تصاعدت حدة الاحتقان بين قوات الأمن التونسية وجماعات السلفيين المسلحة التى تقوم بأعمال عنف متكررة ومناوشات مع رجال الأمن، وهو ما اضطر قوات الأمن لمطاردتها حتى الحدود. وفى خطوة تصعيدية، هدد سيف الله بن حسين -المدعو بأبى عياض المطلوب من قبل الأمن والمختفى حاليا، زعيم تيار أنصار الشريعة- بإعلان حرب على الائتلاف الحاكم بالبلاد الذى تقوده حركة النهضة الإسلامية. كانت الفترة الأخيرة قد شهدت تصعيدا فى لهجة السلطات إزاء الجماعات المسلحة الموالية للقاعدة؛ حيث يطارد الجيش العشرات منها فى غربى البلاد عند الحدود مع الجزائر. وأثارت ممارسات المجموعات المتشددة القلق الداخلى والدولى على مستقبل تونس وتحولها إلى بقعة ساخنة وحرب أهلية، لكن الشارع التونسى والحكومة رفضوا هذه الممارسات، مؤكدين أنه لا مكان لهذه المجموعات فى أرض الثورة. وأعلن راشد الغنوشى -رئيس حركة النهضة- رفضه بشدة لأى مظاهر عنف أو إرهاب، مؤكدا أنه لا مكان للجهاد بتونس، سوى جهاد التنمية والديمقراطية، وأشار إلى أن بلاده فى حالة حرب مع ظاهرة الإرهاب، رافضا التحليلات التى أشارت إلى أن تونس ستشهد حربا أهلية، ووصفها ب"تهويل" بعيد عن الموضوعية. وتعليقا على تصريحات منسوبة لزعيم تيار أنصار الشريعة -المشتبه فيه بالاعتداء على السفارة الأمريكية هناك- دعا الغنوشى المجموعات السلفية إلى "التعقل" والنأى بنفسها عن "الإرهاب" والانخراط فى العمل السياسى السلمى، مشددا على أنه لا مجال للتحاور فى الوقت الحالى مع المجموعات السلفية التى ترفع السلاح فى وجه قوات الأمن والجيش. لكن أبا عياض وجماعته يرفضون هذه الأطروحات، ويعتبرون تشكيل الأحزاب والديمقراطية أعمال "كفر"، مطالبين بالجهاد من أجل تطبيق الشريعة ورفضوا تحقيق ذلك بالطرق السلمية والقانونية، مؤكدين سعيهم بقوة لاستبدال العلم الوطنى بعلم تنظيم القاعدة، بالإضافة إلى نصب خيام فى الأماكن العامة فى تونس تدعو للجهاد ضد الجيش والشرطة. وهو ما رد عليه وزير الداخلية "لطفى بن جدو" بأن قواته ستقوم بملاحقة كل شخص يدعو للقتل، ويحرض على الحقد، وينصب خيمة دعوة، ناصحا السلفيين بالتعقل "قبل أن ينفرط العقد، وقال إن الوزارة ستمنع أيضا "رفع الأعلام غير التونسية" فوق المؤسسات العامة بالبلاد. وفى خطوة استباقية لمنع تسلل المسلحين، قام الجيش الجزائرى بنشر أكثر من 6 آلاف من قواته على الحدود مع تونس لمواجهة احتمال تسلل هذه الجماعات عبر الحدود، وتعمل القوات البرية والجوية الجزائرية المكلفة بمراقبة الحدود بالتنسيق مع قيادة القوات التونسية التى تطارد مجموعتين مسلحتين، الأولى تتحصن بجبل فى ولاية الكاف، والثانية فى جبل الشعانبى فى ولاية القصرين الحدودية مع الجزائر. ويضاف ملف المجموعات المسلحة إلى الملفات الشائكة والعقبات التى تواجه حكومة "الترويكا" التى تقودها حركة النهضة والتى تسعى عدة أطراف لعرقلتها، سواء جماعات متشددة أو بعض اليساريين الذين يستغلون النقابات العمالية وملف العمال بشكل عام لتصدير المشكلات للحكومة وإظهارها فى صورة فاشلة أو ضعيفة فى التعاطى مع الأحداث، وهو ما أثبتت الحكومة عكسه تماما.