شكلت الهجمات التى شنها متمردو "الجبهة الثورية" على مدن فى العمق السودانى مثل "أم روابة" ومنطقة "أبوكرشولا" بولاية شمال كردفان وتهديدهم بالزحف نحو العاصمة السودانية الخرطوم، نقلة نوعية فى الصراع السياسى، دفعت السلطات السودانية لبدء حملة على مختلف الأصعدة، سواء السياسية والعسكرية لصد العدوان الذى شنته الجبهة التى وقعت فى السابق ميثاق "الفجر الجديد" لإسقاط النظام. يشار إلى أن الجبهة الثورية السودانية المناهضة للحكومة السودانية هى "تحالف يضم الحركة الشعبية فى الشمال، وحركة العدل والمساواة، وحركتى تحرير السودان فصيلى منى أركو مناوى وعبد الواحد محمد نور بجانب قيادات من أحزاب الأمة والاتحاد الديمقراطى"، وكانت من ضمن الموقعين على ميثاق "الفجر الجديد" يناير الماضى، الذى يهدف لإسقاط النظام السودانى. وناقشت اللجنة السودانية العليا للتعبئة العامة والاستنفار خلال اجتماع طارئ برئاسة على عثمان محمد طه -النائب الأول لرئيس الجمهورية- تداعيات الاعتداء على مدينة (أم روابة) بولاية شمال كردفان وما حولها. وقال أحمد بلال عثمان -وزير الإعلام، الناطق الرسمى باسم الحكومة-: "اللجنة أصدرت عددًا من القرارات أكدت فيها استمرار التعبئة والاستنفار لدعم القوات المسلحة، وضرورة رد العدوان والإمساك بزمام المبادرة لتعقب الجناة المعتدين". وشددت اللجنة على ضرورة الاتصال بالقوى السياسية وتوحيد الجبهة الداخلية، مؤكدة أن هذا العدوان استهدف تقويض الجهود التى تقوم بها الدولة لتحقيق السلام والاستمرار فى مسيرة البناء والإعمار. ووصف إبراهيم غندور -رئيس وفد التفاوض الحكومى مع الحركة الشعبية فى الشمال- الاعتداء على شمال كردفان بأنه "محاولة لفرض أمر واقع، يعتقدون خطأ بأنه سيغير الأمور فى المفاوضات"، لافتا إلى أن الوساطة الإفريقية عبرت عن استيائها من موقف قطاع الشمال فى الجولة الماضية، ومن تنصلهم من التزاماتهم الأممية الإفريقية، مما قاد إلى رفع الجولة الأولى من المباحثات. وفشلت الحكومة السودانية والحركة الشعبية فى الشمال، نهاية إبريل الماضى، فى التوصل إلى تفاهمات، وانتهت جولة المفاوضات بينهما فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا بإعلان رئيس الآلية رفيعة المستوى "ثابو مبيكى" عن جولة جديدة فى مايو الجارى بسبب تعنت الحركة. وقامت "الجبهة الثورية" المعارضة بدخول عدد من المدن فى ولاية كردفان منها مدينة "أم روابة" الإستراتيجية فى شمال كردفان فى الوسط الغربى للبلاد، وتبعد عن الخرطوم نحو 301 كم، وأكد المتحدث باسم الجيش الحكومى دخول قوات الجبهة الثورية المدينة، واصفا الهجوم بالغادر؛ حيث خلف 30 قتيلا، وإصابة العشرات، وهروب نحو 10 آلاف من الشيوخ والأطفال والنساء. وفى "أبوكرشولا" أعلنتها الجبهة منطقة محررة، ورفعت علم الجبهة الثورية وقطاع الشمال وعينت حاكما عليها من الحركة الشعبية، وقامت بحملة تصفيات وإبادة لقيادات المنطقة بمختلف انتماءاتهم، كما هددت بالزحف على العاصمة السودانية الخرطوم، وهدد "عبد العزيز آدم الحلو" -رئيس هيئة أركان الجبهة الثورية السودانية ونائب رئيس الحركة الشعبية قطاع الشمال- بتكثيف العمليات العسكرية ومهاجمة العاصمة لإسقاط النظام. وأكد مراقبون أن الهجوم كان متوقعا، خاصة أن الجبهة تتبنى وسائل الحركة الشعبية لتحرير السودان نفسها عندما كانت تفشل جولات التفاوض مع الحكومة، والتى كانت تلجأ ل"ضربة مضادة" وتهاجم بعض القرى والبلدات السودانية، وتسير الجبهة حاليا على خطاها؛ فبعد فشل الجولة الأولى من المفاوضات مع الحكومة فى نهاية إبريل الماضى كان من المتوقع أن يحدث رد فعل مضاد، وهو ما دفع لجنة الوساطة الإفريقية لدعوة الطرفين لتحديد مايو الجارى موعدا لاستكمال المفاوضات. واتهم وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين دولة جنوب السودان بإمداد هذه القوات بالمال والعتاد، رغم اتفاق الخرطوم وجوبا على فك الارتباط بين الجيش الشعبى وقوات قطاع الشمال.