تاهت وتلاشت المهنية على المحطات الفضائية والصحافة الإنترنتية، حيث تزييف الوعى والتهويل والإثارة والبلبلة ونشر الفوضى والألفاظ المؤسفة. هل يدرك ملاك الفضائيات الفاسدة والمفسدة والمضللة أن الوطن فى حال تغيير وفى حال انتقالية بعد ثورة وتغيير، وأن مصر فى حاجة إلى النقاش والحوار وتبادل الأفكار الإيجابية والحوار الراقى والموضوعى، دونما تهجم على القيادة السياسية والسعى دائما إلى التأويل المغلوط المغرض والإثارة والتضليل المتعمد؟ هل تدرك النخبة الوطنية مدى الانتهاكات التى تقوم بها هذه الوسائل الإعلامية المغرضة ومدى التزييف الذى يقوم به الإعلام الفضائى والإعلام الإنترنتى بتجاوز كل الخطوط الحمراء؟ إنه ليس من المقبول شعبيا وجماهيريا أن توجه إلى رئيس الدولة رمز مصر كلها وإلى النائب العام وإلى القضاء وإلى الشرطة والجيش معا هذا العنف اللفظى، إنهم يتجاوزون كل الخطوط الحمراء ما دام هناك غطاء سياسى من المعارضين، وما دام هناك تمويل وغطاء مالى لهؤلاء، وهناك من يتوهمون أنهم ورثة ثورة 25 يناير، وأنهم صانعوها؟! وقد نسوا أو تناسوا أن ثورة يناير ثورة شعب مصر بمساندة واعية ومقتدرة من جيش مصر، وهناك الدجماطيقيون من يتوهمون امتلاك الحقيقة المطلقة، إنهم فلاسفة الوهم الذين لديهم إجابة لكل سؤال، ولديهم القدرة على السفسطة والجدل العقيم، من مذيعى العصر البائد وبقدرة قادر استمروا وادعوا لأنفسهم ما ليس فيهم، فهم العارفون ببواطن الأمور، إنهم سحرة شلة الإنقاذ، وهم المهيمنون على عقول الشباب بأخطائهم وخطاياهم فى التأويل، وأنهم -وليس الشعب- مصدر السلطات. ولم لا؟ فهم ورثة الثورة لأنهم هم من قاموا بها، وهى من حقهم ومصر أصبحت من نصيبهم، وأن هناك من سرق الثورة وسرق مصر منهم، وعليهم أن يستردوها كاملة من أيدى من استولوا عليها، هم لا يعترفون بالديمقراطية ولا بإرادة الشعب فى اختيار رئيس لمصر، ولا بد أن ينقذوا مصر بأن يجلسوا على كراسى الحكم ويوزعوها عليهم على أعضاء جبهة الاستيلاء على الحكم، جبهة إما نحن وإما الفوضى، جبهة المعارضة من أجل المعارضة، إنهم يملكون الأموال التى تحرك بعض أطفال الشوارع وبعض أفراد النظام الفاسد السابق، حفنة من الصبية تدربوا على إلقاء الحجارة وإلقاء المولوتوف وقطع طرق المواصلات والتجمهر والتحرش برجال الأمن، لقد علمتهم جبهة الاستيلاء على الحكم بالقوة والفوضى التفوه بألفاظ نابية وعبارات مسفة يتوجهون كيفما يؤمرون فى كل مكان لنشر الذعر والفوضى ويفعلون كيفما يؤمرون، والغطاء السياسى من قيادتهم يحميهم، والإعلام الفضائى جاهز على الدوام، يقذفون الشرفاء والساهرين على مصلحة الوطن جهارا نهارا، لا يخجلون ولا يعرفون أدب الحوار أو أدب الحديث. لقد نفد صبر الشعب -كل الشعب- من أقوالهم المسفة السافلة وأكاذيبهم وتأويلاتهم الفاسدة، فانصرف الجميع عنهم وانفضوا من حولهم، ولكنهم لا يزالون يعيشون فى وهم إسقاط الديمقراطية وإسقاط الوطن وتلويث سمعة مصر وسمعة الثوار الحقيقيين. إن قضاء مصر العادل، والقانون وليس غير القانون هو الإنقاذ الحقيقى للوطن من هؤلاء الواهمين المخربين، هم العابثون، وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون. إنه لا بد أن يكون لدى الدولة إعلام بديل يرد ويكشف ويعلم ويصوب، ذلك أن إمكانية إغلاق قناة تليفزيونية مفسدة أمر عسير؛ لأنها ستقوم بتغيير بثها من قمر إلى قمر آخر، ولأن الإعلام الإنترنتى هو البديل الأكثر شيوعا بين الشباب، ناهيك عن أن إغلاق قناة يعطى للعالم صورة ليست مقبولة إعلاميا على المستويات القومية والدولية، وإذا كان الإعلام الرسمى قد اتجه لأن يكون إعلاما شعبيا لا سلطويا، وهو بذلك يتيح الفرص المتكافئة أمام كل الأطياف. ولا يعتقد أحد أن القنوات التى يغلب عليها الطابع الإسلامى قادرة على القيام بهذا التوضيح والتصويب لأن هذه القنوات الإسلامية أيضا تفتقد المهنية، أضف إلى ذلك أنها تقدم مادة إعلامية غنية بالأخطاء التى تستغلها القنوات المفسدة الفاسدة.