من لا يتذكر ما أصبح يطلق عليه بصفقة القرن، لقد كان أول من ذكر صفقة القرن قائد الانقلاب الدموي السفيه عبد الفتاح السيسي، وقد ذكر هذه العبارة رفقة رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية ترمب بالبيت الأبيض، عندئذ تناقلت وسائل الإعلام العربية بشكل خاص، والعالمية بشكل عام هذه العبارة دون أي معرفة لحيثياتها ولا أهدافها. الجديد في الأمر ما قاله مسئول سعودي لرويترز، اليوم الاثنين، بأن مصر تعهدت بألف كيلومتر مربع من الأراضي في جنوبسيناء؛ لتكون ضمن مدينة نيوم العملاقة، التي أعلنت السعودية في العام الماضي اعتزامها إقامتها بتكلفة 500 مليار دولار، فيما يتساءل مراقبون إن كان التنازل الجديد من طرف السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي له علاقة بالتنازل السابق عن جزيرتي تيران وصنافير و بترتيبات صفقة القرن؟ ورداً على التساؤل، يقول أحد الناشط كرم شومان:" بص هبسطهالك…لو أنت عندك مليون كم مربع وجيت أخدت منك ألف بس واديتك شوية رز تكمل بيهم حلم المائة مليار دولار اللي عشا الغلابة عليهم يا رب، هيحصل حاجة؟؟ والنبي ما هيحصل حاجة". وغرد الناشط اليساري كمال خليل: "شمال سيناء منطقة حرة تدخل فى نطاق مشروع نيوم بموجب اتفاقيات وقعت خلسة من وراء ظهر الشعب منذ عام ونصف، انشروا الاتفاقات السرية مع آل سعود". وتقع الأراضي الجديدة المتنازل عنها بمحاذاة البحر الأحمر جزء من صندوق مشترك قيمته عشرة مليارات دولار، أعلنت الرياض وسلطات الانقلاب تأسيسه في ساعة متأخرة من مساء أمس الأحد خلال زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للقاهرة. كشف المستور ومع توالي الأحداث بمنطقة الشرق الأوسط وتسارعها، بدأت تطفوا على السطح بعض معالم ما يسمى بصفقة القرن، واتضح اليوم أن الأمر يتعلق بالقضية الفلسطينية والعمل على تصفيتها بشكل نهائي، وقد ظهر الأمر جهارا نهارا بدءا من خلال الدعوة إلى تطبيع كامل وعلني مع الاحتلال الإسرائيلي؛ وذلك عن طريق عقد اتفاقات وتفاهمات مع سلطات الانقلاب بمصر، والإمارات والسعودية التي أمرتا بممارسة الضغط على رموز كبار الشخصيات الفلسطينية من أجل القبول بهذه الصفقة. وقبل أكثر من عام وتحديدا في 21 فبراير 2016؛ عُقد في العقبة الأردنية -وفق تسريب لصحيفة هآرتس- لقاءٌ رباعي بين بنيامين نتنياهو وجون كيري و السيسي وعبد الله الثاني، ناقش أفكاراً جديدة للحل على أساس من يهودية فلسطين وبيع الأراضي، لكن الجميع أنكروا هذا الاجتماع عدا نتنياهو! وبعد عام وفي 12 فبراير 2017؛ أعلن عضو حزب الليكود أيوب قرا أنه أثار مع نتنياهو مقترح دولة فلسطينية في سيناء وفق خطة السفيه السيسي، لتعبيد طريق السلام الشامل مع "الائتلاف السني" حسب وصفه، بعدها عرض نتنياهو المقترح على الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي وافق فوراً. حينها نفي المتحدث باسم سلطات الانقلاب ذلك مطلقاً، وأكد هذا النفيَ السفيه السيسي نفسُه بقوله "لا أحد يملك أن يفعل ذلك"، كما صرح -خلال لقائه مع ترمب- بأن "السلام بين إسرائيل وفلسطين سيكون صفقة القرن"! التمويل السعودي التهويد الكامل للقدس وإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بأنها عاصمة الكيان الصهيوني جزء من الخطة الإسرائيلية الكبرى التي يطلق عليها "صفقة القرن" التي تهدف إلى إنهاء القضية الفلسطينية وإلغاء وجود فلسطين، وانتفض العالم الإسلامي غضبا ضد القرار وعبرت الشعوب المسلمة عن إدانتها ولكن الملاحظة الأهم هي الصمت الرسمي الذي التزم به معظم رؤساء وملوك العرب، ومعهم السعودية وقائد الانقلاب في مصر، حيث بدوا وكأن الأمر لا يعنيهم. وبرأي خبراء أكد هذا الصمت الحقيقة الصادمة وهي أن حكام بعض الدول العربية يشاركون في مؤامرة ترمب ونتنياهو لسرقة القدس وإتمام الصفقة الملعونة التي يرتبون لها سرا. وباتت الأمة أمام صفقة حرام، بدايتها بيع القدس وستمتد إلى غزة، ولن يقف التوسع الصهيوني عند حدود فلسطين وإنما ستتواصل عملية السطو إلى تدويل شمال غرب المملكة السعودية "نيوم" وتحويل سيناء إلى مخيم مؤقت للاجئين الفلسطينيين بعد طردهم من غزة حسب التصورات الصهيونية. وخلص الكاتب راينر هيرمان،في تقرير نشرته صحيفة «فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ» الألمانية، إلى أن اهتمام الرئيس محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد، بتنمية شبه جزيرة سيناء، شمال شرقي البلاد، كان أحد أسباب الانقلاب العسكري عليه من وزير دفاعه آنذاك السيسي، في يوليو 2013، الذي أعاد المنطقة لدائرة التهميش مجددا. وقال إن مجمل السياسات التي ينفذها نظام «السيسي» بشبه الجزيرة المصرية، تؤشر لإعداد هذه المنطقة لإقامة دولة فلسطينية فوقها، ويمثل إقامة دولة فلسطينية في سيناء بدلا من الضفة الغربية وقطاع غزة أساس «صفقة القرن» التي تتحدث التسريبات عن إبرامها بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل من جهة، والسيسي وبن سلمان وبن زايد من جهة أخرى. وحذر «هيرمان» من أن المتداول عن صفقة القرن تجاوز ترحيل الفلسطينيين من الضفة الغربية لشمالي سيناء، إلى إثارة قضية تهجيرهم من القدسالشرقية إلى العريش ومحيطها. ووفق مراقبين جاءت صفقة القرن لتنفيذ خطة رئيس جهاز الأمن القومي الإسرائيلي الأسبق إيغورا أيلاند ليست مجرد أفكار على الورق وإنما قطعوا شوطا كبيرا منها خلال العامين الماضيين، والغريب أن الذي قام بالمهمة حكام المفترض أنهم عرب ناهيك أن يكونوا مسلمين، حتى وان جاءوا على رؤوس الدبابات وليس الإسرائيليون!