"الكيان العسكري" عبارة عن مدينة أو كيان منفصل داخل العاصمة الإدارية، التي يتم إلقاء كل أموال مصر فيها لتسريع بناءها رغم حاجة خدمات أخرى مثل المشافي وغيرها لهذه الأموال. ومساحة هذا "الكيان" وحده تعادل مساحة القاهرة الجديدة تقريبًا (التي تبلغ 70 ألف فدان أي 283 كيلومتر مربع)، بينما مساحة العاصمة الإدارية الجديدة الإجمالية هي 170 ألف فدان، أي 687 كيلومتر مربع (القاهرة القديمة مساحتها حوالي 1.5 ألف كيلومتر مربع) ويضم هذا "الكيان العسكري" الضخم (الواقع داخل العاصمة الإدارية) القصر الرئاسي ووزارة الدفاع والهيئات السيادية (المخابرات الحربية والعامة) ومباني الوزارات، ومجموعة من المنشآت الترفيهية على غرار نوادي ودور القوات المسلحة، إضافة إلى مساكن الضباط العاملين في هذه المنشآت. ومن أطلق عليه هذه التسمية "الكيان" هم جنرالات السيسي أنفسهم خلال الحديث عن تصميم العاصمة الجديدة، رغم أنها كلمة غريبة لا تستخدم إلا للإشارة لشيء منبوذ مثل "الكيان الصهيوني". "كيان" داخل "الكيان" داخل العاصمة! وبحسب الباحث المعماري "أدهم سليم"، يتوسط هذا الكيان العسكري (الواقع داخل العاصمة الإدارية)، كيان عسكري آخر به مقر قصر إقامة السيسي (بخلاف القصر الرئاسي)، وقصور أعضاء المجلس العسكري على شكل وردة سيميترية، أي متجانسة ومتساوقة، أما حواشي وأطراف هذا الكيان العسكري فمليئة بملاعب جولف وبرك صناعية وما يتيسر من وسائل الترفيه الأخرى!! ومعنى هذا أن كيان فيلات السيسي وجنرالاته ومباني أجهزة المخابرات والحرس الجمهوري، تقع في منتصف دائرة العاصمة الإدارية، ثم يحيط بهم كيان عسكري آخر يضم المنشآت الدفاعية مثل وزارة الدفاع والداخلية والأمن الوطني والنيابة وغيره، ثم فيلات الأثرياء من رجال الأعمال ولصوص المال في العاصمة الإدارية، وهذا ما يفسر وجود عدة أسوار عالية في شكل بروج مشيدة، داخل العاصمة لحماية الانقلابيين من أي ثورة شعبية، خاصة أن حصار المتظاهرين للقصر الرئاسي في عهد مبارك كان أحد أسباب تنحيه، كما أن الانقلاب نفسه استغل القصر الرئاسي في الاتحادية لحصار الرئيس مرسي بالبلطجية. ومنذ انقلاب السيسي علي الرئيس الشرعي واغتصاب السلطة لم يعرف له مسكن، باستثناء تقارير عن قصر عبارة عن قلعة شرق القاهرة قرب القطامية وعلى طريق السويس بجوار "العاصمة الإدارية"، ذلك المشروع الغامض الذي سعى لبنائه بدعم أولاد زايد ليضم قصورًا فخمة ودار أوبرا وقلاعًا أمنية تضم مبنى الدفاع الجديد (الأوكتاجون) وأمن الدولة وغيرها. بروج مشيدة ويضم هذا "الكيان العسكري" الأكبر (70 ألف فدان من 170 ألف مساحة كل العاصمة) والواقع في العاصمة الإدارية الجديدة (بخلاف كيان السيسي وجنرالاته)، قلعة وزارة الدفاع والداخلية والأمن الوطني والنيابة العامة وغيرها من الأجهزة التي يحتاجها النظام ومعرضة للغضب الشعبي حال وقوع أية اضطرابات أو ثورات بالقاهرة الأم (العاصمة الأصلية)، بما يسهل الدفاع عنها. ويبدو مبنى وزارة الدفاع الجديد، وكذا وزارة الداخلية، كأنه بُني ليكون حصن الأمان الذي يمنع تكرار ثورة يناير أو يحمي السيسي وجنرالاته داخل أسوار مدينته الجديدة المحصنة بالسلاح وقوى الأمن المتعددة. ويطرح تزايد الإنفاق الباهظ من قبل جنرالات الانقلاب على ما يسمى العاصمة الإدارية في قلب الصحراء، وضخ المليارات لبناء مقر ضخم لوزارة الدفاع ب 2.2 مليار جنيه يضاهي مبني البنتاجون وإطلاق اسم "الأوكتاجون" عليه لأنه ثماني الأضلاع، ودار للأوبرا ومسرحين بقرابة 4 مليارات جنيه، بخلاف القصور والمنتجعات، وقطار كهربائي ب 1.2 مليار جنيه ، تساؤلات حول الهدف من ذلك ، وهل هو بناء "ثمود" جديدة للطاغية وأعوانه؟ ويذكر أن تكلفة إنشاء العاصمة الإدارية تقدر ب 23,6 مليار جنيه، وتقام على مساحة 170 ألف فدان، فضلاً عن ارتفاع أسعار الشقق والمباني بها ليصل سعر الشقة ل 3 مليون جنيه، والفيلا إلى 9 مليون جنيه . "أوكتاجون السيسي" ينافس "البنتاجون الأمريكي" ولم يعرف أي تفاصيل عن شكل وأحجام القصور التي يعيش فيها السيسي وجنرالاته داخل الكيان العسكري المصغر الواقع داخل الكيان الأكبر الواقع داخل العاصمة الجديدة، ولكن وزارة الدفاع كشفت عن مبانيها الجديدة في العاصمة الإدارية الجديدة، الذي يبدو كقلعة محصنة لا مجرد مبانٍ لتمنع أي مظاهرات أو اقتحامات على غرار ما جرى في ثورة يناير 2011، ما يعطي مؤشرًا نسبيًا عن قلاع السكن المخصصة للسيسي وجنرالات المجلس العسكري. ووصل البذخ لبناء مبنى أفخم من البنتاجون الأمريكي يٌطلق عليه "الأوكتاجون"، وسمي "أوكتاجون" The Octagon لأن المبنى ثماني الأضلاع أو الزوايا، ويطلق في الهندسة الرياضية على المبنى المضلع الذي له 8 أضلاع هذا الاسم، مثلما سمي "البنتاجون" بهذا الاسم لأن مبني وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" The Pentagon في اللاتينية، معناها "خماسي الأوجه" أو الزوايا. ويتكون "الكيان العسكري الجديد"، بحسب ما تطلق عليه صفحة EGY ARMY، من 10 مبانٍ ضخمة تضم عدد 2 مبنى وزاري بالإضافة إلى 8 مبانٍ إدارية ثمانية الأضلاع Octagon ترتبط جميعها بشبكة أنفاق، وتم تنفيذ المبنى بعيداً عن حي الوزارات وحي السفارات في أقصى الحدود الجنوبية للعاصمة الإدارية. وبلغت مساحة المبنى 4.7 كم مربع بحسب صور نشرت على جوجل إيرث، ما يعني أنه أكبر من مبنى وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون، حيث تبلغ مساحة المبنى الرئيسي بوزارة الدفاع الأمريكية 600 ألف متر مربع، بينما يشغل كامل مساحة البنتاجون وممرات حوالي 121 ألف كيلومتر مربع. وينفذ المشروع شركة "عمار مصر للاستشارات الهندسية وإدارة المشروعات AMC بالتعاون مع إدارة المهندسين العسكريين التابعة للهيئة الهندسية للقوات المسلحة، كاستشاري هندسي، وتم البدء في تنفيذ المشروع في مايو 2016، وسيتم الانتهاء منه في مايو 2018، وتشارك في التنفيذ شركات : المقاولون العرب وسياك، والشروق. ولم تعلن تكاليف بناء المبنى بيد أن أحد الموظفين بإحدى شركات المقاولات التي تنفذ المشروع قال، عبر حسابه على فيس بوك، إن "تنفيذ مبنى وزارة الدفاع الجديد بالعاصمة الإدارية الجديدة بتكلفة 2 مليار و200 مليون". وأثار المبنى الجديد تساؤلات سياسيين ونشطاء عن الإسراف في النفقات العسكرية في وقت يعلن فيه قادة مصر أنها دولة فقيرة، فيما امتدحه آخرون. سور العاصمة الإدارية العظيم وتشكل الأسوار الخرسانية الضخمة بارتفاع حوالي 7 أمتار، حاجزًا متعمدًا بين الشعب المصري وقادة نظام الانقلاب، لهذا أنفق المليارات لبناء هذه الأسوار، لعزل مسئولي سلطة الانقلاب ورجال الأعمال وكبار الدولة أنفسهم عن الشعب بهذا السور التي تشبه أسوار المستوطنات الإسرائيلية. ورغم نفي محمد عبد المقصود، رئيس جهاز العاصمة الإدارية الجديدة، ما تردد بشأن بناء سور ضخم حول العاصمة الجديدة، لأنها على مساحة 180 ألف فدان، ويصعب بناء سور حول كل هذه المساحة الضخمة، إلا أنه اعترف أن "السور مبني في منطقة بقلب العاصمة"، في إشارة للكيان العسكري المصغر الذي يضم قصور السيسي وجنرالاته، بخلاف أسوار أخرى منفصلة حول وزارات الدفاع والداخلية وغيرها. ولذلك وصف الناشط السياسي شريف الروبي، عضو حركة 6 إبريل جدار العاصمة الإدارية بأن "هدفه عزل النظام نفسه عن الشعب في العاصمة الإدارية الجديدة"، مستهجنًا فكرته المقتبسة من الجدار الإسرائيلي العازل في فلسطين، وحماية الاحتلال نفسه من الشعب الفلسطيني، بحسب قوله. ويشير الروبي، لأن الهدف من بناء هذا الجدار العنصري الطبقي هو حماية النظام نفسه من ثورات الشعب المرتقبة لأن دخول هذه المدينة سيكون بالتفتيش وكارنيهات. وأدت الاضطرابات التي شهدتها مصر منذ ثورة يناير 2011، ومحاصرة متظاهرين مقر وزارة الدفاع القريب من ميدان العباسية بالقاهرة، لغلق الشوارع المحيطة بمبنى الوزارة عدة مرات، ووضعت أسلاك شائكة ثم أبواب حديدية جديدة وكتل خرسانية لمنع الاقتراب من المبنى . 10 حقائق عن العاصمة الجديدة وكتب المعماري "أدهم سليم" والباحث بمعهد "شتيدل للدراسات المعمارية المتقدمة" بألمانيا عشرة ملاحظات عن مشروع العاصمة الإدارية الجديدة الذي ينفذ بمشاركة شركة إعمار الإماراتية، ويتكلف 45 مليار دولار أمريكي، ويستغرق من 5 إلى 7 سنوات للانتهاء منه. وعبر سليم خلال ملاحظاته والتي دونها في 3 بوستات على حسابه عن قلقه من مجموعة من التفاصيل الخاصة بالإعلان عن المشروع بداية من غياب الدراسات الكاملة وانتهاء بطبيعة منفذي المشروع والتجارب الدولية في هذا الإطار وأبرزها: أولاً : العاصمة الجديدة مبنية بالقرب من القديمة (أقل من 50 كيلو من العاصمة القديمة) ما يعني أنها ستحمل بأعبائها العاصمة القديمة لأنها ستكون تابعة للقديمة وتحمل على البنية التحتية لها مثل المجاري والمياه وغيره، فتضرب مواسير العاصمة القديمة ونضطر نعمل شبكات مواسير أد الفيل عشان تستوعب ضغط المدينتين مع بعض. ثانيًا : المدينة يقال أنها "إدارية" أي تعمل من 9 إلى 5 صباحًا فهل ستتحول إلى مدينة أشباح في الليل لأن سكان المدينة الجدد سيكونون أيضا من المدينة الأم؟ هذا يشكل فشل مرعب وسوء توظيف للموارد الضخمة المخصصة للمشروع (500 مليار جنيه). ثالثًا : سكان العاصمة الإدارية الأثرياء سيحتاجون إلى موظفين وخدم، كما أن وزارات المدينة سيكون لها موظفين، فأين يسكن هؤلاء؟ وكيف سيصلون للعاصمة الجديدة (من القديمة) في ظل عدم وجود مواصلات رخيصة لهم، ولا توجد شبكة مواصلات متكاملة شغالة قبل ما المدينة نفسها تشتغل، كما فعل مخطط مصر الجديدة (هيلوبوليس) بتشغيل ترام مصر الجديدة قبل بنائه المدينة. رابعًا: حكاية التكليف المباشر لشركات الجيش وشركات إماراتية لبناء المدينة شيء مزعج لأنه مال عام والناس لازم تعرف إن التصميم ده والمصمم ده المقاول ده والعمال دول هم الأنسب والأوفر والأصلح لتنفيذ المهمة، وإلا يكون الأمر نهب وسرقة. خامسًا: المشروع يبدو وكأن سلطة الانقلاب "بتخلص شغلها (بيزنس) مع إعمار الإماراتية أو سين من الشركات من وراء ظهر السوق"، فما الذي سيكسبه بقية السوق من المدينة الجديدة؟ ولماذا بناء المدينة في "جمعية سريّة" إلا إذا كنت عايز المدينة تبقى مدينة عسكرية مثلاً !! سادسًا : ليس معني أن نطبل بالقول إن شركات عالمية هي التي تنفذ المدينة (مثل سكيدمور أو ينجز أند ميريل)، أن هذا يعني أنه شيء إيجابي، بالعكس له إشارات سلبية لأن مصر سبق أن جربت مكاتب التخطيط العالمية لبناء مدن تحولت إلى أشباح فاشلة، مثل التعامل مع استشاريين أمريكان على مخطط مدينة السادات الفاشل، والتعامل مع استشاريين سويديين وأمريكان على مخطط العاشر من رمضان، واستشاريين ألمان على مخطط 15 مايو والعبور واستشاريين هولنديين على مخطط برج العرب، وكلهم فشلوا ولم يصلوا للأهداف المرجوة منهم. فالاستشاري الأجنبي في النهاية واحد جاي يأكل عيش وأمامه حكومة من دولة فقيرة ولو عمل لهم أي حاجة هايشتروها منه لأنه "أجنبي" فقط. سابعًا : فكرة العاصمة عائمة غير محددة ، فالاستشاري الأمريكي يقول إن المشروع هو "عاصمة جديدة" بينما المطور الإماراتي يقول إنه "امتداد للعاصمة القديمة" والحكومة تقول إنها "عاصمة إدارية" يعني هما مش عارفين يتفقوا على ماهية المشروع أصلاً. ثامنًا : ليس مبررا أن يقال أنه تم الاعتماد على شركات عالمية وإنها لن تخسر فلوسها في مثل هذا المشروع بينما التاريخ يعلمنا أن شركات عالمية عظيمة وضعت فلوسها في مشاريع فاشلة، و"إعمار الإمارات" تحديداً كانت مساهم في صنع أكبر أزمة "فقاعة عقارات" حدثت في العالم خلال أزمة 2009. تاسعًا : في الأكاديميات المعاصرة هناك حالات دراسية مدهشة ومرعبة في نفس الوقت لمدن فشلت على الرغم من توافر الإرادة السياسية والعقارية لنجاحها، وأشهر الأمثلة "مدن الأشباح الصينية". عاشرًا : لكي تتجنب عمل مدينة أشباح، لابد من عمل دراسات كافية عن : ليه هنبني المدينة؟ ولمن؟ وكيف؟ ولابد أن يكون سكان المدينة شريك فاعل في التحضير لها، إلا إذا كان الهدف بناء بروج مشيدة للانقلابيين لا الشعب.