على غير العادة؛ لم تنتفض الشعوب العربية بسبب المجزرة التي ارتكبها الصهاينة أمس ضد أبناء فلسطين المطالبين بحق العودة، واختفت المظاهرات الحاشدة من شوارع القاهرة ودمشق وعدن وطرابلس وعمان.. وغيرها من الحواضر العربية التي كانت تمتليء بالمتظاهرين الرافضين لجهل الاحتلال والذين كان هديرهم يخيف الصهاينة ويربك العملاء من قادة الدول العربية. وتسبب قمع السلطات العربية للإسلاميين، وعلى رأسهم الإخوان، في اختفاء مظاهر الغضب العربي تماما من الشارع العربي، وانفرد الصهاينة بافلسطينيين الذين افتقدوا مؤازرة ملايين المسلمين لهم، ولم يجدوا سوى بيانات باهتة وتصريحات أكثر "بهتانا". الإخوان ودعم فلسطين وكانت جماعة الإخوان المسلمين من أكثر الفصائل التي تسطيع تحريك الشارع العربي والإسلامي، وخاصة في نصرة القضية الفلسطينية، من حيث متابعة انتهاكات الصهاينة ضد الشعب الفلسطيني وفضحها، وإصدار البيانات التعريفية بالقضية ومحاورها وكشف مخططات العدون وملاحقة جرائمه، من خلال المؤتمرات المحلية والدولية، فضلا عن المظاهرات وحملات دعم القضية ومقاطعة منتجات الصهاينة وعملائهم في الوطن العربي. كما كانت "لجنة القدس" من أنشط لجان الإخوان العاملة في مجال التعريف بتاريخ فلسطين وحق المسلمين فيها، وأصدرت العديد من الكتب والدراسات التي فضحت العدوان الصهيوني وأكدت حق المسلمين في الدفاع عن أرضهم حتى استرداد الأرض وحماية العرض. وكانت كتائب الإخوان من أوائل المدافعين عن فلسطين منذ قيام دولة اليهود، ولولا خيانة الحكام لتغيرت الأوضاع بشكل كبير. غياب الأحزاب والحركات الكرتونية يأتي ذلك فيما غاب الحراك السياسي والفعاليات التى كانت ترفع لواء القومية و العروبة أو تعلن دعم فلسطين، بعد أن فضح نظام عبد الفتاح السيسي خنوع الأحزاب السياسية الكرتونية التي كانت تتحرك بناء على تعليمات أمنية، وتفض مظاهراتها بنفس التعليمات، للحد من حراك الشارع العربي تجاه القضية الفلسطينية. كما غابت الأحزاب والنقابات و حتى التغطية الإعلامية لجهاد الشعب الفلسطيني في قضيته، بعد أن أمم نظام السيسي هذه الاحزاب والنقابات، وكمم أفواه الإعلام بما يخدم مصالحه والكيان الصهيوني وينسف القضية. وحدث تراجع عربي وإسلامي في الاهتمام بالقضية الفلسطينية رغم تصاعد الانتهاكات التي يتعرض لها المسجد الأقصى المبارك. ويرى مسؤول ملف القدس في حركة فتح حاتم عبد القادر أن ما يمر به المسجد الأقصى المبارك من انتهاكات إسرائيلية هذه الأيام، يشبه إلى حد كبير ما تعرض له قبيل الانتفاضة الفلسطينية الثانية. وأضاف أنها نفس الأجواء ونفس العدوان والمؤامرة على المسجد الأقصى، مشيرا إلى أن هناك مخططا تشارك فيه كل مكونات الحكم في إسرائيل لفرض وضع جديد في المسجد وبالتالي تقسيمه زمانيا ومكانيا. غياب الحاضنة الشعبية ورغم تأكيده على وجود هبة شعبية في القدس لا تقتصر على المرابطين في الأقصى، فإن عبد القادر أعرب عن أسفه لعدم وجود حاضنة فلسطينية سياسية لهذه الهبة أو حاضنة عربية وإسلامية كما كان عليه الحال عام 2000. كما دعا عبد القادر العالمين العربي والإسلامي إلى التظاهر عقب صلاة الجمعة المقبل تعبيرا عن التضامن مع المسجد الأقصى ودعم المرابطين فيه، وقال "نعد العرب والمسلمين بالصمود، لكننا لا نستطيع أن نعد بالنصر دون دعم عربي وإسلامي لقضية القدس والأقصى". وكان قد أكد الدكتور رامي عياصرة أمين السر العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، بأن الحركة الإسلامية تنطلق في تحركها لأجل القدس من منطلقاتها الثابتة والراسخة تجاه القضية الفلسطينية، وان الصراع مع الكيان الصهيوني صراع وجود وليس صراع حدود، وان الحل الوحيد للقضية الفلسطينية يتمثل بزوال الاحتلال وتحرير فلسطين من البحر الى النهر. وجدد عياصرة التأكيد في هذا السياق أن التحرك الشعبي نابع من تعلق أبناء الأمة بالقدس دينيا وسياسيا. وقال: "علاقتنا بالقدس علاقة عقيدة ودين ,وبالتالي فنحن مستمرون في تحركنا لأجل القدس من غير كلل أو ملل، فالإدارة الامريكية والعدو الصهيوني يراهن على ملل الشارع العربي والإسلامي وبالتالي عزوفهم عن مناصرة القدس ضد قرار ترامب الأرعن.