بعد الزفة التي أطلقتها صحف وفضائيات العسكر على مدار الأيام الثلاثة لمسرحية انتخابات الخارج، والتي وصفت الإقبالَ بالتاريخي، وأن المصريين يبهرون العالم والعناوين النارية المشابهة؛ جاءت مؤشرات الأرقام لتفضح هذه الأكذوبة وتؤكد أن الإقبال «مش تاريخي». مقارنة كاشفة وبمقارنة بين الرئاسة عام 2012 التي كانت أنزه انتخابات في تاريخ مصر، مع مسرحية 2018م بالخارج، تكشف انخفاضا كبيرا في مستوى المشاركة عما حدث في 2012 رغم الفوارق الكبيرة في الحالتين. فمثلا في انتخابات 2012 كان يتعين على من يريد الإدلاء بصوته أن يسجل اسمه أولا قبل الانتخابات بعدة شهور في سجلات الانتخابات لحصر العدد الحقيقي للناخبين في الخارج، بينما في مسرحيتي 2014 و2018 لم يحدث ذلك، واعتبر كل المصريين- يقدر عددهم بحوالي 10 ملايين مصري- يحق لهم الانتخاب ببطاقة الرقم القومي؛ تسهيلا وأملا في حشد الناخبين الذي لم يتحقق. ففي انتخابات الخارج 2012 بلغ عدد من أدلوا بأصواتهم في المملكة العربية السعودية، باعتبارها تضمّ أكبر كتلة تصويتية للمصريين في الخارج، 92 ألفًا و255 ناخبًا في جولة الإعادة، مقارنة بنحو 23 ألف ناخب في 2018، وفق المؤشرات الأولية. ورغم هذا الفارق الضخم، قال ناصر حمدي، سفير نظام العسكر في السعودية، في تصريحات صحفية: إنّ الإقبال على صناديق الاقتراع كان "كبيرًا ومشرفًا"!. وفي انتخابات 2012 ذاتها، حصل مرشح خاسر، هو الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، على نحو 35 ألف صوت انتخابي من السعودية، ما يشير بوضوح إلى ضعف الإقبال على مسرحية الرئاسة الحالية، في بلد يضم أكثر من 4 ملايين مصري، يحق لمئات الألوف منهم التصويت في الانتخابات، التي توفّرت فيها تسهيلات كبيرة لتشجيع المغتربين على الإدلاء بأصواتهم، على رأسها السماح لصاحب جواز السفر المنتهي، والمهاجر غير الشرعي بالتصويت، من دون الكشف عن محل الإقامة. وفي الكويت، أدلى 29 ألف ناخب بأصواتهم في مسرحية 2018، وفق ما أكّده السفير المصري بالكويت، عبد الكريم سليمان، مقابل 54530 ناخبًا في 2012، أما الإمارات، فشهدت مشاركة 16 ألف ناخب في انتخابات 2018، مقابل33148 ناخبًا في 2012. ويظهر هذا الإقبال الضعيف في الدول الخليجية، صاحبة الكتلة التصويتية الأكبر للمصريين في الخارج، "عدم دقة" وصف إقبال مصريي الخارج على التصويت ب"التاريخي" و"الكبير". وأعلن إعلاميون موالون للسلطة أول نتائج فرز لجنة الانتخابات بالسفارة المصرية بالخرطوم، حيث حصل الجنرال السيسي على 932 صوتا، ومرشح حزب الغد موسى مصطفى حصل على 12 صوتا، وأن السيسي حصل على 33826 صوتا فقط بحسب تقديرات إعلامية في استفتاء لا علاقة له بالانتخابات. وعندما تعلم أن عدد الجالية المصرية المقيمة بالسودان يبلغ نحو 500 ألف مواطن مصري (بحسب صحيفة الاهرام)، ومعنى مشاركة 944 فقط منهم أن هناك عزوفا شديدا. يفسر البعض ذلك بأن معسكر الانقلاب كان يتوقع فراغ اللجان تماما، فلما حضر من (1 إلى 2%) طبلوا واعتبروا ذلك إقبالا غير مسبوق!. فالأرقام التي تم تسريبها تشير إلى حالة العزوف عن التصويت، وأن مظاهر الحشد المصطنعة أمام بعض اللجان والرقص كانت محاولة للتضليل وستر عورات فقدان الشرعية. أسباب ضعف الإقبال واعتبر الدكتور عمار علي حسن، أستاذ علم الاجتماع السياسي، أن تراجع نسبة المشاركة في مسرحية الخارج، مقارنة بانتخابات 2012، أمر طبيعي تتعدّد أسبابه، في مقدمتها أن انتخابات 2012 شهدت تنافسًا حقيقيًا، وسط "حالة ثورية" دفعت ملايين المواطنين إلى صناديق الاقتراع، لشعورهم بأنَّ صوتهم وحده سيحدد مصيرهم مستقبلًا. وتوقع تراجع الإقبال في 2018 عن نظيرتها في 2014؛ لأن هذه الفترة شهدت حالة من الاستقطاب الشديد في المجتمع، وهو الأمر الذي لم يعد له تأثير كبير على الأرض في الفترة الحالية. وأوضح، في تصريحات بحسب "مصر العربية"، أنَّ الانتخابات الحالية تفتقد المصداقية والجاذبية، وأشبه بالاستفتاء، مبينًا أن السلطة لم تسمح لأي مرشح "حقيقي" بمنافسة السيسي، واختارت المرشح المنافس، موسى مصطفى موسى، لقناعتها بعدم إمكانية حصوله على نسبة تصويتية تُذكر. وأوضح أنَّ الإقبال على التصويت في الخارج جاء ضعيفًا، رغم التسهيلات غير المسبوقة التي قدمتها الدولة؛ لقناعة المواطنين بأن أصواتهم لن تؤثر بأي حال في نتيجة الانتخابات، المحسومة مسبقًا، على حد تعبيره. صورتك أهم من صوتك وتداول نشطاء على مواقع التواصل مقطع فيديو من مشهد المسرحية بسفارة العسكر بالنمسا، يكشف أكذوبة الطوابير التي تأكد أنها مصنوعة على عين المخابرات للترويج والتسويق وتزييف نسبة المشاركة والوهم على غير الحقيقة بكثافة الإقبال. في المقطع، يبدو صوت مخرج اللقطة واضحا "اللي ورا هيظهر قبل اللي قدام والتصوير هيبدأ من هنا ومش عاوزين يبان إننا بنصور.. وحاولوا تظهروا كأنكم طابور وجايين". ونشر حساب "ثوري حر" الفيديو وعلق مستعيناً بالحديث الدائر داخله: "مش عايزين نبين إن احنا بنصور، عايزين نبين إن احنا في طابور تصويت عادي .. تسريب من داخل السفارة المصرية في فيينا النمسا.. نترك لكم التعليق .. مسخرة وأهم حاجة اللقطة وتضليل الناس! بلحة بلا شرعية مهما عملتم. #هقاطع_المسرحية_عشان". وغردت آيات أمين: "ليس المهم صوتك ولكن المهم صورتك لأنها هي اللي هيصدروها للعالم ويقولوا في انتخابات وهي مسرحية هزلية معروف نتيجتها مسبقاً".