سادت الشارع الجزائرى حالة من الاستياء والرفض تجاه اتفاق مزمع بين الجزائروفرنسا لإجراء تجارب على الأراضى الجزائرية لاستغلال الغاز الصخرى، وهو ما اعتبره ناشطون وجيولوجيون "جريمة" فى حق الإنسان والطبيعة لخطره على البيئة. كان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس قد صرح بداية الأسبوع الجارى أن الحكومتين الفرنسية والجزائرية ستوقعان قريبًا اتفاقًا لإجراء بحوث على الأراضى الجزائرية لاستغلال الغاز الصخرى المعروف علميا بغاز (الشيست). وقالت مجلة (Le point) الفرنسية الشهيرة ووسائل إعلام فرنسية: هناك "صعوبات كبيرة تواجه الحكومة الفرنسية فى القيام ببحوث تتعلق بالغاز الصخرى فى ترابها أمام معارضة الرأى العام الفرنسى؛ لأن هذه البحوث ستؤدى إلى استغلال فعلى لهذا الغاز؛ مما يؤدى إلى عواقب وخيمة على الإنسان والبيئة فى فرنسا، موضحة أن هذه البحوث ستكون على الأرض الجزائرية؛ حيث لا يُعتقد أن الجزائريين سيتذمرون أو ينزعجون من هذا" حسب تعبير المجلة. اتفاقية استعمارية وتعليقا على الاتفاقية أطلق ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعى حملة تنديد ورفض للمشروع، معتبرين أن الحكومة تريد "جعل الجزائريين فئران تجارب للشركات الفرنسية". ومن جانبه، وصف عبد الرزاق مقرى -نائب رئيس حركة مجتمع السلم- الاتفاقية ب"العار"، وقال: لسنا فى حاجة إلى الغاز الصخرى لأن لدينا الغاز الطبيعى، هكذا يقول المتخصصون"، وذلك على اعتبار أن الجزائر توفر أكبر احتياطات الغاز الطبيعى فى العالم؛ حيث قدرت العام الماضى ب4500 متر مكعب. وذكر فى مقال نشره على صفحته الشخصية الأحد الماضى: "استعملت فرنسا أرض الجزائر لتجاربها النووية، وأصبحت بذلك قوة نووية على حسابنا وحساب الآلاف من القتلى والمرضى والمشوهين، غير أننا لم نكن نقدر على منعها لأننا كنا تحت الاستعمار، واليوم تستعملنا فرنسا لتجاربها فى استغلال الغاز الصخرى على حساب صحتنا وبيئتنا وبموافقة من مسئولينا". استنزاف الشعب وأضاف المقرى: إن فرنسا ستقوم بهذه الأبحاث بأموال الجزائر كما تنص الاتفاقية، أى أن الفرنسيين يُمكن أن يصلوا إلى نتائج علمية بالتجربة على حساب صحة الجزائريين وبيئتهم، وحينما يصلون إلى النتائج التى يريدونها يذهبون إلى بلادهم لاستغلال هذا الغاز بلا مخاطر بيئية، هكذا يقول الفرنسيون، وهكذا يضحكون علينا، وحينما تستمع إليهم وهم يقولون هذا تكاد تنفجر من الغضب على حكامنا الذين لا تهمهم إلا الحلول السهلة التى يحافظون بها على استمرارهم فى الحكم على حساب الجزائر وأهلها. وتابع: إذا كان المسئولون يعرفون أن هذا الغاز سيتراجع إنتاجه على المدى المتوسط -كما نبهنا لذلك مرارا- فكان عليهم أن يضعوا رؤية اقتصادية تمكنهم من استعمال أموال البترول والغاز للاستثمار فى الصناعة والفلاحة والخدمات والبحث العلمى وتشجيع الإبداع والعمل الجاد الذى لا تضمنه إلا الحرية، حتى تصبح لدينا قيم مضافة خارج المحروقات بدل تبديد هذه الأموال وسرقتها وإنفاقها على شراء الذمم وإلهاء الشباب وتسكين التوترات الاجتماعية بحلول سطحية لا تثبت على المدى المتوسط والبعيد. وكشفت تقديرات مختصين أن المخزون الجزائرى من الغاز غير التقليدى أو الصخرى يقدّر بحوالى 17 ألف مليار متر مكعب، وهو ما يؤكد كلام مقرى بأن بلاده ليست فى حاجة إلى هذا الغاز. يشار إلى أن الغاز الصخرى أو "الشيست" غاز ثقيل ونادر يستعمل لإنتاج نوعية جيدة من الطاقة، ويستخرج من بين الصخور على عمق يتراوح بين 4 و5 آلاف متر، التى تمثل الصفائح الصخرية الكبرى التى يرتكز عليها سطح الأرض، لكن جيولوجيين يقولون إن طريقة استخراج هذا الغاز تتسبب فى أضرار جيولوجية وبيئية خطيرة، وهو ما دفع كثيرين إلى تسمية هذا النوع من الغاز باسم "الكنز المسموم".