يخطئ من يظن أن جنرال الانقلاب عبد الفتاح السيسي يريد التخلص من المسلحين في سيناء؛ فالجنرال الموهوم بتضخم الذات يرى في وجود تنظيمات مسلحة على غرار "ولاية سيناء" و"داعش"، ضرورة لبقاء حكمه وتكريس استبداده، كما تعتبر شماعة جاهزة لتسويق حكمه- منزوع الشرعية- في أمريكا والغرب، وفرصة لتحجيم معارضيه ومصادرة الفضاء السياسي، وتمرير المسرحية العبثية بحجة الحرب على الإرهاب. فشل أم سبوبة؟ وفي مغزى لا تخفى دلالته، وثَّقت وكالة رويترز- في تقرير لها أمس الأربعاء- مقتل 1800 من أهالي سيناء في الفترة من أواخر 2014 حتى اليوم وفقًا لبيانات المتحدث العسكري، وتؤكد "رويترز" أن الاستقرار لا يزال بعيدا عن مصر، وأن قوة السيسي «الغاشمة» لم تهزم المتشددين في سيناء. ورغم أن وسائل الإعلام الموالية للعسكر، كانت تقلل باستمرار من حجم وعدم قدرة المسلحين في سيناء، وتؤكد أنهم لا يتجاوزون عدة مئات!. فلماذا يتعاظم المسلحون وينتشرون بكثافة رغم مقتل هذه العدد الضخم وفقا لبيانات المتحدث العسكري؟. يبدو أن هناك "مافيا" بحسب الكاتب والمحلل السياسي عبد الناصر سلامة، تسترزق من استمرار هذه الحرب العبثية ضد ما يسمى بالتطرف، رغم أن أزمة مصر دائما لم تكن في الخطاب الديني بقدر ما هي في الخطاب السياسي، وتكريس حالة القمع والاستبداد، والتوسع في المظالم السياسية والاقتصادية والاجتماعية. لماذا إذا تمكنت مجموعات مسلحة في مصراتة ودرنة الليبية خلال 5 شهور فقط من القضاء على خطر تنظيم داعش عندما اتخذ من مدينة "سرت" عاصمة له في ليبيا وشمال إفريقيا لتأسيس خلافته بعد مؤشرات تقويض خلافته الأساسية في سوريا والعراق، بينما لا يزال الجيش المصري المدعومً بقوات الشرطة والمخابرات غير قادر على قهر هؤلاء المسلحين؟!. وتابع "أهي عدم قدرة استدعت الاستعانة بقوات أجنبية هي الاحتلال الصهيوني للقيام بمهام وقصف أهداف بسيناء عبر طائرات الإف 16 أمريكية الصنع بعد اكتشاف أن طائرات الرافال «منزوعة الصواريخ»، ولا تصلح سوى للقيام بالاستعراضات ورسم القلوب، وهي التي تكلفت 6 مليارات دولار عبارة عن قروض سيتكلف الشعب دفعها بلا طائل؟ أم أن الجنرال حريص كل الحرص على بقاء داعش وولاية سيناء؟". شماعة إلهاء بهذه الشماعة "المزعومة" يمكن للجنرال إلهاء الشعب بشيء كبير وضخم، والزعم بقداسة الحرب رغم أنها الأكثر نجاسة وقذارة في تاريخ مصر؛ حيث يتم تهجير أهالي سيناء كما حدث في رفح والشيخ زويد من أجل تمرير صفقة القرن المشبوهة لتمرير المشروع الأمريكي الصهيوني على حساب مصر والعروبة والإسلام. تُرى ما قيمة هذه القوات الضخمة والأسلحة الكبيرة التي يتم الاستعراض بها على الشعب، بينما يعجز النظام عن قهر عدة مئات من المسلحين ويتم التفريط في تراب الوطن عبر صفقات مشبوهة كما حدث في تيران وصنافير، وكما يتم عبر التواطؤ المقصود بتجاهل أم الرشراش "إيلات حاليا"، والتي يحلتها الصهاينة منذ عام 1949م دون أي جهود من جانب عسكر مصر لتحريرها من الأعداء؟. لا يقف الأمر عند هذا الحد المزري، بل يصفق طبالو النظام لصفقاته مع العدو الذي لا يزال يحتل تراب مصر، وقتل مئات الآلاف من جنودنا عبر حروب طويلة وممتدة منذ زرع الكيان الصهيوني في خصر الأمة العربية والإسلامية عبر قوى الإمبريالية العالمية. فلو علم هؤلاء القادة والجنود المصريون الذين ارتقوا شهداء في الحروب ضد الصهاينة أن عميلا مثل السيسي سيحكم مصر، ويعقد مع العدو اللدود صفقات بعشرات المليارات من الدولارات لتكريس وجودهم الشيطاني وتحقيق الرفاهية لشعبهم المحتل؛ لما أقدموا على الخدمة في الجيش من الأساس، ولوفروا على أنفسهم عناء الحرب ضد العدو، ولأعطى أكثرهم الأولوية للتخلص من العدو الداخلي أولا وهم العملاء والخونة الذين تمكن الصهاينة والأمريكان من تجنيدهم لقمع شعوبنا وتنفيذ مخططاتهم. العسكر وداعش وجهان لعملة واحدة الحقيقة التي باتت لا تحتاج إلى برهان، أن الجنرال الدموي عبد الفتاح السيسي وتنظيم داعش وجهان لعملة واحدة في الإجرام والوحشية، كلاهما تكفيري، هذا باسم الوطن وهذا باسم الدين، وكلاهما يستهدف تهجير أهالينا في سيناء عبر ممارسات إجرامية لا علاقة لها بالإسلام أو الوطنية، لكنها أجندات تصب في نهايتها لصالح الصهاينة وتقويض بلادنا بزعم أن البدائل المتاحة هي الاستبداد العسكري متمثلا في السيسي وعصابته، أو الهمجية والوحشية المفرطة باسم الدين متمثلا في البغدادي وعصابته، متجاهلين أنه هناك تيارا شعبيا واسعا يقدر بالملايين، أطيح به بمنتهى الخسة عبر انقلاب عسكري دموي، ومورست بحقه مجازر دموية يندى لها جبين الإنسانية، بعد أن فاز بثقة الشعب في كل الاستحقاقات الديمقراطية في مصر بعد ثورة يناير، وأن هناك رئيسا منتخبا يقبع خلف قضبان العسكر، فاز بأنزه انتخابات شهدتها مصر طوال تاريخها كله!.