محافظ الجيزة يجرى حوارا مفتوحا مع مواطنى الواحات البحرية.. فيديو    محافظ جنوب سيناء يبحث آليات البدء في تنفيذ مشروع محطة إنتاج الطاقة والهيدروجين الأخضر بمدينة الطور    الرباعي الدولي يعزز صفوف الزمالك قبل اختبار ديكيداها الصومالي    حازم هلال: فخور بالانضمام لقائمة الخطيب.. ونسعى لاستكمال مسيرة الإنجازات    مقتل فتاة على يد والدها بمنطقة الصداقة الجديدة في أسوان    محامي شيرين بعد رفض طعن روتانا: من حقها إصدار أغانيها في أي وقت    نجوم الفن يغادرون إلى الغردقة لحضور مهرجان الجونة 2025.. صور    عاجل- مدبولي: قمة شرم الشيخ للسلام هي الحدث الأبرز لعام 2025 وتجسد الدور المصري القيادي في ترسيخ السلام بالمنطقة    مستشار مركز السياسات الأوكراني يُطالب بتعزيز النفقات لصد الهجمات الجوية    اليوم.. إعلان القائمة المبدئية للمرشحين بالرموز الانتخابية    جامعة قناة السويس تنفذ برنامجًا تدريبيًا توعويًا بمدرسة الجلاء الابتدائية    دي يونج مستمر مع برشلونة حتى 2029    أجندة سيتي حتى توقف نوفمبر.. 7 مباريات في 22 يوما ل مرموش قبل العودة لمنتخب مصر    رئيس جامعة سوهاج يفتتح وحدة المعمل المركزي للتحليل الحراري    مصرع طفل غرقًا في ترعة بقنا    ضبط 850 كيلو لحوم وأسماك غير صالحة للاستهلاك الآدمي بكفر الشيخ    ننشر مقررات امتحان شهر أكتوبر 2025 لطلاب الصف الخامس الابتدائي    مجاور: الجانب المصرى من معبر رفح البرى لم يُغلق مطلقًا    مسؤول سابق في الناتو: تنسيق مع الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا لمواجهة تقليل النفقات الدفاعية    محافظ أسوان يشهد توقيع بروتوكول تعاون مع هيئة الكتاب    رمضان 2026.. ريم مصطفى تشارك يوسف الشريف بطولة "فن الحرب"    الرئيس عبد الفتاح السيسي يرعى الدورة 16 من مهرجان المسرح العربي 2026 في القاهرة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 15-10-2025 في محافظة الأقصر    الشيخ خالد الجندي: جنات عدن في القرآن رمز للخلود وتمام الأجر الإلهي    انطلاق فاعليات اليوم العالمي لغسيل الايدي بمدارس شمال سيناء    صحة المنوفية تواصل استعداداتها للاعتماد من هيئة الاعتماد والرقابة    شفاء المرضى أهم من الشهرة العالمية    وزير العمل يلتقي رئيس غرفة تجارة وصناعة قطر لتعزيز التعاون بالملفات المشتركة    وزيرة التضامن: مصر قدمت نحو 600 ألف طن من المساعدات لقطاع غزة    تحت رعاية محافظ بني سويف: بلال حبش يُكرّم لاعبي ولاعبات بني سويف الدوليين ولاعبات السلة "صُمّ"    شريف حلمي: الأكاديمية العربية شريك أساسي في إعداد كوادر مشروع الضبعة النووية    موعد مباراة الأهلي ضد إيجل نوار في دوري أبطال إفريقيا والقنوات الناقلة    وزير المالية: تحسن أداء الاقتصاد المصرى خلال الربع الأول من 2025-2026    عملية أمنية شاملة لاستهداف المتعاونين مع الاحتلال في قطاع غزة    التعليم توجه المديريات بخطوات جديدة لسد العجز في المدارس للعام الدراسي الحالي    سلوك عدواني مرفوض.. «خطورة التنمر وآثاره» في ندوة توعوية ل«الأوقاف» بجامعة مطروح    وزير الثقافة: قافلة مسرح المواجهة والتجوال ستصل غزة حال توفر الظروف المناسبة    «القوس بيعشق السفر».. 5 أبراج تحب المغامرات    بعد تعيينه شيخاً للمقارئ أحمد نعينع: أحمد الله على ما استعملنى فيه    إيفاد: الحلول القائمة على الطبيعة تحسن رطوبة التربة وتزيد كفاءة أنظمة الري    السجن المؤبد والمشدد في جريمة قتل بطوخ.. جنايات بنها تُصدر أحكامها على 12 متهما    حكم تشغيل القرآن الكريم عبر مكبرات الصوت قبل الفجر والجمعة    الجامع الأزهر يقرر مد فترة التقديم لمسابقة بنك فيصل لذوى الهمم حتى 20 أكتوبر الجارى    رسوم إنستاباي على التحويلات.. اعرف التفاصيل الكاملة    متحدث الحكومة: تمويل 128 ألف مشروع بالمحافظات الحدودية ب4.9 مليار جنيه    «مدينة زويل» تفتتح موسمها الثقافي باستضافة وزير الأوقاف الخميس    وزير الصحة يبحث إنشاء مراكز تدريب للجراحة الروبوتية فى مصر    نائب رئيس الوزراء يشارك بالدورة ال72 للجنة الإقليمية لشرق المتوسط للصحة العالمية    أول تعليق من وزير الشئون النيابية على فوز مصر بعضوية مجلس حقوق الإنسان    السجن المشدد ل 7 متهمين بحيازة المواد المخدرة في المنيا    «النواب» يناقش غدًا اعتراض الرئيس على «الإجراءات الجنائية».. ومصادر: عرض استقالة 4 أعضاء    ب 20 مليون جنيه.. «الداخلية» توجه ضربات أمنية ل«مافيا الاتجار بالدولار» في المحافظات    عاجل- مجلس الوزراء يشيد باتفاق شرم الشيخ للسلام ويؤكد دعم مصر لمسار التسوية في الشرق الأوسط    أسرة سوزي الأردنية تساندها قبل بدء ثاني جلسات محاكمتها في بث فيديوهات خادشة    الكرملين: بوتين سيجري محادثات مع الرئيس السوري اليوم    الإفتاء: السير المخالف في الطرق العامة محرم شرعًا ويُحمّل صاحبه المسؤولية القانونية    رمضان السيد: ظهور أسامة نبيه في هذا التوقيت كان غير موفقًا    رغم منع دخول أعلام فلسطين.. إيطاليا تهزم إسرائيل وتنهي فرصها في التأهل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غريب فى بيتى!
نشر في بوابة الحرية والعدالة يوم 28 - 04 - 2013

أنا رجل فى الخامسة والأربعين من عمرى، تزوجت منذ عشرين عاما من إحدى قريباتى، ورزقنى الله عز وجل بولدين هما كل حياتى، وقد كنت أعمل تاجرا فى بلدتى، ولكن تعثرت التجارة منذ سنوات، فقررت السفر إلى إحدى الدول العربية بتشجيع من أبناء عمى المقيمين هناك، وبالفعل سافرت منذ 15 عاما، ولم يبلغ ابنى الأكبر عامه الخامس، والأصغر كان فى الثانية من عمره، ولظروف السفر الصعبة، وعدم قدرتى على تدبير مسكن لأسرتى فى البلد العربى الذى أعمل به، وقررت عدم استقدام زوجتى وولدى حتى أتمكن من توفير مصاريفهم، وإن كنت أعانى من مرارة بعدهم عنى طوال عام كامل حتى أحصل على إجازتى السنوية وأمكث معهم عدة أيام ثم أرحل إلى غربتى المرة من جديد.
وبعد كل هذه السنوات قررت العودة إلى وطنى بشكل نهائى، وحتى أظل بجوار زوجتى وولدى خاصة بعدما وصلا إلى مرحلة الشباب، ولشعورى بحاجتهم إلىّ وحاجتى إليهم فى عمرى هذا، ولذا فقد خططت لبدء مشروع تجارى فى بلدتى حتى أستقر بشكل نهائى بجوار أسرتى الحبيبة.
ولكنى صدمت بعد عودتى بتغير سلوك زوجتى وأولادى معى، فهم أصبحوا متحفظين معى بشكل واضح، ويتكلمون أحيانا بلغة الإشارة والتلميح كى لا أفهم ما يدور بينهم، كما أن حياتهم التى اعتادوا عليها لا تناسبنى، وقد أصبح ولداى قريبان بشكل كبير من أمهما، وبعيدان كل البعد عنى، فلا أحد يأخذ برأيى ولا يهتم به، وكل ما يحتاجان إليه يطلبانه من والدتهما، حتى الطعام والشراب الذى أحبه لا يفضلانه، مما جعل كل منا فى واد بعيد عن الآخر تماما، وهذا جعلنى أعيش كأنى غريب فى بيتى وبين زوجتى وولدى الذين ظللت أحلم بالعودة إليهم وأجاهد من أجل راحتهم وإسعادهم وتوفير كافة طلباتهم المادية طيلة السنوات الماضية.. ولكنى الآن أشعر بخيبة أمل كبيرة، ولا أعرف ماذا أفعل؟
تجيب عن هذه الاستشارة هدى سيد، المستشارة الأسرية.. فتقول:
سيدى الفاضل، وأهلا ومرحبا بك دوما وحمدا لله على عودتك سالما غانما من رحلة الغربة الطويلة.
سيدى الكريم أقدر كل ما تشعر به من الحزن الذى يعتصر قلبك، ومن مفاجأتك من تصرفات زوجتك وولديك بعد عودتك النهائية إلى بيتك، التى بددت أحلامك الوردية بأنهم فى شوق للقائك ومتلهفين على عودتك، ولم يستطيعوا العيش دونك، ولعلك يا سيدى لم تكن تتوقع أن تكون هذه المعاملة الفاترة، وهذه المشاعر الباردة، وهذا الجفاء الظاهر هى مكافأتك بعد سنوات الغربة المرة التى قضيتها بمفردك بعيدا عنهم، وجاهدت حتى توفر لهم رصيدا ماليا جيدا تعود به، ولكنك لم تدر أن المقابل هو سحب رصيدك العاطفى والمعنوى من قلوبهم تجاهك.
سيدى الفاضل.. لا أريد أن أزيد من معاناتك وآلامك النفسية تجاه ما لاقيته من زوجتك وابنيك، ولكنى أوضح لك الصورة كما هى، وقد نحاول إنكار ما يحدث لنا لمرارة الواقع وقسوة الحقيقة، ولكننا يجب أن نمتلك من الشجاعة ما يؤهلنا لتقبلها والتعامل معها، والتخفيف قدر المستطاع من آلامها، والتغيير إذا أمكن لنتائجها السلبية التى لن نستطيع التأقلم معها.
واسمح لى يا سيدى أن زوجتك وولديك لم يصلوا إلى هذه الحالة من فراغ، وإن كنت تلومهم الآن على فتور مشاعرهم تجاهك إلا أننى لن أعفيك من مسئوليتك عن تلك النتيجة القاسية التى وصلتم إليها، فرغم تضحياتك العظيمة لأجل أسرتك الصغيرة إلا أنهم افتقدوا فى غيابك وجود الأب بحنانه وحزمه بعطفه وشدته بلينه وقوته بقراراته الحازمة واحتواءه لزوجته وابنيه، فالمال وحده لا يصنع الحياة السعيدة وهذا ما أكدته تجربتك فى الغربة، بل إن السعادة الأسرية تكمن فى الدفء والاحتواء والرفق والوجود والتواصل والفهم والقرب والحب المتبادل بين الآباء والأبناء فى كل مراحل عمرهم.
فأصبح من الطبيعى بعد أن تحملت زوجتك الطيبة المسئولية كاملة، وكان لزاما عليها أن تقوم بدور مزدوج للأب والأم معا مما جعل الابنين أقرب إليها منك وهذا أمر طبيعى فى تلك الحالة ولكنها كانت فى أمس الحاجة إليك خاصة وهى تربى أبناء ذكورا، ولا أخفيك سرا مدى أهمية دورك التربوى كأب وضرورة وجودك مع ابنيك، ليس الآن فقط بعدما وصلا إلى سن الشباب كما تقول، ولكن منذ لحظة مولدهما إن لم يكن قبل ذلك أيضا.
ولذا فأنا أطلب منك يا سيدى الفاضل أن تبادر أنت كى تستعيد دورك ومكانك فى بيتك وبين زوجتك وابنيك، حتى تستطيع أن تنقذ ما يمكن إنقاذه من علاقتك بهم، ولا تظل فريسة لمشاعر الحسرة والأسى لبعدهم عنك، وإن كنت لا أخفى عليك أنك ستواجه صعوبات عديدة حتى تتمكن من استعادة علاقتك الطيبة بهم.
ابدأ من جديد.. وحاول أن تتأقلم أنت على حياتهم الجديدة عليك، فكما أظن أن تغيير فرد من أجل أسرة أسهل من تغيير أسرة كاملة من أجل فرد، فحاول بقدر المستطاع أن تحب ما يحبون، وأن تقترب عاداتك من عاداتهم اليومية.
إن كنت قد تركت ابنيك طفلين صغيرين، فقد عدت إليهما وهما شابان يافعان، ولذا فعليك أن تغير أسلوب حوارك معهما، ولتفطن إلى لغة الشباب فى كلامك حتى تقترب منهما أكثر.
حاول التقرب إلى ابنيك عن طريق زوجتك، اعرف منها كل ما يتعلق بأمور حياتهما، وما يشغل تفكيرهما، وما هى هواياتهما، وحتى أكلاتهما المفضلة، حتى تستطيع الوجود فى عالمهما الشبابى بكل ما يتسم به من تغير وتطوير وتجديد.
لا أقصد من كل ما سبق أن تتنازل عن مكانتك كأب له احترامه وتقديره ومكانته بين أفراد أسرته، فحاول أن تستعيد هذه المكانة وتؤكد عليها بالرفق واللين، وابتعد يا سيدى عن لغة التفضل والمنّ التى يستخدمها كثير من الآباء فى حوارهم مع أبنائهم، على مثال (أنا عملت كل ده علشانكم، أنا اتغربت وذقت المر علشان أسعدكم، هو ده جزائى فى الآخر بعد كل التعب والعذاب ده؟) فأنا أفضل يا سيدى ألا تستجدى عطف ابنيك بمثل تلك العبارات، ولتأكدهم من أن كل ما فعلته هو من صميم مسئوليتك المادية تجاههم.
اخرج مع أسرتك وتنزه معهم فى أماكن جديدة، وفاجئهم برحلات وأشياء تناسب ميولهم، واحمل معهم مسئوليات البيت من جديد، وتدخل برأيك فى حل مشكلاتهم بشكل طيب وبخبرتك ورؤيتك الأوسع للحياة.
ولا تيأس يا سيدى.. إن لم تجد ثمرة مبكرة لمحاولاتك، ولكن استمر فيها حتى تجنى الخير والسعادة القريبة بجانب أسرتك الطيبة إن شاء الله تعالى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.