أعرب فضيلة الشيخ الدكتور محمد عبدالرحمن العريفي عن أمله الكبير في انتصار الثورة السورية منوها إلى زيادة الخط البياني للجهاد في سوريا والذي يحقق كل يوم نجاحات أكبر من ذي قبل، مشيداً بالعمليات التي أطاحت برؤوس النظام السوري. وكشف فضيلته في حوار أجريناه معه عن جهد يقوم به مؤخراً من أجل إطلاق الاتحاد العالمي للدعاة المسلمين، وأن الاتحاد سيضم عدداً من الوجوه المعروفة من الدعاة في العالم. وتوقع فضيلته انفتاحاً وإطلاقاً للحريات في الخليج تأثراً بأحداث الربيع العربي.
نص الحوار:
أحسست بأنَّك من المتفائلين فيما يخصُّ سوريا من خلال كتاباتك الأخيرة، هذا التَّفاؤل تريد أن تبثوه للمسلمين، أم أنَّه يستند إلى معلومات حقيقيَّة، ليست فقط السُّنن الكونيَّة والرَّبَّانيَّة، وإنَّما معلومات ربَّما تطلع عليها بحكم ملامستك لبعض مجريات الأوضاع، لاسيَّما بعد زيارة الأردن الأخيرة؟. التَّفاؤل منهج شرعيٌّ، أمرنا به صلَّى الله عليه وسلَّم، وحثَّ على التَّفاؤل، وكان يعجبه الفأل، وهو أيضًا من حسن الظَّنِّ بربِّنا سبحانه وتعالى، وأنا عندما أتفائل لست أتفائل في أمر تجاري دخلت فيه، فأتفائل أنَّه سيربح، أنا أتفائل في قضيَّة عندنا نصوص شرعيَّة تدلُّ على صحَّة هذا التَّفاؤل، فالله سبحانه وتعالى يقول: ﴿ وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾الروم: 47. وقال الله -جلَّ وعلا-: ﴿ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾الحج: 40. ويقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ﴾يوسف: 110. ويقول: ﴿ وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ﴾ إبراهيم: 42. هذا التَّفاؤل هو مبنيٌّ على نصوص شرعيَّة أكثر منه على رغبة شخصيَّة. واقع سوريا اليوم يعني لو رسمت خطًا بيانيًا لبداية الجهاد اليوم في سوريا، والمكتسبات التي كسبتها الثَّورة، لوجدت أنَّ هذا الخطَّ يرتفع ولا ينخفض، لا يزال يرتفع ولا ينخفض، وهذا يدلُّك على قوَّة هذا الخير الذي ينتشر ويظهر، والأخبار الأخيرة أيضًا في هلاك عدد من ذلك النِّظام الظَّالم الضَّال، بلا شك أنَّها تسرُّ، واستنفار ذلك النِّظام للدُّول التي حوله، وطلب المعونة منها، هذا يدلُّك على شدَّة ما أصيب به من هلع وضعف وخور، فهو لن يطلب من إيران معونة، ولن يطلب من حزب اللات معونة، إلا وهو لا يستطيع أن يُدافع عن نفسه، فلو كان عنده من القوَّة ما يستطيع به أن يُدافع عن نفسه لما استغاث بهم واستجار، فهو كلَّما استجار بأحد، وزاد الذين يُقبلون عليه يساعدونه، أنا أتفائل بإذن الله تعالى أنَّ الهلاك قريب منه، وذلك لأنَّ مثل هذه الدُّول إذا شعرت بضعفه الشَّديد ستتخلَّى عنه، وهذا أمر واقع دائمًا، والذي نصرك لأجل مصلحة يرجوها منك، إذا شعر بضعفك الشَّديد وقرب سقوطك، فإنَّه يتخلَّى عنك، كما لو أنَّ وزيرًا مثلاً طلب أشخاصًا أن يقفوا معه، فهم الآن يساعدونه لأجل ما يكنُّون في أنفسهم من مصالح يحصلون عليها منه، إذا استمر في وزارته، فإذا بدأت الأمور تتَّضح وأنَّه ساقط لا محالة، بدؤوا يتخلَّون عنه، وبدأ كلُّ إنسان يبحث عن مصلحته الشَّخصيَّة، مثل الشَّيطان لما قال للكافرين عند خروجهم إلى معركة بدر، خرج لهم في صورة سراقة بن مالك، وقال: إنِّي جار لكم، قال الله تعالى: ﴿ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ ﴾الأنفال: 48. فكذلك هؤلاء اليوم، كلَّما ازدادوا استنصارًا بإيران وبحزب اللات أنا أزداد تفاؤلاً، وأقول في نفسي إنَّ الذي يذهب إلى دولة أخرى يقاتل لتثبيت نظام، هو ليس نظام دولته في الغالب، لن يقاتل بإخلاص تامٍّ، يقاتل لأجل الأموال، أو ربَّما يظهر أمامهم أنَّه يقاتل، صحيح أنَّ العقيدة واحدة عندهم كلهم، وأنَّ الحقد كبير، لكن! يبقى أيضًا النَّفس لها حظوظ تمنعها أحيانًا من الاستمرار في ما هي عليه. هل تستشعر ممَّا يحدث في لبنان، أنَّ شوكة أهل السُّنَّة قويت، وأنه ربَّما أفادوا إيجابياً قوة وعزة خلَّفتها أحداث سوريا؟ ليس في الإمكان أبدع ممَّا كان، إخوتنا من أهل السُّنَّة والجماعة في لبنان، هم منذ سنوات يعانون التَّهميش السِّياسيِّ، وعدم الالتفات إليهم، وحزب اللات طغى وبغى عليهم، وحارب أمورًا كثيرة كانت الأصل أن يقوم بها أهل السُّنَّة والجماعة، التَّلويح بالعصا دون أن تضرب بها، يخوِّف من أمامك، ويجعله يدفع إليك حقَّك. الإخوة في لبنان الآن، مثل هذه المظاهرات التي يقومون بها، وهذه الثَّورة ربَّما تبدو أكبر من حجمها في الوقت الحالي، لكنَّهم اكتسبوا بها بعض المكتسبات، فبعض من قبض عليهم تمَّ إخراجه، وهذا يدلُّك على أنَّ حزب الله لا يريد أن يدخل معركتين، فهو لا يريد أن يُطعن من خلفه، وهو الآن يحارب من يطعنه من أمامه. قمت بزيارتك للأردن قبل فترة، هل لامست حاجة ملحَّة بالنِّسبة لدعم اللاجئين السُّوريين؟. أمَّا بالنَّسبة للاجئين السُّوريين، أنا زرتهم، وربَّما يعني نسأل الله الإخلاص في القول والعمل أكون أول شيخ يزورهم، فأنا زرتهم بعد لجوئهم إلى الأردن، تستطيع أن تقول بأيَّام، ثمَّ بعد ذلك تتابع عدد من المشايخ لزيارتهم. أوَّل ما جئتهم كانوا فعلاً بحاجة شديدة، لكن! كان يوجد عدد من المؤسَّسات الخيريَّة قد وصلت، وبدأت تعمل، الآن تتابع عليهم عدد كبير جدًا من المشايخ والدُّعاة والتُّجَّار، وتحسَّن حالهم كثيرًا، لكن! الذي يحتاج إلى دعم حقيقيٍّ هي كتائب الجيش الحرِّ، المجاهدون في سوريا هم الذين يحتاجون إلى الدَّعم الحقيقيِّ، من كان يستطيع أن يوصل إليهم شيئًا من الدَّعم الماديِّ، فهو مطالب بذلك، هم يدافعون عن دينهم، وعن أعراضهم، وعن التَّوحيد والعقيدة، هم يستحقُّون كلَّ الدَّعم.
هل تتوقع أنَّ دول الخليج العربيِّ ستتأثر بما يسمَّى الرَّبيع العربيَّ؟ وسيحدث فيها نوع من التَّغيير بسبب الثَّورات العربيَّة المتلاحقة، وهل ما حدث في الحراك السياسي بالكويت هي البداية؟. ربَّما لا أعرف بالضَّبط ما هو الجواب في ذلك، ولو كان عندي جواب لذكرته، لكن! لا أستطيع أن أتنبَّأ بالواقع في دول الخليج، فالتَّنبُّؤ بواقعها أمر صعب، ربَّما بعض الدُّول عندها دساتير واضحة، قوانين واضحة تسمح بالأحزاب، تسمح بالنَّقابات، وبالتَّالي تستطيع أن تتنبَّأ بناء على عدد من المعطيات بين يديك، وبناء على تجارب سابقة. طيِّب، هل تتوقَّع انفتاحاً وإطلاقاً للحريَّات في دول الخليج؟. أنا متفائل بهذا، لكنِّي لا أعلم الآن أن هناك شيئا سيقع، أنا متفائل بهذا، وهناك عدد من الحريَّات ستطلق، لكن! ما أعلم الآن أنَّ هناك أشياء عمليَّة بدأت في هذا الباب. السُّعوديَّة الآن تكاد تكون مطوَّقة بأخطار عديدة، من الشَّمال إلى الجنوب، الآن هناك بعض الحوادث تبدو في الشَّرقيَّة، هناك طالبو قطرة الدَّم، يعني البعض يطلب قطرة دم ليصنع شهيدًا ليصنع اضطرابًا، ما الذي تقوله للجبهة الدَّاخليَّة للمجتمع السُّعوديِّ عمومًا، يعني البعض من الليبراليين السعوديين والطائفة الشيعية صعَّد قضيَّة الجيزاوي في السُّعوديَّة نفسها في الشَّرقيَّة، البعض صعَّد في قضيَّة أبها، فتيات أبها، هل تستشعر أنَّ بعض الطَّوائف تريد أن تسعِّر السُّعوديَّة في لحظة ما؟. هناك بعض الطَّوائف الرَّافضة، هم لا يعادون السُّعوديَّة كدولة، هم يعادون السُّعوديَّة كدين ومذهب، فهم يودُّون أن يروا أضرحة على القبور، يودُّون أن يسمعوا الاستغاثة بغير الله تعالى في كلِّ موطن، يودون أن يروا الغلوَّ في آل بيت رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ويسمعوا دعائهم عند الكربات، والاستغاثة بهم عند الملمَّات، يتمنَّون أن يروا مظاهر تخالف التَّوحيد والعقيدة الصَّحيحة. السُّعوديَّة -الحمد لله- نشأت على التَّوحيد، منذ أنشِئت الدَّولة نشأت على التَّوحيد والعلم، لا إله إلا الله محمَّد رسول الله، لا إله إلا الله معناها: أنَّه لا يرضى بشرك، ولا يرضى بشيء من هذه البدع، وما شابه ذلك، هؤلاء الذين تعنيهم ولاؤهم هو لغير التَّوحيد، ولاؤهم لمن يعتقدون فيهم أنَّهم على الصَّواب، وأنَّهم على الحقِّ من أئمتهم، وهم أئمة الضَّلال، لذلك لا تستغرب إذا مررت في بعض القرى التي يسكنها الرَّافضة، فترى في الشَّوارع يعلِّقون صورة مقتدى الصَّدر، وحسن نصر الله، والسيستاني، وبعض الصُّور التي يزعمون أنَّها صورة لسيدنا الحسين، أو لسيدنا علي، أو الحسن رضي الله تعالى عنهم جميعًا، بينما لا ترى صورة أبدًا مثلاً لملك البلاد، أو ولي عهده، مع أنِّي أفتي بعدم جواز تعليق الصُّور عمومًا، لكن! أنا أضربه كمثال على ولائهم، لو اكتفوا فرضًا بوضع ما يظنُّوا أنَّها صورة لآل البيت، قد يُتغافل عن ذلك، لكن! لما يضعون صورًا لأشخاص، هم رؤساء لأحزاب سياسيَّة ينتسبون إليها، ولهم مذاهبهم، ولهم مواقفهم أيضًا من الحكومة السُّعوديَّة، هذا بلا شك يبيِّن لك بعض ما في قلوبهم من نظرتهم للدَّولة التي يعيشون فيها، المملكة لها طرق في التَّعامل معهم فيما أعلم، وربَّما هناك طرق أنا لا أدري بها، لكن! من ضمن الطُّرق التي أعلمها، تشجيع دعوتهم إلى الحقِّ، وتشجيع دعوتهم إلى السُّنَّة، فنعلم أنَّ هناك بعض المشاريع في دعوة هؤلاء إلى السُّنَّة تنال مباركة إن صحَّ التَّعبير من عدد من المتنفِّذين في الدَّولة، ودعم لا بأس به إلى حدٍّ ما، أيضًا تميل إلى التهدئة قدر المستطاع معهم، كما تفضَّلت هم يتمنَّون -أولئك الرَّافضة- يتمنَّون أن تسيل قطرة دم ليثوروا، فيبدو أنَّ الدَّولة لها وجهة نظر في هذا، وإن كنت أنا لم أطلب أن أشارك في موضوعهم بصراحة، ولم أستشر من جهات عليا، إنَّما فقط ربَّما استشارة من بعض الذين لهم اتِّصال في هذا الأمر، لكن! أنا لا أعرف حقائق الأمور الدَّقيقة فأستطيع أن أحكم من خلالها. هل لكم موقف نقدي في مسألة عدم دعم القنوات السُّنِّيَّة؟ صحيح، حقيقة هناك عدد من القنوات التي تعمل في الدَّعوة إلى السُّنَّة، والذَّبِّ عن آل بيت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، والذَّبِّ عن الصَّحابة الكرام، يعني هناك بعض التَّضييق عليها حقيقة، قناة وصال، وصفا، والبرهان، ونور، وبيان، وكلمة، هناك بعض التَّضييق عليها حقيقة، وهذا لا يناسب المرحلة التي نعيشها، الرَّافضة الآن عندهم أكثر، عندهم عشرات القنوات، تسمع فيها سبًا لصحابة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وسبًا لأمَّهات المؤمنين، وجرأة في رفع البشر إلى منزلة الألوهيَّة، ومع ذلك نحن نضيِّق على القنوات الإسلاميَّة التي تحارب الفكر الضَّال في تلك القنوات، هذا بلا شك تصرُّف غير جيِّد. تحدث سابقاً عن التدرج في تطبيق الشريعة خلال مؤتمر مؤخراً، ألا يمكن أن يحدث هذا التَّدرُّج نوعاً من التَّناقض في الخطاب الإسلامي، يقال: أنتم تدعون إلى دولة الحريَّات، ثمَّ تطلبون تقييدها مثلاً، أو ترضون بآليَّة الدِّيمقراطيَّة، ثمَّ تريدون تحويلها إلى شورى مثلاً، أو ما شابه. ما أظنُّ، الأحزاب الإسلاميَّة التي فازت، هي فازت بناء على نظام قدَّمته للذين ينتخبونها، فإذا كان الحزب الإسلاميُّ لما تقدَّم إلى النَّاس لينتخبوه، وجعل من ضمن المعطيات التي يتكلَّم بها، سأعطي الحريَّات الكاملة، وسوف أطبِّق الشَّريعة، وسوف أجعل القرآن هو الدُّستور، ثمَّ فاز، هنا يحدث النِّقاش: هل أنت الآن ستغيِّر ما أعلنته قبل أم لا؟. لكن! لما يكون المرشح الإسلاميُّ بيَّن أنَّ هذا هو منهجي، إن انتخبتموني فليس عندي حريَّات تخالف الشَّريعة، ليس عندي حكم بغير ما أنزل الله، إن انتخبتموني فأنا سأطبِّق هذا، عندها لا يحقُّ للأحزاب المعارِضة له أن تقول: نحن لا نرضى بك، لا، أنا لا يهمُّني رضيتم بي أم لم ترضوا، أنا وصلت إلى سدَّة الحكم عبر صناديق اقتراع، عبر اختيار السَّواد الأعظم من النَّاس الذين سأتعامل معهم، وسأطبِّق عليهم ما وعدتهم به. لكن! أحيانًا يقال: أنتم تقولون في قرارة أنفسكم أنَّ هذه الدِّيمقراطيَّة ليست صحيحة، ثمَّ تقبلون بها، أليس هذا نوع من التَّلاعب؟. الدِّيمقراطيَّة هي ثوب فضفاض، يستطيع كلُّ واحد أن يجمع أطرافه عليه كما يشاء، وأيضًا هذه من الكلمات التي أصحابها أنفسهم الذين يحتجُّون بها، لا يتَّفقون فيما بينهم على شرح موحد لها، ولا على حدود معيَّنة لها، فهو يقول لك ديمقراطيَّة، فإذا أردت أنت أن تستعمل الدِّيمقراطيَّة معه، وهو يحكمك، أخذك ورماك في السِّجن، ولم يرضَ أن يتعامل معك بالدِّيمقراطيَّة، فكذلك ما دام أصلاً أنَّها هي كذلك، ثوب فضفاض ولفظ عام، فكذلك الإسلاميُّون إذا لم يلتزموا بها من البداية، لو جاء وقال: يا جماعة أنا لا أقول لكم سأحكمكم بديمقراطيَّة، أو ليبراليَّة، أو علمانيَّة، أنا سأحكمكم بالإسلام فرشحوني، وهذا هو النِّظام الذي سأسير عليه، وهذه هي الطَّريقة التي سأتعامل معكم عليها، لا تطالبوني بأيِّ مذهب من المذاهب الجديدة ديمقراطيَّة، أو ليبراليَّة، أو غير ذلك، إذا انتخبه النَّاس على مثل هذا، فلا يلتفت إلى غيره. سؤال يخص شخصك أنت يبدأ كل إنسان مشواره الدَّعوي بأحلام معيَّنة، ربَّما حتَّى غير الدَّعويِّ، أنت شوهد لك نوع من النَّجاح -نسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتك- في الدَّعوة، لكن! في كلِّ سنٍّ ومرحلة، الإنسان يراجع نفسه، فهل هناك مشروع تمنَّيت لو بدأت به منذ البداية، وتتمنَّى أن تتداركه فيما بقي من العمر؟. ليس هناك مشروع بدأته -ولله الحمد- إلا وقد أتممته، أنا لما بدأت في الدَّعوة في أوائل العشرينات،لم يكن همِّي أن أنشِأ حزبًا، أو اتِّحادًا، أو كذا، كان عندي عدَّة اهتمامات، منها: أن أنهي الدِّراسات العليا، ومنها كذلك أن أطوِّر قدراتي ومهاراتي، أن لا أنشغل بأحزاب أو نحو ذلك، أن أطوِّر المهارات، والقدرات، والأمور العلميَّة، حتَّى لو أصبح للمرء الضَّعيف شيء من القيادة، تكون القدرات التي عنده تساعده على قيادة غيره. أعني مشروعاً طرأ لكم بعد تفكير جديد. سأتحدث عن ذلك، أحسب أنِّي خلال الخمسة عشر سنة الماضية، حقَّقت ما أريد من تطوير الذَّات، من مؤلفات، ومن إقامة علاقات واسعة جدًا بأكثر الدُّعاة في العالم، بيني وبينهم مراسلة واتِّصال، أيضًا ألَّفت فيما كنت أريد أن أؤلف فيه، ولي برامج تليفزيونيَّة ثابتة الآن أصبح لها صداها. بعد ذلك أنتقل الآن إلى مرحلة أخرى، بعدما جاوزت الأربعين، وهي أن أكوِّن منظَّمة، أبدأ أدخل عملي من خلالها، أنا لم أشأ أن أدخل تحت منظَّمة من البداية، الآن نحن عملنا على إنشاء الاتِّحاد العالميِّ للدُّعاة، سُجِّل في بريطانيا، طبعًا لم يعلن عنه إلى الآن رسميًا، فأنت صار عندك سبْقٌ صحفيٌّ في هذا، وما تكلَّمت عنه أنا من قبل، هذا له نظامه، وله اهتمامه، يهتمُّ بصناعة الدُّعاة، بتبنِّيهم بإنشاء دعاة جُدد، بإقامة برامج دعويَّة، فيه كل ما يتعلَّق بالدَّعوة إلى الله تعالى، وهذا الاتِّحاد يختلف عن رابطة علماء المسلمين، ويختلف عن الاتِّحاد العالميِّ لعلماء المسلمين، وذلك لأنَّ هناك عدداً من الإخوة العاملين في الدَّعوة لا يصنِّف نفسه عالما، فتجده مثلاً ربَّما شابٌّ عنده مخالفات شرعيَّة في مظهره، وليس عنده معلومات شرعيَّة قويَّة جدًا، لكنَّه أوتي لسانًا عذبًا وكلامًا حسنًا وحبًا للإسلام، وقبولاً عند النَّاس، وبالتَّالي أنا أتبنَّاه، لأنَّ هذا لن يتبنَّاه اتِّحادٌ عالميٌّ للعلماء، فهو ليس عالما، وليس متخصِّصًا في الشَّريعة، ولا رابطة علماء المسلمين، فأنا أتبنَّاه في هذا الاتِّحاد العالميِّ للدُّعاة، بحيث أنَّنا نوجِّه، ونتعاون، وما شابه ذلك. هل هناك أسماء دعاة وعلماء مشهورة في الاتِّحاد؟. طبعًا إلى الآن لا، الاتِّحاد سُجل في بريطانيا، وهناك في مجلس الأمناء إخوة غير مشهورين، النِّظام يُلزمك بشروط معيَّنة، قد لا تنطبق على بعض الدُّعاة، إذا تمَّ التَّسجيل، بعد ذلك نبدأ نحن في تكوين مجلس الأمناء وغيره. ألا يطمح اتِّحادكم أن يكون فيه أسماء شخصيَّات من الدُّعاة والعلماء المعروفين؟. بلى، سيكون ذلك إن شاء الله، لكن! عمره الآن قليل، فإلى الآن لم نبدأ في إعلانه، والدَّعوة له هل تلقيت أضواء خضراء من بعض الأسماء الشَّهيرة؟. تقريبًا أنا عرضته على عدد من الدُّعاة قبل ذلك، وفرحوا به، واستعدُّوا للتَّعاون فيه، لكنِّي لا أرغب في ذكر الأسماء حتَّى ينطلق بإذن الله. بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا. الله يحفظك.