"هتافات وأفراح عارمة ورفع علم الاستقلال من جديد".. كان هذا هو حال الشارع الليبى عقب إقرار أعضاء المؤتمر العام، قانون العزل السياسى بمسودته الأولى، التى تنص على الإطاحة برءوس نظام القذافى، وكل من عمل معه أو ساعد فى قمع الثوار. وخرجت المسيرات تطوف شوارع ليبيا احتفالا بهذا القانون الذى اعتبروه تتويجا لثورة 17 فبراير، واستكمالا لمكتسبات الثورة وخطوة لتطهير المؤسسات من "فلول" القذافى بمنعهم من المشاركة فى المشهد عشر سنوات على غرار جارتها مصر. وصوت أعضاء المؤتمر العام "السلطة التشريعية" بالإجماع على المسودة الأولية للقانون، التى من شأنها ضبط المسئوليات والوظائف التى يُمنع على من تولاها فى عهد النظام السابق تقلد مناصب قيادية فى مؤسسات الدولة الليبية الجديدة، لمدة عشر سنوات. وبموجب القانون، فإن كل من تولى مسئولية قيادية، سياسية كانت، أو إدارية، أو حزبية، أو أمنية، أو عسكرية، أو مخابراتية، أو إعلامية، أو أكاديمية، أو أهلية ضمن منظمات داعمة للنظام، فى الفترة بين الأول من سبتمبر 1969 -انقلاب القذافى- و23 أكتوبر 2011، ممنوع من تولى الوظائف المهمة فى الدولة الجديدة، ومن الحياة السياسية الحزبية، بجانب كل من أيد القذافى علنا عبر وسائل الإعلام وغيرها، أو كان له موقف معاد من الثورة. ويدخل القانون -المؤلف من 19 مادة- حيز التنفيذ بعد شهر من تبنيه، وبموجبه تنشأ هيئة تسمى هيئة تطبيق معايير تولى المناصب العامة، وهى التى سيُناط بها تطبيق القانون. ترحيب واسع ولاقى إقرار قانون العزل السياسى ترحيبا واسعا من قبل التيارات الثورية والسياسية، وهنأت جماعة الإخوان المسلمين الشعب الليبى كافة بمناسبة إقرار القانون، متمنية أن يكون سببا فى التعجيل بالانتقال من الحالة الثورية إلى مرحلة الأمن والاستقرار وتكوين الدولة. ووصفه "المجلس الأعلى لثوار ليبيا" باللحظة التاريخية، مؤكدا أن آليات تطبيقه من الهيئة المشرفة للوائح التنفيذ هى الفيصل فى تحقيق واستكمال هذا الانتصار. أما رئيس حزب العدالة والبناء -إسلامى- محمد صوان، فيرى أن إقرار القانون بداية الحل، وأن ليبيا تجاوزت أزمتها "الخانقة"، مضيفا أن القانون أكبر من الأفراد. فى حين أكد، الناطق باسم المؤتمر الوطنى "عمر حميدان" أن القانون الجديد كان لمراعاة مصلحة أولى وهى تأمين الثورة، وبناء الدولة الحديثة، مشيرا إلى أن الأشخاص الذين أسهموا فى توطيد نظام القذافى ينبغى أن يفصلوا وألا يسمح لهم بأن يسهموا فى بناء النظام الجديد. لكن رئيس تحالف القوى الوطنية محمود جبريل توقع أن يطال قانون العزل السياسى أكثر من نصف مليون مسئول عمل فى النظام السابق. وحذر جبريل -الذى كان وزير تخطيط فى عهد القذافى- من خطورة القانون، واصفا إياه بغير المسبوق فى التاريخ المُعاصر، وسيتسبب فى تفريغ الدولة من كوادرها. خطوة للتطهير وفى تعليقه على إقرار قانون العزل، قال المرشح لرئاسة الوزراء فى ليبيا د. عبد الحميد النعمى فى تصريحات خاصة ل"الحرية والعدالة": إن صدور قانون العزل السياسى يعتبر خطوة فى اتجاه تصحيح مسار الثورة، مضيفا أن هذه الخطوة من المؤكد أنها ستتبعها خطوات أخرى تتعلق بتمكين الثوار من المشاركة فى الحكومة وطرح أفكار جديدة تتعلق بتنظيم المرحلة الانتقالية. وقال الناشط الحقوقى الليبى شعبان القلعى: إن العزل السياسى إجراء وقائى واستحقاق، ومطلب وطنى طالب به الشعب الليبى لحماية أهداف الثورة ولمنح فرصة لوجوه جديدة فى قيادة البلاد بعيدا عن الأساليب التى انتهجها القذافى، حيث عمل على تكوين شبكات بعد انتصار الثورة فى مفاصل الدولة، حيث أصبحت تشكل عائقا أمام تقدم البلاد. إقالة الحكومة ورغم إقرار القانون إلا أن المجموعات المسلحة ما زالت تطوق بعض الوزارات مطالبة بتطهيرها ليرتفع سقف المطالب لضرورة إقالة حكومة على زيدان، مطالبين بتعيين رئيس وزراء يلتف حوله الشعب، وهو ما رفضته الكتل السياسية داخل المؤتمر الوطنى وعلى رأسها كتلة العدالة والبناء، مؤكدين أن الحكومة تقوم بخطوات جيدة والمطالبين بإسقاطها يريدون تصفية الحسابات فقط. وفى تطور للأمر واعتراضا على استمرار الحصار، قدم وزير الدفاع الليبى محمد البرغثى مساء الثلاثاء الماضى استقالته من منصبه على خلفية محاصرة المسلحين لوزارتى العدل والخارجية، واصفا الأمر ب"الاعتداء على الديمقراطية"، مضيفا أنه لن يقبل أبدا أن تمارس السياسة بقوة السلاح. من جانبه، أكد رئيس الوزراء على زيدان أن حكومته ستلجأ لاستخدام الحكمة والعقل لا القوة فى إنهاء حصار الوزارات التابعة لها من قبل المُعتصمين المُسلحين الذين تدعمهم جهات كثيرة -حسب وصفه-، مُضيفا أن أغلب من يقف خلف اقتحام ومحاصرة الوزارات قدموا إليه لغرض تولى مناصب، معلنا عن نيته إدخال تعديل وزارى على حكومته وتغيير بعض الوزراء.