قالت "فورين أفيرز" الأمريكية: إن حملة روسية جديدة لمكافحة الفساد ستغرق نظام الرئيس فلاديمير بوتين نفسه، مشيرة إلى أن تلك الحملة ضد الفساد تمهد المسرح لانهيار النظام على الرغم من أن الحملة كانت خيارا. وأوضحت المجلة، فى تقرير نشر مؤخرا، بعنوان: "التدمير الذاتى لبوتين"، أن الغرفة الأولى للبرلمان الروسى قد مررت فى إبريل الماضى قانونا يمنع أعضاء البرلمان بغرفتيه من الحصول على حسابات فى بنوك أجنبية. وامتد الحظر ليشمل كل الموظفين العموميين، بمن فيهم موظفو البنوك ومن يديرون شركات مملوكة للحكومة، وبعد ثلاثة أشهر من توقيع بوتين على القانون فلن يكون مسموحا لمسئولى الحكومة فتح حسابات فى بنوك بالخارج ولو لدفع مصروفات تعليمية أو طبية. ووعد بوتين أن هذه هى فقط البداية، لعلمه أن مهاجمة الفساد فى الحكومة أمر محبوب ويعجب العامة، لكسب الدعم الشعبى عقب موجة من الاحتجاجات، إلا أن المجلة تقول إنه رغم ذلك إلا أن الكرملين يتجاهل أن تلك الحملة سلاح ذو حدين يؤدى إلى نزع الشرعية عن النظام فى نهاية المطاف، وعللت المجلة ذلك بأن مساعدى بوتين سيتم الإطاحة بهم وكذلك تطهير الحكومة. وأوضحت أن بوتين يواجه لحظة حرجة وخطيرة؛ حيث يمكن فقدان سيطرته على النخب الروسية، مشيرة إلى أن جهود بوتين لمكافحة الفساد قد تلقى مصير حملة لمناهضة شرب الخمور فى عهد الرئيس الأسبق ميخائيل جورباتشوف؛ حيث كان تناول الخمور يؤدى إلى الوفاة والتغيب عن العمل وقلة الإنتاج، لكن السوفيت وقتها رأوا أن ذلك ضد حياتهم المعتادة، فقاموا بمعاقبة الحزب الحاكم سياسيا. وفى حالة بوتين فإنه يواجه مشكلة الحقوق المكتسبة للنخبة الروسية الذين يؤمنون أنه تم تخويلهم لسرقة مقدرات البلاد، وأن ذلك أصبح جزءا أساسيا من "عقدهم غير الرسمى" مع بوتين. وتوضح "فورين أفيرز" أن هؤلاء مقتنعون بقداسة تلك الصفقة، لدرجة تجعلهم يقاومون جهود مكافحة الفساد ب"أيديهم وأسنانهم"، وفقا للمجلة. وعن تبعات القانون، قالت المجلة: إن العديد من رجال الأعمال السوفيت استقالوا من مجلس الشيوخ للمحافظة على حساباتهم فى البنوك الأجنبية، كما أن آخرين حاولوا إخفاء ما لديهم من مال بشكل أفضل. وفى غضون السنتين أو السنوات الثلاث المقبلة، فيمكن لحملة مكافحة الفساد أن تخرق أسطورة سلطة بوتين بنفس الطريقة التى حدثت مع حملة جورباتشوف المناهضة للخمور. وختمت المجلة تقريرها بأنه على عكس توقعات الكرملين فإن الحملة يمكن أن تضعف ولاء النخب، وتقوى مطالبات المواطنين بالتغيير؛ مضيفة أنه فى محاولة لإعادة النظر فى الصفقة التى أبقته فى السلطة لأكثر من عقد، فإن بوتين ربما يكون قد زرع بذور زواله.