ألف باء الصحافة هو أن تعمل فى جمع المعلومات فقط ونقل الحقائق للشعب بأمانة وألا تكون لك علاقة بالإعلانات التى تنشر فى الجريدة.. لأنه من الممكن ببساطة أن تقوم -كصحفى- بكشف عملية فساد أو نهب مال عام فى مؤسسة ما، فيسعى الفاسدون ببساطة لمنع نشر هذه الفضيحة عبر إغرائك بالمال بعرض نشر إعلان لهم فى الجريدة عن طريقك ليكون نصيبك منه (وفق نظام الإعلانات) 25% من قيمته.. وبعد أن يطعموا الفم تستحى العين ويتم إخفاء الحقائق عن الشعب!. ولذلك استغربت كثيرا تهديد صحفيين فى جريدة الجمهورية بقطع شارع رمسيس وشل حركة المرور ما لم يقم جهاز الكسب غير المشروع، برئاسة المستشار يحيى جلال، بإخلاء سبيل أحمد حسين وإسماعيل البدرى نائبى رئيس تحرير جريدة الجمهورية المتهمين بجلب إعلانات بالمخالفة لعملهما الصحفى وتربحهما قرابة أربعة ملايين جنيه، بما يمثل كسبا غير مشروع. واستغربت تهديد المرشحين لمنصب النقيب بتعطيل انتخابات نقابة الصحفيين التى ستجرى اليوم ما لم يتم الإفراج عن الصحفيين المحبوسين لعدم سدادهما كفالة الإفراج عنهما؛ لأن الأصل هو أن يؤيد أى صحفى نزيه الفصل بين العمل الصحفى وجلب الإعلانات، لا أن يدافع عن صحفيى الإعلانات الذين شوهوا المهنة وبعضهم (من رؤساء تحرير بعض الصحف الخاصة) اعتبرها لعبة وبدأ يبتز رجال أعمال بالتهديد بنشر اتهامات بمخالفات مالية توطئة لابتزازهم والحصول على إعلانات منهم! وضحكت لأن كل من أعلنوا تعطيل انتخابات الصحفيين بسبب حبس صحفيى الإعلانات افتضح أمرهم عندما أصر جهاز الكسب غير المشروع على تنفيذ القانون، ولم يفرج عن صحفيى الجمهورية ويلغى قرار حبسهما 15 يوما على ذمة قضية تضخم الثروة إلا بعد أن وقّعا على إقرار بتسديد المبالغ التى حصلا عليها من خلال عمولات من الإعلانات مع الكشف عن حساباتهما السرية ومنعهما من السفر؛ لأن الصحفى ليس على رأسه ريشه كى يعامل معاملة خاصة إذا خالف القانون، بل عليه مسئولية مضاعفة لأنه قدوة لغيره!. وحسنا أثيرت هذه القضية قبل انتخابات الصحفيين.. فاليوم تبدأ أهم انتخابات نقابية فى بيت الصحفيين.. ليس لأنها أول انتخابات لا يتنافس فيها تيارات سياسية بشكل مباشر أو انتخابات تجرى بين صحفيين معارضين وآخرين حكوميين كما كان يجرى فى العهد البائد، ولكن لأنها انتخابات تجرى بين تيار عريض من الصحفيين المستقلين المهنيين الذين يريدون خدمة زملائهم ويحترمون المهنية وبين فصيل من بقايا الصحفيين السياسيين من التيار الناصرى تحديدا، بعدما غابت عن الانتخابات لأول مرة قائمة مرشحى الإخوان المسلمين. انتخابات اليوم ليست مهمة فقط لكى يتخلص الصحفيون من بقايا مجلس النقابة الفاشل الحالى الذى اختطف النقابة فى صراع سياسى لصالح جبهة الإنقاذ المعارضة، ولكن لأنها منافسة بين الصحفيين المهنيين وصحفيى الإعلانات الذين فضحهم جهاز الكسب غير المشروع ويحقق مع أكثر من 600 منهم، كلهم من الصحف القومية. ما يفعله جهاز الكسب غير المشروع ضربة قوية لمافيا الفساد بالمؤسسات الصحفية.. فبعد أن بدأ بالقيادات وفضيحة هدايا الأهرام والأخبار والجمهورية لكبار المسئولين السابقين، بدأ تحقيقات موسعة مع 602 من الصحفيين فى عدد من المؤسسات الصحفية الحكومية، فى اتهامات بتحقيق أرباح ضخمة والحصول على مبالغ طائلة تحت بند "عمولات إعلانات"، وطالبهم برد الأموال التى حصلوا عليها لخزانة الدولة. غير معقول أن يكون هناك صحفيون أفنوا أعمارهم فى البحث والتدقيق للوصول إلى الحقيقة وكشف الفساد ولا تزال رواتبهم لا تزيد على ألفين أو أربعة آلاف جنيه، وهناك صحفيون بالاسم دخلوا النقابة من أجل الحصول على الكارنيه لاستخدامه فى جلب إعلانات والحصول على عمولات بالآلاف والتجارة فى الأراضى والعقارات، وهناك نماذج كثيرة عاصرناها بالاسم لا داعى لذكرها تحولوا إلى تجار أراض وعقارات بفعل عمولات الإعلانات بينما زملاؤهم المجتهدون راضون برواتبهم الضئيلة!. اليوم أمام الصحفيين فرصة كبيرة لانتخاب "المهنيين" الذين يدافعون عن المهنة والمصداقية لا الذين خطفوا النقابة لأهداف سياسية أو الذين استغلوها للتربح بمال الإعلانات وإخفاء الحقائق عن الشعب.