل مقابل سد النهضة وبرغم معاناة مصر من تقلص حصتها المائية وعدم كفايتها للاكتفاء الذاتي، واستمرار اثيوبيا في خطط بناء السد في ظل تأمر وصمت الانقلاب، عاد الحديث عن مرحلة جديدة في التطبيع مع الصهاينة عن طريق السيسي بعد 40 عاما من زيارة السادات، تشمل توصيل مياه النيل للصهاينة مقابل حل مشاكل سد النهضة. وقد كشف أطماع الصهاينة في مياه النيل مصطفى خليل رئيس الوزراء السابق في مذكراته حين قال: "في اتفاقية كامب ديفيد طلبت اسرائيل اضافة بند في الاتفاقية يمنحها مياه النيل المتدفقة في البحر فائضة عن حاجة مصر لكن القانون الدولي ينص لو انتفعت اسرائيل عشر سنوات بمياه النيل أصبح لها حق اصيل في مياه المنبع، فرفض السادات وقتها التوقيع على هذا الشرط". المياه لمصر وإسرائيل! ويقول الخبير نائل الشافعي أن اتفاقية سد النهضة تمكن المقايضة .. المياه لإسرائيل مقابل المياه لمصر، بمعني أنه لو مصر تريد ماء (عبر سد النهضة)، فعليها تمرير قدر منه لإسرائيل (عبر سحارات سرابيوم والسلام). وبدأت سلطة الانقلاب بناء سحارة سرابيوم عام 2014، لنقل مياه النيل لشرق القناة، بدعوي تنمية سيناء، في الوقت الذي تخلى شمال سيناء من سكانه، ما يثير تساؤل حول من المستفيد من هذا المشروع؟ وهل هو جزء من تعاون السيسي مع الصهاينة لحماية نظامه مقابل التطبيع وتنفيذ بنود لم يستطع السادات توقيعها!
سحارة السرابيوم هي سحارة تحت تفريعة السيسي في قناة السويس، على عمق 60 متر تحت الأرض، بطول 425 متر لنقل مياه النيل إلى سيناء، تنفذها الهيئة الهندسية للجيش. وانتهي العمل فيها يناير 2016 وبلغت جملة تكلفتها 175 مليون جنيه، وتشمل تمرير عدد 4 مواسير بقطر 4 أمتار على عمق 60 مترا تحت سطح الأرض وتحت قاع القناة ب16 مترا، يفترض أنها تستهدف ري واستصلاح 100 ألف فدان بشرق القناة والتي بلغت نسبة تنفيذها نحو 65%. وهناك مخاوف حقيقية من أن يكون المشروع هدفه نقل المياه للصهاينة، فقد كان بدء نظام السيسي في إنشاء سحارة سرابيون لنقل المياه من غرب قناة السويس الي شرقها في سيناء، وتكليف الجيش ببنائها، مثيرا لعدة تساؤلات، حول تناقض الحديث عن الرغبة في تعمير سيناء بهذا المشروع وفي الوقت ذاته تهجير ابناءها في رفح ومدن أخرى. وتداولت مواقع إخبارية تصريحات لبعض الخبراء الدوليين تؤكد أن سحارة سرابيوم التي تحتوي على 4 بيارات بعمق 60 مترًا وقطر 20 مترًا، تنشأ تحت ادعاء توصيل المياه لشرق القناة، ولكن الهدف الحقيقي منها نقل المياه إلى إسرائيل، وليس الأنفاق التي يتم العمل فيها الآن. "سحارة سرابيوم".. هل بدأ تنفيذ مشروع مشبوه لإشراك الصهاينة في مياه النيل؟ مشروع "السحارة" ورغم ردود مسئولي الانقلاب بالنفي القاطع، ونفي خبراء لهذا الاحتمال خاصة أن مصر تعاني بالأساس من الفقر المائي ونقص في الموارد المائية، وأن الهدف هو نقل مياه النيل أسفل قناة السويس إلى سيناء عبر سحارة سرابيوم، لتعمير سيناء، ظلت الشكوك تحوم بالمشروع. وزادها عدم استبعاد خبراء منهم الدكتور محمد إسماعيل، أستاذ الري واﻟﻬﻴدروﻟﻴﻛﺎ بجامعة القاهرة، احتمال نقل هذه السحارة لمياه النيل لإسرائيل عبر أنفاق، وتحذيره من سيناريو اضطرار مصر للقبول بتوصيل مياه النيل لإسرائيل عبر أرضها، وأن هذا من شأنه إخضاع أي سلطة تحكم مصر لإسرائيل. وجاء ترجيح الدكتور "السعيد" لهذا الاحتمال في تدوينه عبر حسابه الشخصي "فيس بوك": بعدما نشر الدكتور هاني ابو الحسن مستشار رئيس مدينة الإنتاج الإعلامي لشئون التعاون الدولي مقالا مشبوها في جريدة "المصري اليوم"، يعتبر فيه أن وصول مياه النيل لإسرائيل "حلا مثاليا لإنهاء أزمتنا مع سد النهضة"! وزعم "أبو الحسن" أن "إشراك إسرائيل في مياه النيل سوف يضمن لنا حل مشكلة نقص المياه ويضمن أيضا نظافة المياه على امتداد الوادي"! ويقول الخبير المصري الدكتور محمد إسماعيل في تعليقه على هذا المقترح الغريب الذي يزعم أن الحل هو اسرائيل لضمان وصول مياه النيل لنا نظيفة، إن هذا الطرح "يبشر بكل أسف لسيناريو كارثي ملئ بألغام كثيرة من النواحي السياسية والاستراتيجية، وما يترتب عليها من كوارث اجتماعية". ويشرح ذلك قائلا: "سبق أن طرح الدكتور طارق مرسى وهو أستاذ اقتصاد في جامعة القاهرة في جلسة علمية بمركز المعلومات عام 2010 فكرة أن حل مشكلة سد النهضة يتلخص في إشراك إسرائيل في مياه النيل من خلال مبادرة مصرية عن طريق ترعة السلام، ووقتها تم الاعتراض عليه بشدة، ومن الواضح أن رؤية هذا الرجل كانت أبعد مما يفكر فيه كل الحاضرين" حسب رأيه. وأضاف: "إذا حدث ذلك لن يؤثر ذلك على عزم إثيوبيا المضي قدما في استكمال بناء سد النهضة وملئه، فضلا عن إمكانية أن يسمح ذلك ببناء سدود أخرى لدى دول حوض النيل، وقد تحصل إسرائيل على حصة من مياه النيل رغما عنا". وأشار إلى أن مشاركة إسرائيل في مياه النيل "يوفر لها القدرة الأكبر على أن تكون شوكة مؤلمة في ظهر مصر، لأن الفكرة التي كانت رائجة بعد توقيع معاهدة السلام عن احتمال تمرير حصة من مياه النيل لإسرائيل عبر ترعة السلام". وحذر من أن شعار إسرائيل (من النيل للفرات) يقترب من الواقع بقوة وبصورة مبتكرة تبعد عن كل مخيلة النخب العربية الفاشلة، الذين يسعون بكل جهدهم إلى إقناعنا بأن ما يهدد وجودنا، ليس إسرائيل، إنما أعداء جدد باسم الحرب على الإرهاب والصراعات المذهبية. وقد اضطر اللواء كامل الوزير، رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، التي تشرف علي مشروع السحارة، للرد على ما تردد عن نقل المياه إلى إسرائيل من خلال مشروع سحارة "سرابيوم" والأنفاق الجديدة، ونفى ذلك. وكان من الملفت أن "الوزير" تحدث عن دور السحارة في نقل مياه صرف صحي لا مياه النيل، حيث ذكر أن ما يتم من اعمال داخل سحارات سيناء حاليا هو نقل مياه الصرف الصحي التي تصب في بحيرة التمساح وتهدر 100 ألف كيلومتر مربع من المياه ومعالجتها، ونقلها إلى سيناء لري الأراضي، ولكنه لم يتحدث عن نقل السحارة مياه النيل. واكتفي المسئول العسكري بالقول "إن مياه نهر النيل للمصريين ولن نفرط في حصة مصر"، وجاء زعمه أن مشروع "سحارة سرابيوم" يعتبر ضمن أكبر المشاريع التي تنفذ إلى جوار مشروع حفر قناة السويس الجديدة، ليثير القلق أن كل مشاريع السيسي في هذا المجال فشلت.