الجمهور عايز كده.. نظرية معروفة فى عالم الفن من زمان! ومن أجل تحقيقها نرى أفلام المقاولات وتلك التى تطيح بالقيم والأخلاق! وكل ما هو عيب فى مجتمعنا! جدتى روز اليوسف رفضت بشدة هذه النظرية فى المسرح حيث كانت تعمل، ولم تكن السينما قد أنشئت بعد! وكانت المسرحيات وقتها تقدم بلغتنا الجميلة أو اللغة العربية السهلة، ورأينا العامية تغلب ثم يكون لها اليد العليا فى النهاية بحجة أن الجمهور عايز كده!! مع تقديم موضوعات هابطة لم ترض عنها، واختلفت سيدتى أو "جدتى" مع الفنان يوسف وهبى صاحب فرقة رمسيس، أشهر الفرق المسرحية فى ذلك الوقت، التى نشأت بعد قيام ثورة 1919، واتخذت قرارا صعبا جدا على أى ممثل وهو الاعتزال، وكانت تلك مفاجأة لم تخطر على بال أحد أبدا، فهى فى ذروة مجدها، والممثلة الأولى فى الفرقة حتى أطلقوا عليها «سارة برنار» الشرق، أشهر ممثلة عالمية فى ذلك الوقت! والجدير بالذكر أنه لم يسبق أبدا أن اعتزلت فنانة شابة ناجحة بكل المقاييس احتجاجا على سوء أوضاع فن! وروز اليوسف سبقت الجميع فى ذلك، وكان ذلك سنة 1925، وبعدها بأكثر من نصف قرن رأينا عددا من الناجحات الشابات فى مجال السينما يعتزلن للسبب ذاته، وعلى رأسهن «شمس البارودى»! فجدتى كانت سباقة فى هذا الأمر! ولم تكتف روز اليوسف بالاعتزال، بل قررت إنشاء مجلة فنية محترمة تتصدى لكل ما هو فاسد فى الفن، وتعجب أصدقاؤها من ذلك، فحياتها الصعبة لم تمكنها إلا من تلقى تعليم بسيط، فلا تستطيع أن تقول عنها إنها متعلمة، فكيف تصدر مجلة محترمة كما تريد، وتعليمها محدود! لكنها أصرت على رأيها.. وكانت المفاجأة الكبرى التى لم تكن تخطر على بال أحد أبدا أنها صممت على إطلاق اسمها على تلك المطبوعة، وهو أمر لا تجده فى أى مكان سواء فى الغرب أو الشرق.. أن يطلق صاحب المجلة اسمه عليها، وأراهن أنها الوحيدة بالعالم كله فى ذلك! ألم أقل لحضرتك منذ البداية إن جدتى امرأة استثنائية أو «فلتة» بالتعبير العامى.