زكريا عبد العزيز: احتمالات بحفظ القضايا لاعتبارها هدايا لا رشاوى مساعد وزير العدل: تلقى النائب العام هدايا يخل بمنصبه ويوجب محاكمته سيد حامد: حصول الموظف العام على هدايا يندرج تحت إهدار المال العام أثار تلقى النائب العام السابق المستشار عبد المجيد محمود هدايا من مؤسسة أخبار اليوم ووزارة الإعلام، وأكثر من 40 شخصية عامة من رموز النظام السابق ما بين وزراء ورجال أعمال وموظفين عموم، العديد من التساؤلات حول قانونية قبولهم للهدايا، واعتبارهم متهمين من عدمه، وهل ستكون لهم قضية ويتم إحالتها للمحكمة أم لا خاصة بعد قيام العديد من الوزراء والشخصيات العامة ورموز النظام السابق بسداد قيمة ما تحصلوا عليه من هدايا مؤسسات الدولة؟.. "الحرية والعدالة" استطلعت آراء الخبراء والقانونيين للإجابة عن تلك التساؤلات. فى البداية، يقول المستشار زكريا عبد العزيز الرئيس السابق لنادى قضاة مصر: إنه لا يجوز للموظف العام أيا كان موقعه أن يترخص ويقبل هدايا من أى جهة أيا كانت حتى ولو كانت جهات حكومية تابعة للدولة، لأنها فى تلك الحالة ستكون عطية لا هدية، كما يكلف ذلك خزانة الدولة الكثير من الأموال، كما يهدر ذلك التصرف دفع قيمتها إلى هيئة الضرائب، ويترتب على ذلك حرمان المواطن البسيط من الاستفادة من الدعم الحكومى الذى يستفيد منه جراء دفع الضرائب. وشدد عبد العزيز، رئيس بمحكمة استئناف القاهرة، على أن حصول الموظف العام على هدايا من القطاع الخاص لا يجوز مطلقا، لأن ذلك يكون وراءه تحقيق غرض ما، قد تكون لتسهيل أعمال، ترتيب لأعمال فى المستقبل، تغاض عن مخالفات. وأشار إلى أنه على الرغم من قيام النائب العام السابق وغيره من رموز النظام السابق بسداد المبالغ المالية أو قيمة ما تحصلوا عليه، فإنهم لم يمنعوا فضيحتهم أمام الرأى العام، فقد انكشف أمرهم أمام الشعب وفقدوا ثقتهم ونزاهتهم بين العامة، مستنكرًا حصولهم على هدايا غالية الثمن بهذه الطريقة، مشيرا إلى أن الهدية فى الغالب تكون رمزية مثل تقديم أجندة أو شىء تذكارى بسيط. وأشار إلى أنه من المحتمل أن تكون إقالة النائب العام السابق من منصبه لتلقيه هدايا كشفت عنها الأجهزة الرقابية بالدولة، ولم يعلن عنها فى وسائل الإعلام؛ حفاظا على هيبة القضاء وشموخه، معتبرا تلقى نائب عام هدايا تحت أى مسمى غير قانونى، ويستوجب الفصل؛ لإهانته جموع القضاة ومهنة القضاء. وأضاف عبد العزيز أن النيابة العامة من المحتمل حفظ مثل هذه القضايا وعدم إحالتها إلى المحكمة، لاعتبار أنهم تلقوا هدايا لا رشاوى، وأيضا قاموا بسداد قيمتها أو ردها مرة أخرى للجهة الخاصة بها. ويتفق المستشار أحمد سليمان، مساعد وزير العدل، مع الرأى السابق، مؤكدا أنه لا يجوز أن يقبل الموظف العام فى أى موقع هدايا، خاصة من مؤسسات الدولة، لأنها تعد إهدارا للمال العام، موضحا أن الفرق بين الهدية والرشوة هو أن الرشوة مرتبطة بتحقيق شىء غير قانونى سواء أداء عمل ما، أو الامتناع عن تأدية عمل آخر بناء على طلب مقدم الرشوة، مثلا شخص يأخذ مقابل لعدم تحرير محضر أو تحريره ضد الخصم بهدف إلقاء عليه تهما لم يرتكبها. وأشار سليمان إلى أن تلقى النائب العام السابق هدايا يعد عملا مخلا بمنصبه وعمله كقاض، ومثل هذه الأفعال تستوجب إحالته إلى المحاكمة. وأكد أن قرار حفظ القضية أو إحالة المتهمين فيها إلى المحاكمة الجنائية يرجع إلى النيابة العامة وسلطتها التقديرية وتكيف الوقائع التى أمامها، وأشار إلى أنه فى حالة اعتبار التهمة المنسوبة للمتهمين هى تلقى هدايا، فسيتم محاكمتهم بتهمة الإضرار بالمال العام وليس الرشوة. وأشار سيد حامد، عضو لجنة الحريات بنقابة المحامين، إلى أن القانون يجرم حصول الموظف العام على هدايا تحت أى مسمى؛ لأنها تعتبر إضرارا بالمال العام، مشيرا إلى أن منصب النائب العام ومكانته لا تسمح أن ينزل إلى مستوى قبوله أخذ هدية مهما كبر حجمها أو صغر، وكان عليه أن يترفع عن قبول هدايا من مؤسسات الدولة حتى ولو "قلم رصاص". وأكد حامد أن القضية من المرجح حفظها، وذلك لتصنيفها قبول هدايا، وليس رشوة، إلا أنه طالب بإدخال المتهمين تحت بند الرشوة وإحالتهما إلى المحاكمة بدلا من تدليعهما تحت مسمى "هدايا". بينما أكد صالح حسب الله، المستشار القانونى لجبهة استقلال جامعة عين شمس، أن المحسوبية والسمسرة والعمولة والهدايا أصبحت مع مرور الوقت فى العهد البائد جزءا من نظام الموظف العام، مشيرا إلى أن مصر وقعت اتفاقية مع الأممالمتحدة عام 2005 لمكافحة الفساد، ولكنها لم تؤت أكلها حتى الآن. وأضاف صالح أن الهدية لا تخضع لقانون العقوبات وإنما تخضع لقانون مكافحة الفساد، مضيفا أن الأنشطة والأعمال التى تتسم بالفساد يصعب كشفها لوجود مبدأ السرية فى إتمامها. رجح قيام النيابة العامة بتصنيف القضايا المتهم فيها الرئيس المخلوع ورموز نظامه بأنها تلقى هدايا من مؤسسات الدولة؛ لعدم وجود دليل واضح يفيد ابتزاز تلك المؤسسات أو عرضها لتقديم خدمات لها مقابل الهدايا.