فى ظل تعتيم إعلامى وتجاهل دولى غير مسبوق لمأساة الروهينجا المسلمين فى بورما التى وصفتها الأممالمتحدة بأنها أكثر الأقليات اضطهادا فى أسيا، يقوم مئات البورميين المسلمين ومناصروهم بعمل وقفات احتجاجية أمام سفارات بلادهم فى مختلف أرجاء العالم؛ احتجاجا على الانتهاكات المتواصلة وعمليات الإبادة التى لا تنقطع ضد مسلمى بورما والمستمرة منذ سنوات طويلة، وخلفت مئات الآلاف من القتلى وملايين المشردين. فقد نظم البورميون المسلمون ومعهم العديد من النشطاء عقب صلاة الجمعة، أمس الأول، وقفات أمام سفارات بورما فى كل من مصر واليمن والمغرب والأردن والسودان والبحرين وإندونيسيا وماليزيا، كما قام نشطاء من الجاليات العربية فى فرنسا وسويسرا وفنلندا ونيوزلندا بتنظيم وقفات متزامنة. وقام المحتجون برفع لافتات أمام السفارة من بينها، "أوقفوا الإبادة الجماعية فى بورما" و"أنقذوا إخوانكم المسلمين فى بورما من البوذيين الإرهابيين"، ومرددين هتافات مطالبة الحكومة البورمية بوقف حملة الإبادة الجارية ضد الأقلية المسلمة هناك. وتأتى الوقفة بعد أسبوع من وقفة سابقة قام بها النشطاء البورميون أمام السفارة بالقاهرة الأسبوع الماضى. وسلم المحتجون بيانا يحوى طلباتهم لسفراء بورما فى الدول التى نفذوا أمامها الوقفات؛ وشمل البيان إدانة العنف والإبادة الجماعية ضد المسلمين فى بورما، خاصة ما حدث يوم الخميس الماضى، كما ندد البيان بالاعتداء على المساجد والمدارس الإسلامية والبيوت والمزارع والمحال التجارية التابعة للمسلمين. وهاجم البيان "فريق 969"، وهو فريق تخريبى إرهابى بوذى، يقوم بانتهاكات حقوق إنسان وجرائم ضد الإنسانية تم تكوينه منذ شهرين للاعتداء على المسلمين، واستنكر البيان القصور الإعلامى ضد ما يقوم به بعض الرهبان البوذيين من انتهاكات فى جميع مدن بورما. وطالب البيان بفتح تحقيقات حول ما حدث، مع المطالبة بحقوق من ماتوا وأصيبوا فى الأحداث الماضية والجارية، إضافة إلى المطالبة بحماية المسلمين فى جميع المدن فى بورما، وبحرية تنقلهم بين المدن البورمية، مشددا على عدم التفرقة بين المواطنين بسبب الديانة والسياسة، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية. وكان المنتدى العالمى للبرلمانيين الإسلاميين قد أعرب عن أسفه واستنكاره الشديد لما يحدث لمسلمى بورما الضعفاء من عمليات قتل ممنهجة تصل إلى درجة الإبادة الجماعة المتعمدة، دون أى ذنب، وبشكل لم نر له مثيلا فى أى مجتمع آخر، وذلك وسط صمت دولى غير مبرر، وفى وقت يتحدث فيه العالم الغربى عن ضرورة احترام الحقوق والحريات الإنسانية. وكانت الأحداث قد تصاعدت مؤخرا فى بورما التى تشهد اضطهادا كبيرا ضد المسلمين، وطبقا لشاهد عيان فى منطقة "مختيلا" البورمية، فقد قام منذ أسابيع ما يزيد عن "300" فرد بدعوة المسلمين للخروج من بيوتهم بالقوة وهددوهم بإضرام النار فى البيوت إذا لم يخرجوا. ومع عدم خروج المسلمين من مخابئهم فى المنطقة، قال عدد كبير من البورميين البوذيين: إنهم سيخرجون المسلمين عنوة قائلين إنهم لن يقبلوا بالمسلمين (أو ال"كالارس" وهو مصطلح ازدرائى يشير للمسلمين) أن يعيشوا بينهم. وبالفعل قاموا بحرق البيوت وتدمير عدة مساجد، وقاموا باغتصاب العديد من النساء المسلمات، وعقب ذلك قامت الشرطة بتسليم المسلمين للرعاع؛ حيث تم ضربهم وقتل 50 طفلا جراء الضرب. وتأتى المذبحة الجديدة بعد سلسلة من المذابح تعرض لها مسلمو الروهينجا، بعد تواصل رفض الحكومات البورمية المتعاقبة إعطاء المسلمين حقوقهم، وعلى رأسها حرمانهم من الجنسية، والتحريض ضدهم باعتبارهم مواطنين من بنجلاديش ويجب ترحيلهم، وقد خلفت أحدث مذابح العام الماضى نحو 15 ألف شهيدا بجانب تشريد الملايين.