شاهدت حفل تنصيب الرئيس الأمريكى أوباما، وقد نجح فى الانتخابات الرئاسية للمرة الثانية بنسبة تماثل تقريبا النسبة التى فاز بها الرئيس محمد مرسى. رأيت جموع المواطنين الأمريكيين وهو يحيون رئيسهم فى موكبه، رأيت السعادة والبشر على وجوههم. بالقطع كان من بينهم المؤيد الذى انتخب أوباما والمعارض الذى لم ينتخبه. ولكن حب الوطن هو الذى جمع بين الضدين، وهذا الجمع هو الذى يكسب الرئيس ثقته بنفسه ويقوى عزيمته ويدفعه للمضى قدما لخدمة الوطن. هذه هى الديمقراطية التى جعلت شعوب الغرب على وجه الخصوص أرقى الشعوب وأكثرهم استقرارا وأكرمهم عيشا، وهى التى تجعل للدولة ولمواطنيها هيبة وكرامة. هذه هى الديمقراطية التى نتعثر نحن المصريين فى الطريق إلى تحقيقها، ذلك أن الذين لم يصوتوا لمرسى لا يزالون على موقفهم الرافض له ويسعون إلى إسقاط الشرعية بكل الوسائل التخريبية. فهم يحرضون على الفوضى، يحرقون، يقتلون، ويختلقون الفتن. ترى هل خلقت الديمقراطية لشعوب دون غيرها! كيف وديننا يحض على الشورى واحترام الرأى الغالب قبل أكثر من أربعة عشر قرنا. أخُلِقت شعوب من أجل عمارة الأرض، وخُلِقنا نحن من أجل خرابها وديننا يحض على العمل المثمر؟! لقد استمرأ هؤلاء الرافضة العبث بالبلاد فمضوا فيه لا يلوون على شىء، فلا احترام للأغلبية التى أتت بالرئيس، ولا احترام للأغلبية التى أقرت الدستور. هؤلاء الرافضة ينعون على الرئيس تلقى إرشاداته من المرشد العام (المصرى)، ولا يستحيون هم من تلقى الأوامر من المسئولين الأمريكيين (ومنهم صهاينة) الذين يفدون إلى البلاد من وقت لآخر ويجتمعون بهم بغير سند أو صفة يخولان لهم الاجتماع. هؤلاء الرافضة يكاد يقتلهم الفضول لمعرفة من أين يمول الإخوان المسلمون نشاطهم، ويتغافلون عن التمويل الذى يمكنهم من مواصلة التخريب على النحو السخى القائم الآن. ولماذا لا يؤرقهم الفضول ليعرفوا من أين تأتى الكنيسة المصرية بأموالها. أخشى إزاء هذه الأحوال المضطربة فى بلادنا أن أقول إن الدولة فقدت هيبتها، وكأنى بى ومصر الآن مرتع لفئات يبغى بعضها على بعض، فئات كقبائل يعيشون فى فلاة ويغير بعضهم على بعض، إننا منذ أن قامت الثورة ونحن نبحث عن هيبة الدولة المفقودة، فالهيبة هى ضالتنا الآن التى نرجو من الله أن يردها إلينا. سياسة الرئيس فى الكرم والصبر والتغافل (وهى من شيم الكرام) ولّدت التمرد لدى هؤلاء الرافضة وجعلتهم يمضون فى الغى إلى غير حد. الهيبة لن تعود إلا إذا دشن لها الرئيس طريقا ممهدة وعززها بالحماية اللازمة. وإن لم تكن أدوات الحماية والتعزيز طوع بنان الرئيس فنذكره بأن لديه قوة لا تعد لها قوة، وهى قوة الشعب بعد الله سبحانه وتعالى. ليس مطلوبا من الرئيس إلا الخروج إلى الناس ليحدثهم بصراحة مطلقة عما يحيكه هؤلاء الرافضة من مؤامرات فى دهاليز وأروقة بعض أجهزة الدولة. سيادة الرئيس، لا تطلق العنان لهؤلاء المرداء، واستعصم بالشعب بعد الله سبحانه وتعالى.