طرح خبيران فى المجال الزراعى رؤيتهما لتحقيق النهضة الزراعية، وكيفية التعامل مع العقبات والمشاكل التى تواجه القطاع الزراعى، مؤكدين أن آليات النهوض بالقطاع الزراعى موجودة ولن تكلف الدولة أى أعباء إضافية، مشيرين إلى أن مصر بحاجة ماسة لإعادة النظر فى السياسات الزراعية من أجل زيادة الإنتاج والتركيز على المحاصيل الإستراتيجية. وأوضحوا أن الإمكانيات قائمة، والمنظومة موجودة، ولكنها تحتاج إلى التطوير وإعادة الهيكلة حتى تعود الزراعة مهنة مربحة؛ ليستمر الفلاح فى مهنته ولا يفرط فيها أو فى أرضه، مشيرين إلى أن الدستور الجديد أكد أن الزراعة مقوم أساسى للاقتصاد الوطنى، وتلتزم الدولة بحماية الرقعة الزراعية وزيادتها. فى البداية، أكد الدكتور أحمد عيسى -رئيس لجنة الزراعة بحزب الحرية والعدالة- أن آليات النهوض بالقطاع الزراعى بسيطة وليست معقدة، فهناك إمكانيات قائمة ومنظومة ينبغى حسن استغلالها، وهناك محاور واضحة ويمكن تنفيذها بسهولة بشرط توفر الإرادة لذلك، بدليل نجاح مشروع القمح الذى يؤكد أننا قادرون على تحقيق التطوير والنهضة الزراعية. وأضاف عيسى أنه ينبغى التركيز بشكل كبير على المحاصيل الإستراتيجية، وعلى رأسها محصول القمح والذرة والقطن والأرز والمحاصيل الزيتية والقصب، من خلال العمل على توسعة المساحة المزروعة لتلك المحاصيل، وتحسين جودة وتطوير التقاوى الخاصة بها، وتدشين حملات قومية للإرشاد الزراعى، كى نصل إلى أكثر من 30 مليون طن من الحبوب سنويا. وقال: "بدأنا تنفيذ مشروع القمح، وطبقا لإحصائيات وزارة الزراعة وصلت زراعة القمح إلى 3.3 ملايين فدان، وهذا الرقم للمرة الأولى نصل إليه فى تاريخ مساحات القمح، وأيضا بتقاوٍ مصرية، ونتمنى أن نصل ل10 ملايين فدان فيما بعد، ونرتفع بكمّ وجودة المحاصيل الأخرى لسد الفجوة الغذائية التى نعانى منها". وذكر أن قيام الحكومة بتحديد سعر شراء محصول القمح ب400 جنيه للإردب كى تلتزم به أمام المزارعين -رغم أنه أعلى من الأسعار العالمية- شجع الكثيرين على زراعة القمح وحفزهم على ذلك، وهو ما اتضحت نتائجه. وأشار عيسى إلى أن التسويق الزراعى أمر مهم للنهضة بالقطاع الزراعى، خاصة أننا لا يوجد لدينا تسويق زراعى بطريقة متقدمة ومتطورة، وعلى الدولة أن تساعد على ذلك، من خلال السفارات الخارجية والملاحق التجارية، كى يتم فتح أسواق جديدة والتوسع فى الحالية خاصة بالدولة المصرية. وأوضح رئيس لجنة الزراعة بحزب الحرية والعدالة أن التعاونيات من الأمور التى ستحدث طفرة كبيرة جدا فى القطاع الزراعى، لما لها من أهمية كبرى، لافتا إلى أن القطاع التعاونى به كمّ كبير من الفساد، مضيفا أن هناك قانونا خاصا بالتعاونيات جاهز للصدور، وكاد أن يتم إقراره فى مجلس الشعب السابق، لافتا إلى أن تطبيقه على أرض الواقع يحقق طفرة زراعية كبيرة، خاصة من خلال التسويق وعرض المنتجات. ونوه عيسى إلى أن العبء الأكبر والأول والأهم للنهوض بالزراعة يقع على عاتق الدولة لدعم القطاع الزراعى، من خلال تحديد سعر ضمان للمحاصيل الإستراتيجية، وتوفير الأسمدة بسعر مناسب للمزارعين، وأن تكون هناك قروض ميسرة للغاية من خلال بنك التنمية والائتمان الزراعى، مشدّدا على أن القطاع الزراعى سيكون من أفضل القطاعات المصرية إذا ما أحسن استغلاله. وحول تقييمه لأداء وزارة الزراعية خلال الفترة الماضية، قال عيسى: "ليس أداؤها هو الأمثل، إلا أنها فى ظل الظروف التى يمر بها الوطن حققت بعض الإنجازات مثلما حدث مع محصول القمح وغيره، لكن الأمر مسئولية الدولة وإصدار قوانين زراعية مهمة، وبنك زراعى يساعدها، ومنظومة متكاملة، خاصة أن الزراعة خلال العهد البائد عانت كثيرا من التجريف، لأنه كان يحتقر الزراعة ولا ينظر إليها بعين الاعتبار". وأشار إلى أن الدستور الجديد للمرة الأولى ينص على أن الزراعة مقوم أساسى للاقتصاد الوطنى، وتلتزم الدولة بحماية الرقعة الزراعية وزيادتها، وتعمل على تنمية المحاصيل والأصناف النباتية والسلالات الحيوانية والثروة السمكية وحمايتها، وتحقيق الأمن الغذائى، وتوفير متطلبات الإنتاج الزراعى وحسن إدارته وتسويقه، ودعم الصناعات الزراعية، وينظم القانون استخدام أراضى الدولة؛ بما يحقق العدالة الاجتماعية، ويحمى الفلاح والعامل الزراعى من الاستغلال، وأن الدولة تلتزم بتنمية الريف والبادية، وتعمل على رفع مستوى معيشة الفلاحين وأهل البادية. وتابع عيسى: "كما ينص الدستور أيضا على أن يكفل القانون تمثيل صغار الفلاحين وصغار الحرفيين بنسبة لا تقل عن 80% فى عضوية مجالس إدارة الجمعيات التعاونية الزراعية والصناعية، وتعمل الدولة على توفير معاش مناسب لصغار الفلاحين والعمال الزراعيين والعمالة غير المنتظمة، ولكل من لا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعى". من جانبه، أكد الدكتور نادر نور الدين -خبير بورصات الغذاء والحبوب العالمية وأستاذ الأراضى والمياه بكلية الزراعة جامعة القاهرة- أن مصر بحاجة ماسة لإعادة النظر وهيكلة السياسات الزراعية؛ من أجل زيادة الإنتاج خاصة من المحاصيل الإستراتيجية ومنها القمح ، ولكى تعود الزراعة مهنة مربحة ليستمر الفلاح فى مهنته ولا يفرط فيها أو فى أرضه، خاصة أن الزراعة لم تعد مهنة مريحة، ما يدفع البعض لتركها. وأكد نور الدين، أن النهضة الزراعية أمر ليس صعبا بل فى غاية السهولة، خاصة أن الإمكانيات المطلوبة متوفرة فى بلد كبير بحجم، ولن تتكلف الدولة أعباء كثيرة. وطالب بأن تعود الدورة الزراعية مرة أخرى، وألا تترك حرية الزراعة مطلقة للفلاح، وأن تكون هناك سياسات تشجيعية بالنسبة للحاصلات الإستراتيجية، والعمل على وجود تقاوٍ عالية الإنتاج، وأن تعمل الدولة على حل مشاكل الفلاحين وإزالة العقبات والمشاكل التى تواجههم، وعلى رأس المشاكل توفير الأسمدة والمبيدات بأسعار مناسبة وفى وقت الحاجة، كى لا يكون الفلاح فريسة للسوق السوداء. ولفت إلى أهمية التسويق الزراعى من خلال التعاونيات التى تعد السبب الرئيسى لكافة المشاكل التى يعانى منها المزارع والتى تسبب فى بيع الأسمدة فى السوق السوداء والكثير من أوجه الفساد الزراعى، كما أن فلسفة إنشائها ليست موجودة، فقد كان الهدف الأساسى منها يرفع شعار "من التاجر إلى المستهلك"، وهو ما لم يحدث، ومن ثم فتطبيق سياسات التسويق الصحيح سيكون لها دور قوى فى إعادة هيكلة السياسات الزراعية. وأوضح نور الدين، خبير بورصات الغذاء والحبوب أن هناك تحديات تواجه النهضة الزراعية المصرية مثل عدم وجود دراسات مستقبلية مما أدى لغياب الرؤية الزراعية، كما أنه لا يوجد تخطيط زراعى من أجل النهوض بأحوال الفلاح، فضلا عن عدم وجود بحث علمى زراعى، كما أنه لا يوجد لدينا مصانع للأسمدة أو الأسمدة العضوية التى تعتمد على تدوير المخلفات. وأضاف: "المساحة المزروعة حاليا تكفى للزراعة، فضلا عن أن هناك مشروعا لتطوير ورفع كفاءة الرى سيؤدى لتوفير كميات كبيرة من المياه يمكن الاستفادة منها فى الزراعة، وهناك مشروعات كثيرة للإصلاح الزراعى لكنها متوقفة منذ فترة وعلى رأس ذلك مشروع ترعة السلام المتوقف منذ أكثر من 33 سنة، وغيره الكثير، رغم أننا قطعنا شوطا كبيرا فى معظم تلك المشروعات"، وتابع: علينا أن نرتقى بمستوى الفلاح، مما سيعمل على الحد من الفقر والهجرة من الريف إلى المدن، وتحقيق تقدم اقتصادى وفى كافة المجالات الأخرى.