وسط تفاقم ظاهرة الاتجار بالبشر فى دول الاتحاد الأوروبى، يسعى الاتحاد للقيام بالعديد من الخطوات من أجل الحد مما بات معروفا ب"عبودية العصر الحديث"، حيث أعلنت أكثر من مائة جمعية مدنية فى الاتحاد الأوروبى عن إنشاء شبكة أوروبية موحدة لمكافحة الاتجار بالبشر، يتم من خلالها التعاون بشكل أوثق لمساعدة ضحايا ظاهرة الاتجار بالبشر. وتقوم المفوضية الأوروبية على هذه الشبكة الجديدة، التى تضم منظمات المجتمع المدنى الناشطة بمجال حقوق الإنسان وحقوق الطفل والمرأة، والمساواة بين الجنسين، وحقوق المهاجرين. ووفق بيان إنشائها، ستمكن الشبكة أعضاءها من تبادل الخبرات والأفكار العملية حول كيفية تقديم المساعدة على أفضل وجه ممكن للضحايا، وتوسيع شبكاتها الخاصة، ومنع أشخاص آخرين من أن يصبحوا بدورهم فريسة للمتاجرين البشر. وكانت المفوضية الأوروبية قد دعت مؤخرا الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى إلى المضى قدما فى اعتماد قواعد جديدة أكثر صرامة ضد مسألة الاتجار بالبشر أو مواجهة عقوبات، بعد أن أظهر تقرير أن العبودية الجديدة تتفاقم فى دول الاتحاد. ووصل عدد ضحايا الاتجار بالبشر فى دول الاتحاد الأوروبى إلى 23623 شخصا، خلال الفترة ما بين عامى 2008 و2010، وفقا لإحصائيات قدمتها المفوضية الأوروبية بأول تقرير حول مكافحة الاتجار بالبشر بالاتحاد. وفقا للتقرير فإن عدد ضحايا الاتجار داخل الاتحاد الأوروبى وبلدان أخرى قد ارتفع بنسبة 18% بين عامى 2008 و2010، فى حين أن عدد المتاجرين الذى حكم عليهم بالسجن قد تراجع بنسبة 13% خلال الفترة نفسها. وفيما يتعلق بجنس الضحايا، فقد بلغ 68% من النساء و17% من الرجال و12% من الفتيات و3% من الفتيان، وقد تعرض هؤلاء للاستغلال الجنسى بنسبة 62% من الحالات، والعمل القسرى 25%، إضافة إلى أشكال أخرى من الاتجار بالبشر لغرض الحصول على الأعضاء البشرية والأنشطة الإجرامية وبيع الأطفال التى تصل نسبتها المئوية إلى حوالى 14%، وأغلب الضحايا الذين جرى التعرف عليهم مواطنون من رومانيا وبلغاريا، أفقر عضوين فى الاتحاد الأوروبى. وقالت مفوضة الاتحاد الأوروبى لشئون الأسرة "سيسيليا مالمستروم": إن الآلاف يقعون ضحايا جرائم الاتجار بالبشر كل عام فى الاتحاد الأوروبى. وأضافت: "ما نعرفه هو مجرد غيض من فيض على الأرجح". من جهة أخرى، أظهرت إحصاءات منظمة العمل الدولية العام الماضى أن ضحايا الاتجار بالبشر بلغوا 21 مليون شخص فى أنحاء العالم؛ وأن 880 ألف شخص أجبروا على ممارسة الأعمال الشاقة فى دول الاتحاد الأوروبى، وهى مشكلة يتوقع أن تتفاقم فى ظل الأزمة الاقتصادية التى تمر بها أوروبا. ورغم إصدار الاتحاد الأوروبى تشريعات لمكافحة الاتجار بالبشر، إلا أنه لم تقم سوى تسع دول فقط، هى جمهورية التشيك والسويد وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا والمجر وبولندا ورومانيا وفنلندا، باعتماد كامل للتشريع بقوانينها الوطنية؛ بينما عملت أربع دول، هى بلجيكا وبلغاريا وسلوفينيا والمملكة المتحدة، على اعتماد جزئى لهذه التشريعات الأوروبية.