تستمر حالة الضباب والتوتر في أجواء العلاقة بين مجلس الأمة الكويتي والحكومة لليوم الثاني ، على خلفية تقديم استجوابين إلى وزيري الداخلية والنفط ، واعتذار الحكومة الكويتية للمرة الثانية عن حضور جلسة مجلس الأمة، دون وجود بصيص أمل في انفراجها. وينتظر الجميع لقاء يعقد اليوم بين رئيس مجلس الأمة على الراشد ورئيس الوزراء الشيج جابر المبارك ، وجهود تبذل من جانب بعض النواب للوصول إلى حلحلة للوضع المتأزم ، من خلال طرح أفكار قد تكون مقبولة لدى الجانبين تقوم على أساس تأجيل الاستجوابات إلى دور الانعقاد المقبل أو إحالتها إلى اللجان البرلمانية لدراسة مدى دستوريتها ، وسط أنباء عن طلب وفد نيابي مقابلة القيادة السياسية اليوم ، لتأكيد مواقفهم السابقة بتأجيل الاستجوابات ، وتوضيح أنه تم نقل رسالة غير واضحة ، وأنهم على استعداد لإحياء علاقة التعاون مع الحكومة، بعد وقوعهم ضحية "رسائل مغلوطة ". موقف صلب ومن ناحيتها ، أظهرت الحكومة الكويتية موقفاً صلباً تجاه المجلس وردت على استجوابي وزيري الداخلية والنفط ولم تحضر جلسة مجلس الأمة أمس ، ولن تحضر جلسة اليوم الأربعاء، كما أعلن رئيس المجلس علي الراشد ، وذلك بسبب تقديم الوزراء استقالاتهم إلى الشيخ جابر المبارك ، وسط توقعات بأن تبدأ الحكومة بلورة الخيارات التي يمكن أن تتخذها للتعامل مع هذه الأزمة خلال هذا الأسبوع. وقال مصدر حكومي لصحيفة " القبس " إنه وبعد فورة الاستجوابات قدّم عدد من الوزراء استقالاتهم دعماً لرئيس الوزراء ولإعطائه هامشاً أوسع من الحركة قبيل لقائه القيادة السياسية ، وأشار إلى أن رئيس الوزراء وضع النقاط فوق حروف الأزمة ، وبيّن بالأدلة أن هناك أطرافاً دفعت نواباً لتقديم استجوابات وإرباك الوضع ، وأكد أن الحكومة على دراية بأن هناك عدداً من النواب يضغطون لحل المجلس بطرق مختلفة من أجل الاحتفاظ بلقب "سابق " وليس "مُبطل ". وشدد المصدر على أن الحكومة غير مستعدة لإجراء أي تعديل وزاري الآن ، نظراً إلى أن أحداً لا يقبل الانضمام إلى حكومة تنتظر حكماً تاريخياً للمحكمة الدستورية في16 يونيو المقبل ، موضحا أن نواباً طرحوا تأجيل استجواب وزير الداخلية الشيخ أحمد الحمود أسوة بالاستجوابات السابقة ، على أن يتم تقديم استجواب وزير النفط هاني حسين ، وهو ما لم يلق صدى لدى الحكومة ، التي نقلت إلى النواب على لسان وزير العدل والأوقاف والشئون الإسلامية شريدة المعوشرجي رسالة مفادها أن الحكومة لن تقبل إلا بسحب استجوابي وزيري الداخلية والنفط ، وإلا فإنها ستفعّل المادة 106، التي تقضي بتعليق جلسات مجلس الأمة لمدة شهر ، وأن الحكومة لن تضحي بأي وزير لأن الاستجوابات كيدية . فتيل الأزمة ومن ناحية أخرى ، أكدت مصادر مطلعة لصحيفة " الوطن " الكويتية أن رئيس مجلس الوزراء تلقى إشارات من القيادة السياسية بحاجة البلاد إلى إعادة تشكيل حكومي ينزع فتيل التأزيم ، ويوفر قبولا نيابيا ، ويزيح بعض الوزراء غير المرضي عنهم من المقدمة في حقهم استجوابات أو المهددين بالمساءلة السياسية ، وأيضا من الذين تراكمت عليهم أسئلة نيابية دون الإجابة عنها. وأشارت إلى أن هذا التوجه لإجراء تعديل يطول من 4 إلى 5 وزراء هو نتاج اتفاق بين القيادة السياسية وبناء على نصائح قدمها رئيس مجلس الأمة علي الراشد وبعض النواب بان الحل في معالجة التصعيد الذي تم بتأجيل الاستجوابات السابقة ثم عودة تقديم استجوابات جديدة ، هو تعديل وزاري خاصة وأن هناك المزيد من الاستجوابات ستقدم لعدد آخر من الوزراء وأن العملية لن تنجح "بالتخدير الوقتي " وإنما تحتاج لاستئصال جذري. وفي هذه الأجواء ، صرحت مصادر نيابية أن عدم ارتياح بعض النواب للوضع الحالي للمجلس من الناحية الدستورية قد يدفع باتجاه التأزيم سعيا إلى "الحل " خصوصا مع قرب إعلان حكم المحكمة الدستورية المقرر بتاريخ 16 يونيو المقبل حول مرسوم الصوت الواحد، بينما أوضح مصدر حكومي لصحيفة " الأنباء " أن استجواب وزير الداخلية فيه شبهة دستورية خصوصا أن المجلس أرجأه لدور الانعقاد المقبل. بالإضافة إلى أنه أقر توصية الداخلية بإيجاد حلول للقضية الأمنية أثناء الجلسة السرية بمدة لا تتجاوز3 أشهر ولم يمض منها سوى شهر واحد ، كما أن استجواب وزير النفط غير دستوري خصوصا أن محور "الداو" شكلت من أجله لجنة تحقيق . وألمح إلى احتمالية استمرار الحكومة بعملها والاتفاق على إحالة استجواب الشيخ أحمد الحمود إلى "التشريعية " وقبول استقالة وزير النفط هاني حسين ، وقال إن الحكومة ستحضر جلسة 28 مايو الجاري وأن الأمور ستسير على ما يرام ، وهناك بوادر حلول وليس حلا واحدا فقط . حزمة الاستجوابات وحذر مصدر برلماني كويتي مخضرم في حديث لصحيفة " الرأي " الكويتية نشرته اليوم من أن يكون هناك من دفع بحزمة الاستجوابات التي تم فرملة بعضها وتقديم بعضها الأخر، بغرض حل المجلس الحالي ، وإطالة أمد حسم مسألة نظر المحكمة الدستورية في مسألة ضرورة تعديل القانون الانتخابي . وفى هذا الإطار ، كشف الخبير الدستوري الدكتور محمد الفيلي أن حل المجلس الحالي يرجح عدم استمرار المحكمة الدستورية النظر أو البت بمسألة مرسوم تعديل القانون الانتخابي. وأضاف الفيلي، وذلك لعدم وجود طعون مباشرة في المرسوم ، وإنما ستنظرها المحكمة من خلال الطعون الانتخابية المنظورة أمامها ، ومتى حل المجلس الحالي ستنتفي مصلحة النظر بهذه الطعون ، وبالتالي عدم النظر أو البت في مرسوم تعديل القانون الانتخابي، وأوضح أنه أولاً لا توجد طعون بمرسوم الضرورة بشأن تعديل القانون الانتخابي ، وجميع الطعون هي طعون انتخابية. وتابع: وعلى ضوئها تبحث المحكمة مسألة مرسوم الصوت الواحد، وبالتالي ليس هناك طعن مباشر بالمرسوم ، وعلى الأرجح وفي حال حل المجلس الحالي فإن مفهوم المصلحة بالدعاوى المتعلقة بالطعون الانتخابية سينتفي ، وسيؤثر في إصدار أحكام بالطعون ، وضمنياً مرسوم ضرورة تعديل القانون الانتخابي ، على اعتبار أن حل المجلس يزيل مصلحة الحكم بالموضوع. مشيرا إلى أن حل مجلس الأمة لا يبرئ الانتخابات المقبلة من إمكانية أثارة الطعون نفسها المتصلة بسلامة الأساس القانوني للانتخابات المقبلة ، لأنها ستقام وفق مرسوم الصوت الواحد ، وبالتالي فإن حل المجلس سيؤجل المواجهة ولن يحسمها . ومن المقرر أن يعقد مجلس الوزراء اجتماعا استثنائيا اليوم ، لبحث تداعيات ملف قضية الداو كيميكال ودفع الغرامة المالية ، وسط أنباء عن إحالة الحكومة ملف القضية إلى النيابة ، لاتخاذ كل الإجراءات القانونية بحق كل من يثبت تورطه ، واتخاذ إجراءات قانونية ضد القيادات النفطية الحالية أو السابقة ، إنْ ثبت تورطها ، كما ستطال أي مسئول ، وللنيابة الحق في استدعاء أي شخص متورط .