اختتم معرض الكتاب فعالياته بشكل نهائى أمس بعد فترة تمديد استمرت أربعة أيام، فى حين لم يستفد الكثير من الناشرين من تلك الفترة، خاصة أن الإعلان عنها فى وسائل الإعلام كان ضعيفا. وقال الناشرون: إن الظروف الأمنية والسياسية قد أثرت على حضور الجماهير، خاصة من اعتادوا زيارته من ساكنى المحافظات. ويلاحظ المتتبع أيضا للسوق الفكرية والثقافية أن اختيارات الجماهير فيما تقرأه من الكتب المعروضة شىء واختيارات اللجان والجوائز شىء آخر. وبعيدا عن الجوائز الأدبية وجوائز الدولة وسباق الكتب الدائر فيها؛ أعطى جمهور معرض الكتاب هذا العام جوائزه لعناوين وموضوعات عكست إلى حد كبير اهتمامات الشارع بشكل عام واهتمامات محبى قراءة الكتب الدينية والسياسية بشكل خاص. فطبيعة الأحداث التى تعيشها البلاد، والثورة التى بدأت منذ عامين، فرضت الموضوعات السياسية على اهتمامات المصريين -حتى من غير القراء- لتجد أن معظم الكتب التى تتصدر الأرفف الأولى فى قاعات دور النشر هى تلك التى تتناول أحداث الثورة المصرية، أو تناقش الأوضاع السياسية، أو تقدم مادة معلوماتية حول أنظمة الدول المختلفة، بالإضافة إلى الكتب التى تتناول جماعة الإخوان المسلمين وتاريخها. يقول أشرف بركات –مسئول إدارة المبيعات بإحدى دور النشر الشهيرة-: "إلى جانب الكتب الأدبية والروايات التى تجد رواجا كل عام؛ فهذا العام تحديدا زاد الإقبال من الجمهور على العناوين السياسية مثل كتاب (الثورات الشعبية) للدكتور سمير أبو زيد، الذى يتناول فيه نشأة الدولة الحديثة، وكيف تعيد الثورات الشعبية بناء الدول من جديد، وكذلك كتاب (حسن البنا الذى لا يعرفه أحد) للكاتب حلمى النمنم، الذى يقدم فيه مجموعة من الوثائق التى جمعها حول الإمام الشهيد ليعرض من خلالها رؤية محايدة كما يقول فى تعريفه بكتابه". ومن جانبها، خصصت دار نشر أخرى شهيرة أيضا مساحة للكتب "الأكثر مبيعا" لديها وتصدرت فيها عدة عناوين لأعمال أدبية لكتاب كبار وآخرين من الشباب معظمها من إصدارات الأعوام الماضية مثل "عزازيل" و"ظل الأفعى" ليوسف زيدان، و"الفيل الأزرق" لأحمد مراد، و"رواية الطنطورية" للكاتبة رضوى عاشور، بالإضافة لكتب جلال أمين السياسية: "ماذا حدث للمصريين؟"، و"ماذا حدث للثورة المصرية؟". أما إصدارات العام الجديد التى حققت رواجا، فتمثلت فى رواية "تراب الماس" لأحمد مراد؛ حيث شهد حفل توقيعها إقبالا كبيرا من الشباب، إلى جانب الكتاب المترجم "من داخل جماعة الإخوان المسلمين.. يوسف ندا فى حواراته للكاتب دوجلاس تومبسون" والذى قالت عنه سناء صلاح -إحدى رواد المعرض-: "من أكثر الكتب التى لفتت انتباهى؛ خاصة أن يوسف ندا شخصية معروفة ومصدر ثقة للمعلومات التى يبحث عنها أى قارئ يرغب فى التعرف على جماعة الإخوان". وفى مكتبة أخرى دولية تصدرت كتب التنمية البشرية والكتب التربوية المترجمة مبيعاتها؛ مثل كتب "كيف تمسك بزمام القوة" و"فن إدارة المواقف" فى مجال كيفية إدارة المواقف العملية المختلفة التى تواجه الإنسان فى مجالات العمل والعلاقات المختلفة. وفى التربية اتجه الجمهور إلى كتابى "كيف تتحدث فيصغى إليك الصغار؟" و"كيف تتحدث فيصغى إليك المراهقون؟" و"عادة الغضب عند الأبناء"، وعن هذه الكتب يقول أحمد أبو حافظ -مسئول المبيعات بفرع المكتبة الدولية بالقاهرة-: "نختار الكتب الأجنبية التى نقدمها للجمهور العربى بعناية بحيث تتفق مع ثقافتنا والمكتبة لديها سياسة واضحة تحدد هذه الاختيارات وتقوم إدارة النشر بمراجعة محتوى الكتب قبل ترجمتها، وإلى جانب الكتب المترجمة تظل كتابات الشيخ عائض القرنى متصدرة الأرفف الأولى فى قاعة العرض. وفى دار نشر أخرى لا تختلف كثيرا الموضوعات التى يتجه إليها القارئ؛ فبعد كتب التنمية البشرية ل"شريف عرفة" تأتى روايتا نور عبد المجيد "أنا شهيرة" و"أنا الخائن" بعد أن لاقت روايتها السابقة "رغم الفراق" إقبالا كبيرا. أما الكاتب أشرف العشماوى فله رواية "المرشد" التى تتناول شخصية مرشد المباحث ذلك الرجل الذى يكسب صداقتك وودك لتكون مصدر معلوماته، كذلك روايته "تويا" التى دخلت ضمن القائمة الطويلة لجائزة بوكر؛ مما أكسبها مزيدا من الرواج بين القراء لينتقل أشرف بها من قاعات المحاكم كقاض إلى روائى يسطر اسمه فى مجال الأدب. ومن جانبها، تعلق صفاء صلاح الدين -ماجستير فى علم اجتماع الأدب- على طبيعة الكتب الأكثر مبيعا قائلة: "هذه الموضوعات بالفعل تعكس اهتمامات الشارع، فطبيعة الأحداث تفرض نفسها على مجال النشر، إلا أن تعبير (الأكثر مبيعا) يحتمل الكثير من الخداع فلا يوجد فى مصر جهة ترصد أو تقيس حجم المبيعات بأرقام معلنة كما هو الحال فى الغرب". وأشارت إلى أنه عادة ما يجذب القارئ سمعة الكتاب أكثر من مضمونه كأن يرشحه له أكثر من صديق، أو تتحدث عنه وسائل الإعلام، أو تُقدم للعمل الأدبى أعمال فنية مثلا، أو تخصص له دار النشر ركنا بعنوان "الأكثر مبيعا" دون أن يدرى أحد حجم مبيعات الكتاب الحقيقية".