فارق كبير بين حبس الصحفيين فى قضايا تتعلق ب"النشر" وحرية الصحافة، وحبسهم فى قضايا "النشل" التى يمارسها بعضهم، وهم ليسوا بالقليل من حيث العدد. لم يحبس صحفى واحد منذ تولى مرسى الحكم، وإن كان بعضهم استدعى للتحقيق معه فهذا أمر طبيعى لأن الصحفيين بشر يخطئون مثل بقية خلق الله، وعليهم إثبات براءتهم من التهم التى توجه إليهم وهم بعيدون عن قيد الحبس. يمارس ثلة من الصحفيين حريتهم على أعلى مستوى ودون سقف وحتى غير الصحفيين ممن يوصفون بأنهم إعلاميون يمارسون حرية تصل إلى حد الإسفاف وقلة الأدب، ورغم ذلك لم تتوقف برامجهم ولم تغلق قنواتهم! أن يتحول الصحفى إلى سباب ولعان وأراجوز كوميديان يتهكم على الرئيس وعلى الإخوان فهذا ما تطرب له آذان بعض الشواذ والمنحرفين عقليا، لكن حين تحقق النيابة مع صحفيين بتهمة نشل وسرقة المال العام فهنا تقام المآتم على حرية الصحافة والتعبير، على الرغم من أن الموضوع محل التحقيق ليس عن التعبير بل عن سرقة المال العام. ما علاقة النشر بالنشل؟ ومن أقام هذه العلاقة ورعاها غير الصحفيين أنفسهم؟ أليسوا هم من تعاطوا العمولات ووزع الهدايا فى الوقت نفسه الذى يكتبون فيه المقالات النارية التى تتحدث عن العدالة الاجتماعية؟ أرجوكم انظروا فى تاريخ الستمائة صحفى المعروضين على النيابة، وانظروا حجم التحول الرهيب والثراء العجيب الذى هبط عليهم من فوق رءوسهم ومن تحت أرجلهم واسألوا أنفسكم واسألوهم من أين لكم القصور والسيارات الفارهة والبودى جاردات التى تحرسهم من عين الحسود؟ ناهيك عن الحسابات المتضخمة فى البنوك فى الداخل والخارج. اسألوا أبو حمالات، الذى يزعم أنه نصير الغلابة ليلا ويهرب من الضرائب وجه النهار، اسألوه من أين له بكل تلك الأموال وكل هذا الثراء، لو كان شريفا لما صرخ حين استدعى للتحقيق ولا ادعى أنه يحقق معه فى قضايا نشر، لا يا عزيزى أنت متهم فى قضايا نشل! اسألوه بكم اشترى قناة التحرير وبكم باعها، وهل سدد حق الدولة والمجتمع والناس أم سيلجأ إلى دبى طلبا لمزيد من الأموال وهربا من مواجهة الحقيقة المتعلقة بالنشل وليس بالنشر؟ بعض الصحفيين خلطوا الإعلام بالإعلان، والحقيقة بالفهلوة، والحرية بالعربدة، ثم قاموا وغسلوا أيديهم من أى عيب أو نقيصة، وحين أحكم الحصار حول أعناقهم صرخوا "الحقونا الإخوان هيحبسونا". الحقيقة المؤلمة أن هؤلاء لصوص، ومكان اللصوص السجون وليس الاحتماء بالنقابة وادعاء البطولة التى هم أبعد ما يكونون عنها.