في الوقت الذي يتلاعب فيه إعلام الانقلاب ببسطاء الفلاحين والصنايعية وأصحاب الحرف في إظهارهم كمؤيدين للانقلابي عبد الفتاح السيسي، الذي أعاد الإعلامي توفيق عكاشة للظهور عبر الفضائيات مجددًا من داخل الحقول مخاطبًا الفقراء والفلاحين، مزايدًا على الشعب أن ينتخب السيسي، لا يستطيع عكاشة ولا إعلام الانقلاب أن ينقل حقيقة ما يعانيه الفلاح المصري منذ عهد السيسي؛ حيث دمر السيسي بسياسته الفاشلة الزراعة في مصر بصورة غير مسبوقة، طالت جميع المحاصيل الاستراتيجية وغير الاستراتيجية. حيث نشر السيسي سياسات الاحتكار من الأسمدة والتقاوي التي ارتفعت أثمانها أضعافًا مضاعفة مما زاد تكاليف الإنتاج، بجانب تحرير سعر الوقود وخفض الدعم عنه، ما ضاعف أسعار العمليات الاستزراعية من حرث وتسوية الأرض وريها عبر الماكينات بعد انخفاض منسوب المياة بالنيل ومن ثم الترع والمساقي، والتي كان آخرها ردم ترعة المحمودية، وخسارة دلتا النيل لمساحات شاسعة من أجود الأراضي. تعميق أزمة الفلاح وتسبب فساد السيسي ورجاله في تعميق ازمات الفلاح المصري، الذي وجد نفسه ينافس المحاصيل الأوربية والروسية على أراضيه؛ حيث فتح السيسي استيراد المحاصيل الاستراتيجية من الخارج وقت مواسم حصاد نفس المحاصيل في مصر، كما جرى مع القمح الروسي والأوكراني؛ ما سمح بتوريد ملايين الاطنان المستوردة على أنها محلية؛ "حيث إن المحلي معروف عنه أنه عالي الجودة" كما جر الانقلاب آفات الأراجوت وغيرها من الأسواق العالمية لتوطينه في مصر ليتضرر مزارعو القمح، الذين يواجهون حربا من النظام الحاكم الذي لا يتدخل لخفض اسعار التقاوي والاسمدة ويغرق السوق المحلي بالمستورد منخفض الجودة بما يهدد السلامة والصحة في مصر والفلاح. وبلغت معاناة مزارعي القطن ذروتها في عهد السيسي، مع تراجع مناسيب المياة المخصصة للزراعة في الدلتا وعدد من محافظات مصر، ارتفعت تكلفة إنتاج القطن ورغم ذلك تستورد حكومة السيسي الاقطان من الهند ومن إسرائيل ومن عدة دول أخرى محطمة الزراعة المحلية. كما قلصت حكومة الانقلاب المساحات المزروعة من الأرز من نحو 2 مليون فدان إلى 700 ألف فدان، بسبب سد النهضة الذي يحرم مصر من اكثر من نصف مخصصاتها المائية الواردة من إثيوبيا.. بجانب فتح باب الاستيراد من الهند في موسم الحصاد بما يضر الفلاح المصري الذي يطالب بفتح باب التصدير لتصريف الكميات الزائدة من الأرز تخفيض كميات المياة المستهلكة في الزراعة، في الوقت الذي تسمح فيه بالتوسع في زراعة الموز الذي يستهلك أكثر من الأرز بمرات عديدة من المياه؛ حيث يتحه رجال الأعمال وكبار قيادات الجيش لزراعات الموز في أراضيهم التي يسيطرون عليها. البصل بعد القطن والأرز والقمح ومؤخرًا، تفجرت أزمة كبيرة يعيشها آلاف المزارعين بالمحافظات المختلفة، عقب وقوعهم في خسائر متعاقبة في موسم زراعة وحصاد محصول البصل، في ظل وجود كميات كبيرة بالأسواق، واستمرار غلق أبواب التصدير للخارج؛ ما تسبب في انخفاض أسعار المحصول لمبالغ تقل عن تكلفة إنتاجه، وحطم آمال العاملين في زراعته لأشهر طويلة. وأكد العديد ممن يزرعون البصل حاليًا وقوعهم في مأزق كبدهم خسائر فادحة، بعد أن أعلنت حكومة الانقلاب منذ عدة أشهر اقتراب بدء فتح باب التصدير للمحصول مرة أخرى، مما جعلهم يقبلون على زراعته بكميات كبيرة، إلا أن ذلك لم يحدث، وانتهى بهم المطاف إلى طرح المحصول في الأسواق، التي لم تجد لها حلاًّ للتصريف إلا بتخفيض أسعار المحصول، والتي وصلت لأول مرة منذ سنوات طويلة إلى 70 قرشًا للكيلو بإجمالي 700 جنيه للطن الواحد، بعد أن كان الطن يحقق مكاسب ضعف ذلك المبلغ خمس مرات للمزارع. يشار إلى ان زراعة البصل تستغرق ما يزيد على 5 أشهر، بحسب التربة التي يُزرع فيها، سواء كانت طينية أو صفراء، وطوال تلك الأشهر نتكبد الكثير من المصاريف بين العمالة اليومية التي تصل ل 100 جنيه للعامل الواحد، وكميات كبيرة من الأسمدة تبلغ 3 آلاف جنيه للطن، والذي يكفي فدانًا ونصفًا على الأٌكثر، وكذلك 3 إردبات تقاوي بسعر 550 جنيهًا للإردب الواحد، والري عدة مرات، وغيرها من تكاليف السولار والنقل والحصاد، بإجمالي تكلفة إنتاج 12 ألف جنيه تقريبًا للفدان، الأمر الذي ينتهي بخسارة الفلاح. فيما لا تتجاوز إنتاجية الفدان من البصل 15 طنًّا، مما يعني أن الفلاح سيجني في ظل الأوضاع الحالية مبالغ لا تزيد على 10 آلاف جنيه لكل فدان، ويحقق خسارة قدرها ألفا جنيه على أقل تقدير. بينما يهمش النظام الذي يقوده السيسي لتدمير الزراعة المصرية، مطالب الفلاحين بفتح أبواب التصدير وعدم خلق أسواق بالخارج، في ظل الظروف الصعبة للفلاحين. ويرى عادل الشريف، نقيب المزراعين بسوهاج، أن مزارعي البصل ظُلموا بشكل كبير هذا العام، ووقعوا في أزمة وصفها بالكارثية، بعد أن وصلت الأسعار إلى مستوى مُتدنٍّ، متهمًا المسؤولين بالمشاركة في الأزمة؛ لعدم تحديد الأسعار بالأسواق. وأضاف الشريف أنه رغم الصعوبات التي تواجه المزراعين دائمًا، إلا أنهم كانوا يحاولون خلق منافذ لتحقيق هامش ربح مقبول، وذلك من خلال التوريد لمصنع البصل بسوهاج، والذي كان قلعة صناعية كبيرة على مستوى الصعيد، ولكنه توقف منذ 10 سنوات تقريبًا، وكان بمثابة ضربة موجعة للفلاحين، حيث كان يتم تصدير منتجاتهم للدول الأوروبية بكميات كبيرة، من خلال ذلك المصنع، وعقب ذلك ظلت الأزمة مستمرة، حتى توقفت عملية التصدير بشكل كامل، وأصبح السوق المحلي هو المنفذ الوحيد للمحصول؛ ما انعكس في النهاية على مزارعيه بمزيد من الخسائر وإتلاف كميات كبيرة بالمخازن. وبحسب مزارعين بصعيد مصر، ظل محصول البصل الورقة الرابحة لسنوات طويلة، إذ حقق في بعض المواسم مكاسب تزيد على 15 ألف جنيه للفدان الواحد، قبل الغلاء الكبير الذي تشهده مستلزمات الزراعة، وأثناء رواج عملية البيع والتصدير للدول المختلفة، وكان حينها سعر الكيلو لا يقل عن جنيهين، ويصل لأربعة جنيهات، إلا أن ذلك تراجع عامًا تلو الآخر في ظل غياب الوعي الحكومي بمدى الأزمة، وانعكس ذلك بالسلب على الفلاحين، خاصة المستأجرين ممن يدفعون 8 آلاف جنيه للفدان سنويًّا. وهكذا تبقى الحقيقة التي يخفيها إعلام الانقلاب بحملات التطبيل للسيسي، بأن تدمير الزراعة والمزارعين هدفا استراتيجيا بزمن الانقلاب العسكري….فهل يمكن بعد تلك الالالم من الانخداع للسيسي واعلامه وتجاهل حقيقة الواقع!