"دفع رئيس الحكومة نجيب ميقاتى إلى تقديم استقالته.. اشتباكات فى مدينة طرابلس بين مؤيدى ومعارضى الرئيس السورى بشار الأسد.. الاعتداء على شيخين تابعين لدار الفتوى فى منطقة يغلب على سكانها المكون الشيعى".. تلك الأحداث التى تعيشها لبنان وغيرها جعلت العديد من قياداتها يصدرون تحذيرا من توترات مفتعلة ومنتقلة للأراضى اللبنانية ومخاوف من إشعال فتنة تجر البلاد ذات التركيبة السكانية الهشة لمستنقع فوضى يعيدها لسنوات الحرب الأهلية ويجعلها رهينة لدى النظام السورى وحلفائه لمساومة الغرب. ويوما بعد يوم تتخذ الأحداث فى لبنان منحنى تصاعديا يشير لوجود مخطط لإشعال الأوضاع فى تلك البلد المفتوحة على كل الأحداث والأكثر تأثرا بما يجرى فى الجارة سوريا بسبب وجود الكثير من المؤيدين والمعارضين لنظام الأسد بين الأوساط الشعبية والرسمية ووقوع اشتباكات متقطعة بين هاتين الفئتين، خاصة فى مدينة طرابلس التى شهدت سابقا اشتباكات استمرت لأيام، وأعادت للأذهان الأجواء التى عاشتها لبنان خلال سنوات الحرب الأهلية فى سبعينيات القرن المنصرم وانتهت بدخول الجيش السورى إلى لبنان بموافقة لبنانية وعربية ودولية عام 1990 بحسب اتفاق الطائف. ورغم أن لبنان اتخذت سياسة النأى بالنفس منهجا رسميا فى تعاملها مع الأزمة السورية، إلا أنها على المستوى الشعبى كانت سياسة الاشتباك هى الرابحة، فقد وقعت العديد من الاشتباكات بين المؤيدين والمعارضين للأسد خاصة فى عاصمة الشمال "طرابلس" فمنطقة جبل محسن وباب التبانة تأتمران بأوامر الأسد ومن وقت لآخر تفتعل الأزمات التى سرعان ما يدعمها حزب الله مع جيرانها السنة والتى تنتهى فى الغالب بحصيلة من القتلى والجرحى والدماء وتضع البلاد على حافة الهاوية وتقربها من المحظور. ولا تنتهى هذه الصراعات إلا بقرار من الأسد وكأن هذه الاشتباكات الهدف منها فقط تذكير اللبنانيين والغرب أن "بلاد الأرز" رهينة لدى الأسد وحلفائه وورقة مساومة مع الغرب لمنعه من اتخاذ أى قرار يضر بالأسد ويميل لصالح الثوار خاصة مع تزايد نفوذهم ووصولهم لأحياء داخل دمشق وهو ما دفع الأسد لبناء أسوار حول أماكنه فى دمشق مع حديث البعض عن قرب معركة الحسم. أعمال مريبة تلك الأحداث دفعت العديد من قادة لبنان وعلى رأسهم قائد الجيش العماد "جان قهوجى" للتحذير من التوترات المفتعلة والمنتقلة إلى الأراضى اللبنانية، ولفت إلى أن هناك محاولات تجرى هنا وهناك لجر الداخل اللبنانى إلى أزمة لا حصر لآثارها السلبية، وذلك ربطا بالأحداث المحيطة بلبنان. وقال قهوجى: "رغم أن الجيش يقوم بدوره، إلا أن المريب هو الأعمال الأمنية التى يتم افتعالها بين حين وآخر، ويتم الانتقال بها من منطقة إلى أخرى، بحيث ما أن يطفئ الجيش حريقا فى مكان حتى يأتى من يشعل حريقا فى مكان آخر، وكأن هناك "مايسترو" يحرك الأمور فى الخفاء، مشددا على أن "الهدف واضح، وهو إشغال الجيش فى حوادث ومعارك جانبية وهامشية، ومن ثم إبقاء فتيل التوتر مشتعلا وقابلا للانفجار". وعانى لبنان خلال الأيام الماضية من سلسلة أحداث تقود لتأزيم الوضع بدأت بالاشتباكات فى طرابلس ثم انتقلت لعدد من المحافظات الأخرى حتى وصلت للعاصمة بيروت حينما تم الاعتداء على شيخين تابعين لدار الفتوى خلال مرورهما فى منطقة "الخندق" ببيروت، وتوجت باستقالة رئيس الوزراء نجيب ميقاتى بعد رفض حزب الله المسيطر على تلك الحكومة التمديد لمدير قوى الأمن الداخلى اللواء "أشرف ريفى" لنجاحه فى إفشال مشاريع تفجير لبنان -بحسب مراقبين- وكشف جهاز المعلومات لمخطط "سماحة المملوك"، وعشرات شبكات التجسس الإسرائيلية. ويخشى المراقبون من أن التطورات الأمنية التى تتفاقم يوما بعد يوم، خاصة بعد مسلسل الخطف الذى ينذر بفتنة مذهبية يمكن أن يدفع لبنان للانزلاق لمستنقع فوضى ينجر إليه الدول الإقليمية والغربية، ولا يكون فيه فائز إلا النظام السورى وحلفاؤه حتى يظهروا بمظهر المسيطر على لبنان، وكأن "بلاد الأرز" رهينة لديه وورقة مساومة للضغط على الغرب.