تعد السينما من أكثر الفنون تعبيرا عن واقع المجتمع، لما تتمتع به من إمكانيات الصورة والصوت معا، إضافة إلى القدرة على استغلال فنون الخدع السينمائية لخلق صورة حية واقعية، والسؤال الآن: هل استطاعت السينما المصرية فى خلال عامين استغلال تلك الإمكانات فى التعبير عن واقع المجتمع المصرى وثورته المجيدة؟ فى ضوء ذلك يؤكد الناقد وليد سيف أن السينما كباقى الفنون تعبر عن المجتمع تتأثر به وتؤثر فيه وتعانى مما يعانيه، مشيرا إلى تأثر السينما بالأزمة الاقتصادية التى أثرت فى المجتمع كافة؛ مما خلق توجها عاما داخل الأوساط السينمائية، خاصة جهات الإنتاج التى عملت على التركيز على اختيار الموضوعات التى تتميز بالجذب لتلبية رغبات الجمهور بغض النظر عن الأبعاد والقضايا المجتمعية. ويشير سيف إلى بعض المحاولات السينمائية الثورية غير الموفقة، التى نتجت عن حالة من الاستعجال والالتباس فى قراءة الأحداث والمتاجرة باسم الثورة كفيلمى "بعد الموقعة" و"صرخة نملة". استغلت هذه الأعمال وأعمال أخرى قوة الجذب التى يتمتع بها أى عمل يرتبط بثورة يناير، وابتعدت عن التعبير الحقيقى عن آلام وهموم الثوار ونقل آمالهم وأحلامهم لباقى أطراف المجتمع. كما أشاد سيف بالتجربة التى قام بها القائمون على فيلم "الشتا اللى فات"، ووصفه بأنه أفضل الأعمال التى تضمنت مواضيع مرتبطة بثورة يناير، وقال: فيلم "الشتا اللى فات" توليفة مجهود جاد وطرح فكرة مهمة، وتناول الثورة من منظور جديد لجيل يعمل على تسليم البلد إلى جيل جديد، ليجد فيها قدرا من الاحترام لكرامة الإنسان، وأشار سيف إلى الدور المهم الذى تلعبه السينما المستقلة بطرح المواضيع المهمة والمحاولات الجادة التى تساعد على دعم السوق السينمائية بجانب السينما التجارية. أما عن دور السينما، هل ينحصر فى التعبير عن المجتمع أم أنه من الوارد استغلالها كصناعة ومصدر من مصادر الدخل القومى، فيقول الناقد الفنى: هناك معادلة صعبة تواجه الفنان، خصوصا السينمائيين ليوازن ما بين تقديم الفن الجيد الهادف الذى يتمتع فى الوقت نفسه بقوة الجذب للجمهور، مما يضمن نجاح العمل على المستوى الفنى والجماهيرى؛ لذا يجب أن تتنوع الموضوعات لترضى جميع الأذواق لفئات الجمهور المختلفة. لخص الناقد مصطفى درويش عدم قدرة السينما عن التعبير عن المجتمع المصرى بعد ثورة يناير فى عدة أسباب؛ أهمها: عدم استجابة المجتمع السينمائى للتغيير الذى لحق بالمجتمع العام، ومن ثم ابتعدت السينما عن الواقع، فيما عدا محاولات فقيرة اختلط فيها الحابل بالنابل كفيلم "بعد الموقعة"، إضافة إلى وجود حالة من الابتذال والاستسهال منفصلة عن الواقع والاهتمام بشباك التذاكر على حساب المضمون، وعدم وجود الرؤية لدى الكثير من المخرجين لتعاملهم مع السينما على أنها صناعة وليست فنا يجب أن يعبر عن المجتمع.