"إذا كان المتكلم مجنونا فالمستمع عاقل" ما أحوجنا نحن المصريين لهذا المثل الشعبى لمواجهة طوفان أحاديث الإفك والشائعات التى صار لها جبهات سياسية ومؤسسات إعلامية بتمويل مفتوح من جهات داخلية وخارجية. فالمتكلمون من رجال الساسة والإعلام لم يعد هدفهم من وراء أحاديث إفكهم مجرد النيل من جماعة الإخوان المسلمين، أو حتى محاولة إسقاط أول رئيس مدنى منتخب، ولكن هدفهم أكبر من ذلك بكثير، وهو وأد ثورة 25 يناير وتقسيم مصر. لقد لعب هؤلاء بأقذر "كارت" يأنف أن يلعب به أى مواطن مصرى يستحق أن يكتب فى بطاقة هويته أنه "مصرى الجنسية" لأن من يكذب "كذبته" يكون قد تجرد من وطنيته حتى لو أطلقوا عليه مناضلا سياسيا أو كاتبا صحفيا أو ناشطا حقوقيا أو خبيرا إستراتيجيا... فما هى إلا أسماء أطلقها إعلامهم للترويج لإفكهم وشائعاتهم. ولعل أغرب أكاذيبهم التى تم ترويجها مؤخرا هى "أخونة الجيش" وما تلا ذلك من شائعة إقالة وزير الدفاع، وكذبة خصم مبالغ مالية من مرتبات الضباط والجنود، وذلك فى محاولة رخيصة لإثارة أعرق وأخلص مؤسسة عسكرية فى مصر والعالم فى معظم فترات التاريخ وأقوى وأعرق جيش فى المنطقة. من بدايات الحضارة المصرية والجيش يقوم بدوره فى الدفاع عن الوطن بأرقى مفاهيم الانتماء وتقاليد الجندية. لقد خاض الجيش المصرى معارك كبيرة ضد جيوش ضخمة هاجمت مصر أو جهزت لمهاجمتها، فمن المعارك الكبيرة الخالدة التى خاضها الجيش المصرى معركة قادش فى عهد الملك رمسيس الثانى ضد الحيثيين ومعركة مجيدو فى عهد تحتمس الثالث. وبعد الفتح الإسلامى لمصر كانت معارك حطين وعين جالوت والمنصورة وفتح عكا ومرج الصفر وحتى نصر أكتوبر. فالعلاقة بين الشعب والجيش إذًا علاقة تاريخية، أو كما يصفها الفريق أول عبد الفتاح السيسى -وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة- نفسه خلال لقائه الضباط والجنود بأنها علاقة «أبدية لن يفسدها عدو أو متآمر»، وأضاف قائلا: "إن ملامح هذه العلاقة ظهرت منذ تسليم القوات المسلحة السلطة إلى رئيس مدنى منتخب، لتصل إلى أبهى صورها، بنزول المواطنين بجميع طوائفهم للمشاركة فى الاستفتاء على الدستور، فى حماية جنود الجيش الذين أمّنوا مقار اللجان، وأصبح الشعب هو الضامن لنزاهة أى انتخابات". لقد أكدت تصريحات وزير الدفاع أن الجيش مؤسسة تابعة للوطن كل الوطن من الشعب وللشعب؛ بما يعنى استحالة تحويل الجيش إلى مؤسسة تابعة لجماعة الإخوان المسلمين أو حزبها أو أى حزب أو فصيل سياسى يتولى الحكم فى المستقبل. لقد كشف كارت "أخونة الجيش" الكثير من أحاديث الإفك التى يرددها البعض ضد مؤسسة الرئاسة وجماعة الإخوان، بداية من أكذوبة بيع قناة السويس لدولة قطر، وتسكين أهل غزة فى سيناء، وانتهاء بالوثائق المضروبة التى تكشف عن إفلاس معسكر الفلول وجبهات الخراب، واستخدام كارت "حث الجيش على العصيان" بهذه السذاجة!! وأخيرا إذا كان الإعلام "متكلما مجنونا" فالشعب المصرى "مستمع عاقل"، ولن يصدق كذبة "أخونة الجيش" وغيرها من أكاذيب الصباح والمساء التى يرددها فلول السياسة والإعلام؟