"حجب الإعلام.. حظر التجول.. ورقة الطائفية".. هذه أسلحة استلها رئيس الحكومة العراقية نور المالكى فى وجه المتظاهرين للقضاء على انتفاضتهم التى بدءوها مؤخرًا للمطالبة باستقالته ومحاسبته على الفساد. ورغم هذه التهديدات إلا أن المعتصمين فى ست محافظات أشهرها الأنبار والرمادى أصروا بعد شهرهم الرابع على مواصلة تظاهراتهم واعتصامهم، حتى تتحقق مطالبهم، وعلى رأسها إسقاط حكومة المالكى، وإجراء إصلاحات هيكلية، والإفراج عن المعتقلين. وفى خطوة للتعتيم على أعمال العنف التى تقوم بها حكومته ضد المعتصمين التى كان آخرها اقتحام اعتصام مدينة الحويجة (55 كلم غرب كركوك)، الذى أسفر عن مقتل نحو 50 شخصا، قامت حكومة المالكى بغلق 10 قنوات فضائية، وسحب ترخيصها؛ بحجة أنها تنقل أعمال المعتصمين، وهو ما يحرض على العنف والطائفية -حسب هيئة الإعلام والاتصالات العراقية- وهو ما نفته هذه القنوات التى تأتى على رأسها قناة "الجزيرة" القطرية. جيش للعشائر وفى خطوة للتصعيد وصد هجمات قوات المالكى التى تستهدف المعتصمين -أغلبهم سنة- قررت اللجان التنسيقية فى المحافظات الست المنتفضة تشكيل جيش العشائر فى تلك المحافظات، بهدف التصدى لأى هجوم يستهدف إحدى هذه المحافظات. وأعلن المتحدث باسم معتصمى الرمادى، الشيخ سعيد اللافى، عن تشكيل جيش العشائر فى الأنبار والمحافظات الست، تحت اسم "جيش العزة والكرامة"، على أن تكمل هذه العشائر تشكيله خلال الساعات المقبلة، وتكون مهمته الدفاع عن تلك المحافظات والتصدى لأى هجوم يستهدف أى محافظة من المحافظات الست المنتفضة، ودعوة الشباب وجميع فصائل المقاومة إلى الانضمام إلى هذا الجيش. وتأييدا لهذه الفكرة، أعلن المعتصمون فى سامراء عن البدء بتشكيل قوة وحشد عشائرى "منضبط"، من أجل مواجهة "ميليشيات المالكى"، التى قالوا إنها قادمة من إيران. وجاء تشكيل جيش العشائر للرد على ما قامت به قوات "سوات" وعمليات دجلة من اقتحام لساحة اعتصام الحويجة ومقتل أكثر من خمسين شخصا، وإصابة نحو 250 آخرين الجمعة 19 إبريل. ورقة الطائفية وبعد تفجر الموقف وتصاعد الأحداث، حاول المالكى -المتهم من قبل المعارضة بالفساد واضطهاد السنة- أن يلتف على انتفاضة العراقيين بالتلاعب بورقة الطائفية، معتبرا إياه مخططا وليس صدفة. كما تلاعب المالكى بورقة "أطراف خارجية"، التى قال إنها تقف وراء عودة الطائفية إلى العراق، مضيفًا خلال كلمة ألقاها أمام المؤتمر الإسلامى الدولى للحوار والتقريب الذى عقد فى بغداد السبت الماضى أن هذه الجهات تدفع أموالا لبعض القوى لتحقيق ذلك، وهو ما نفاه المتظاهرون وشيوخ العشائر، مؤكدين أنها ورقة للتلاعب والالتفاف على مطالب المعتصمين. وحاول رجال المالكى الاستمرار فى استخدام لغة التهديد والوعيد للمعتصمين، وظهر ذلك خلال تهديد قائد شرطة الأنبار هادى إرزيج للمعتصمين فى الرمادى برد ساحق يحرق الأخضر واليابس إذا لم يقوموا بتسليم قتلة الجنود العراقيين الذين قُتلوا قرب ساحة الاعتصام خلال أربع وعشرين ساعة، ووصف إرزيج هذه المهلة بأنها الفرصة الأخيرة لهم، وأمهل المعتصمين أربعًا وعشرين ساعة، مهددًا باقتحام ساحة الاعتصام. لكن هذه اللغة لم تفيد مع المعتصمين الذين أكدوا خلال بيانهم الأخير أنهم مستمرون فى انتفاضتهم حتى رحيل المالكى ورجاله عن المشهد وتحقيق كامل مطالبهم التى خرجوا من أجلها مؤكدين "لا رجعة ولا استسلام".