فى تصعيد جديد على الساحة السياسية الكويتية، قدم جميع الوزراء استقالاتهم ووضعوها على طاولة رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك؛ فى ردة فعل أولى تضامنية تجاه الاستجوابين المقدمين من النواب إلى وزيرى النفط والداخلية، وقاطعوا جلسة البرلمان، أول أمس، الأمر الذى يفتح الباب على مصراعيه نحو "حل" مجلس الأمة، مما يعيد الكويت إلى دوامة الأزمات السياسية المشتعلة منذ 2006. وقال وزراء إن الاستجوابين كيديان ولدى الحكومة دلائل على ذلك، منتقدين تقديمهما فى هذا التوقيت، بينما لم يبق إلا شهر واحد على حكم المحكمة الدستورية بشأن "الصوت الواحد"، الذى أجريت على أساسه الانتخابات البرلمانية الأخيرة وقاطعتها المعارضة، ولم يستبعد مراقبون أن "يكون هناك من دفع بحزمة الاستجوابات بهدف حل البرلمان وإطالة أمد حسم نظر المحكمة الدستورية فى تعديل القانون الانتخابى". كان نواب كويتيون قد تقدموا بطلب لاستجواب وزير الداخلية الشيخ أحمد الحمود الصباح بسبب ما قالوا إنه "التستر على خلية "إرهابية" وتعريض أمن دولة خليجية للخطر"، وأشار النائبان "صفاء الهاشم" و"يوسف الزلزلة" (شيعة) إلى الطلب وقالا إن الإمارات تقدمت به للكويت للحصول على معلومات حول كويتيين متهمين بمساعدة إسلاميين إماراتيين يحاكمون بتهمة التآمر على نظام الحكم فى بلدهم". كما تقدم ثلاثة نواب كويتيين بطلب لاستجواب وزير النفط "هانى حسين" الذى حملوه المسئولية عن غرامة 2.2 مليار دولار قضى تحكيم دولى بدفعها لشركة "داو كيميكال" الأمريكية تعويضا عن انسحاب الكويت من مشروع للبتروكيماويات بعد شهر من توقيع العقد. ونقلت صحيفة "القبس" الكويتية عن مصادر قولها: إن "استقالة الوزراء لم تقبل، وفى الوقت نفسه لا تزال الحكومة مصرة على عدم حضور أى جلسة لمجلس الأمة فى حال لم يسحب الاستجوابان وهما بمنزلة نقض لاتفاق سياسى (غير رسمى)" سابق". ورأى مراقبون أن "حل المجلس الحالى يرجح عدم استمرار المحكمة الدستورية فى نظر مسألة مرسوم تعديل القانون الانتخابى، لعدم وجود طعون مباشرة فى المرسوم، وجميع الطعون هى طعون انتخابية، وبسببها تبحث المحكمة مسألة قانون "الصوت الواحد"، ومن ثم ليس هناك طعن مباشر فى المرسوم، وفى حال حل المجلس فإن سبب الدعاوى المتعلقة بالطعون الانتخابية سينتهى، ومن ثم عدم النظر أو البت فى مرسوم تعديل القانون الانتخابى". وأشاروا إلى أن حل البرلمان لا يحمى الانتخابات المقبلة من إثارة الطعون المتصلة بسلامة الأساس القانونى لها؛ لأنها ستقام وفق قانون "الصوت الواحد"، ومن ثم فإن حل المجلس يؤجل المواجهة ولن يحسمها. ويأتى تقديم الاستجوابين رغم اتخاذ قرار سابق من المجلس بتأجيل الاستجوابات إلى دور الانعقاد القادم، إلا أن النواب أوضحوا أن هذا التأجيل لا ينطبق على الموضوعات الطارئة أو التى تحتل اهتماما كبيرا، وهو ما ينطبق على الاستجواب عن دفع غرامة "داو كيميكال". ويعد هذا أول اختبار قوة بين الحكومة والنواب الموالين لها، منذ الانتخابات التى جرت فى ديسمبر الماضى وقاطعتها المعارضة. يشار إلى أن جميع وزراء الكويت -باستثناء وزير واحد- هم أعضاء غير منتخبين فى البرلمان، ولا يمكن لجلسة البرلمان أن تعقد إلا إذا حضر واحد منهم على الأقل. وحسب القانون، يمكن للحكومة أن تستقيل فقط بعد أن يقدم رئيسها استقالته شخصيا واستقالة وزرائه إلى الأمير صاحب الكلمة الفصل فى هذا الأمر. وتواجه الكويت أزمات سياسية متكررة، وشكلت منذ منتصف عام 2006 عشر حكومات، كما تم حل البرلمان ست مرات.