من بين 4352 مركزا شبابيا على مستوى الجمهورية يصل عدد مراكز شباب القرى إلى 3847 تعانى غالبيتها من تدنى مستوى الأداء والإهمال وانخفاض الدعم، على الرغم من أنها الأولى بالرعاية، ورغم مساحتها الكبيرة إلا أن الكثير منها مغلق طوال الوقت مما جعلها تتحول إلى أوكار لتناول المخدرات، وإذا فتحت أبوابها اقتصرت على الأنشطة الرياضية دون باقى الأنشطة الاجتماعية والثقافية وذلك إما بسبب سوء الإدارة أو انخفاض الدعم الذى لا يسمح بتبنى أى نشاط، مما ساهم فى عزوف الشباب عنها رغم حاجتهم إلى التوعية والترفية. فالمراكز الشبابية يفترض أنها هيئات شبابية مجهزة بالمبانى والإمكانيات، ومنوط بها تنمية النشء واستثمار أوقات فراغهم فى ممارسة الأنشطة الثقافية والرياضية والفنية والاجتماعية، ولكن فى ظل الإهمال وانعدام الرقابة وسوء الإدارة فقدت هذا الدور، فهل من مستقبل جديد ينتظرها فى ظل الوزارة الجديدة؟. مغلق بدون تحسينات ! فى قرية الخراخشة - إحدى القرى بمركز بلبيس - يغلق مركز الشباب أبوابه فى أغلب الأوقات، وإن فتح فلا توجد أجهزة رياضية، وتستغل إدارة المركز المكان فى تأجيره فى الأعمال التجارية بعيدا عن مهامه التى يفترض أن يقوم بها، يقول محمد.ح - أحد شباب القرية -: "المركز مغلق طيلة النهار، بالإضافة إلى عدم وجود أجهزة رياضة أو أنشطة تقام بالمركز، وتستغله الإدارة تجاريا من خلال تأجير (بلاى ستيشن) للأطفال والشباب"، مؤكدا أنه لا يوجد أعضاء بالمركز لأنه لا يقدم أى نشاط. ومن جانبه نفى مدير مركز الخراخشة - الذى طلب عدم ذكر اسمه – ما يتردد عن إغلاق المركز قائلا: "المركز يفتح كل يوم الساعة الثالثة عصرا بالإضافة إلى قيامه بشراء بعض الأجهزة على حسابه"، أما عن اشتراكات الشباب فيقول أن المركز لا يعرقل اشتراكات أى شخص، "ولكن للأسف لا أحد يبادر بالاشتراك" مشيرا إلى معاناة المركز من عدم تلقيه أى دعم. نفس المعاناة يعيشها شباب قرية المنوات - إحدى قرى الجيزة - فرغم أنه مفتوح طوال اليوم ألا أن شباب القرية يشكون من عدم وجود أى نشاط بسبب سيطرة العائلات على مجالس الإدارات للدرجة التى تحول دون القيام بالدورات الرياضية لتفادى المشاكل، فضلا عن عدم وجود حتى الكافتيريا التى يحتاج إليها الشباب بدلا من المقاهى. أما شباب عزبة البكباشى فى جنوبالجيزة فهم يعانون من عدم وجود مركز شباب لهم رغم أنه كان لديهم مركز منذ الثمانينات عبارة عن شقة إلا انه نتيجة نشوب خلافات بين أعضاء مجلس الإدارة فقد تم ضمه إلى مركز شباب القصبجى وهى قرية مجاورة، ومنذ حوالى خمس سنوات بدأ الأهالى فى إجراءات إشهار المركز من جديد من خلال اختيار قطعة أرض ملك الحكومة مقابل دفع 10 ألاف جنية من أحد نواب مجلس الشعب ولكن حتى الآن لم تنتهِ إجراءات الإشهار بسبب المعوقات الإدارية، والمكان الآن مخصص فقط لإقامة الأفراح، والشباب فى العزبة بلا مركز مما يجعلهم فريسة لأصحاب السوء والمقاهى خاص فى ظل إغلاق مركز شباب القصبجى فى القرية المجاورة حتى أمام شباب أهل القرية أنفسهم بسبب عدم وجود اى خدمات لاسيما بعد وقفه عقب الثورة مباشرة. انخفاض الدعم بينما فى نفس المحافظة بقرية منيل شيحه يتم الاهتمام نوعا ما بنشاط كرة القدم دون الاشتراك فى الدوريات، فضلا عن اهتمام المركز بالاحتفال بيوم اليتيم وتكريم الأمهات المثاليات والابن البار، بالإضافة إلى مسابقات القرآن والرسم، حيث يتمتع المركز بإمكانيات من حيث المساحة والمبانى، ولكن تنحصر شكوى شباب القرية فى عدم الحصول على ساعات كافية للتدريب وعدم الاهتمام بالاشتراك فى الدوريات والتركيز على كرة القدم دون غيرها من الأنشطة. ويرد على ذلك سعيد درويش - مدير المركز – بقوله: "نقدم العديد من الأنشطة الأخرى الاجتماعية والثقافية فعلى سبيل المثال حفل يوم اليتيم الذى تكلف 20 ألف جنيه، ومسابقة القرآن الكريم التى تعد أكبر مسابقة ثقافية، بالإضافة إلى وجود برلمان الطلائع وبرلمان الشعب ولكنه توقف منذ ثلاث سنوات بسبب انخفاض الدعم حيث يصل الدعم 8 آلاف جنيه سنويا فقط بالإضافة إلى ألفى جنيه دعم تعزيزى، مما يؤثر بدوره على الخدمات خاصة فى ظل عدم وجود موارد ذاتية حيث لا تتعدى الاشتراكات 600 عضو من بين 1400، والنتيجة أنه لا يوجد سوى عامل واحد يقوم بمهمة الأمن والنظافة، فضلا عن عزوف الشباب وأهالى القرية عن حضور الندوات الثقافية، ولكن فى وجود دعم قوى كان من الممكن عمل دعاية جيدة لهذه الندوات". لذلك يقترح مدير المركز زيادة ميزانية المركز لإقامة مركز اجتماعى لجذب الأهالى، وتفعيل الأنشطة "فليس من المعقول إقامة ندوة ب75 جنيه كما هو وارد بالخطة"، مشيرا إلى أهمية توسيع سلطات مجلس الإدارة فكثير من الأمور تتعطل بسبب تقليص سلطاته فعلى سبيل المثال يحتاج المركز إلى تغيير الكابلات منذ عامين ولكن تعطل بسبب المعوقات الإدارية. ويبدو أن انخفاض الدعم الحكومى أحد أهم الأسباب وراء الحالة المتردية التى وصلت إليها المراكز، فرغم أن مركز شباب كوبرى القبة أفضل حالا عما كان عليه قبل ثلاث سنوات بسبب تطبيقه سياسة حق الانتفاع والتى تعنى مساهمة شركات خاصة فى إصلاح حال المكان مقابل حق الانتفاع والاستفادة من تأجيره لمدة معينة، ولكن هذه السياسة حرمت الشباب من الاستفادة من إمكانيات المركز إلا بعد دفع رسوم، فأصبح دخول الجيم بمقابل 40 جنيه للعضو و60 جنيه لغير العضو، ويحرم على الأعضاء استخدام ملاعب النجيل الصناعى إلا بعد الدفع، فضلا عن اقتصار الرحلات على فئات بعينها، بالإضافة إلى مشكلة الأمن الذى تعدى مسئوله عامه السبعين مما يؤثر على دوره فى حماية الأنشطة من بلطجة البعض، فيقول الكابتن أحمد رزق بالمركز: "هناك مجموعة من الأشخاص لهم فرق ثابتة فى النادى تستغل إمكانياته، وهذا فى ظل حرمان أعضاء النادى أنفسهم من الانتفاع بإمكانيات النادى وهذا بالطبع كان له أثر فى عدم قيام النادى بتخريج لاعبين كرة قدم". الرقابة الصارمة ومن جانبه يؤكد أحمد محمود - مدير عام مديرية شئون الشباب بالجيزة - وجود الإهمال داخل مراكز الشباب بصفة عامة وفى القرى بصفة خاصة، وأنه غير راضٍ عن أداء 60% من المراكز قائلا: "المحافظة بها 206 مركز شباب منها 28 فى المدن والباقى فى القرى، وأى مراكز شبابية فى مناطق تجمع بين خصائص الريف والمدينة، وكلها تعانى من أسلوب خاطئ للإدارة يركز على نشاط واحد دون غيره من الأنشطة الاجتماعية والثقافية"، لكنه فى الوقت نفسه يرفض أن تكون القاعدة أن مراكز شباب القرى غير جيدة، وضرب مثال بمركز شباب كفر قصار. وعن الأسباب وراء تدنى مستوى الأداء داخل هذه المراكز يرى أحمد محمود أن انخفاض الدعم الذى تعانى منه كل أجهزة الدولة يؤثر على وجود نشاط منظم، ففى ظل عدم توافر أخصائى رياضى وأنشطة تساهم فى تطور المركز، بالإضافة إلى سيطرة الأسر والعصبيات على مجالس الإدارات مما يجعل سوء الإدارة هو العائق الرئيسى أمام تطور المراكز، وهذا ما دفع الوزير لاتخاذ القرار الخاص بشأن عدم السماح للترشح لمجلس الإدارة أكثر من دورتين، فضلا عن بعض الإجراءات التى تم اتخاذها من خلال اجتماعه بمديرى المديريات أواخر شهر أغسطس حيث انتهى إلى التوصية بدعم الوسائل لزيادة عدد أعضاء الجمعيات العمومية لتوسيع قاعدة المشاركة ومجالس الإدارات وإعادة صياغة قانون الهيئات الشبابية، مع ضرورة الرقابة الصارمة على إجراءات الجمعيات العمومية. سوء تخطيط ويعلق الأستاذ عبد الحكيم عبد النبى - وكيل مديرية الشباب بالقاهرة – بقوله أن: "القاهرة بها 72 مركز من أجل خدمة أهل الحى وكل مركز يقدم نشاطه وفقا لإمكانياته، والدعم الحكومى يتحدد وفقا لتقييم المكان والمنطقة وعدد الأعضاء، فقرار الوزير بتخفيض اشتراك العضوية من الأفضل ألا يطبق على مراكز شباب المدن لأن ذلك من شأنه التأثير على الميزانية بخلاف الريف الذى اتخذ القرار من أجلهم لان المستوى الاقتصادى لهم أقل". ويشير إلى أن مراكز الشباب تعانى من تبعيتها إداريا للمحليات وفنيا لوزارة الشباب، فضلا عن انخفاض المرتبات لدى الموظفين والعاملين فى مراكز الشباب فمديرة المكتب الفنى للمديرية تعمل منذ 22 عاما وحاصلة على دكتوراه وراتبها لا يتعدى 560 جنيه، ويضيف قائلا: "المراكز الشبابية فى المدن تختلف عن المراكز الشبابية فى الريف فالقرى تحتاج إلى تعديل فى الخطط التى تحدث داخلها بسبب انخفاض الوعى وارتفاع نسبة الأمية". وبدوره فقد أعلن الدكتور أسامة ياسين وزير الشباب خلال جولة تفقدية قام بها لمراكز الشباب مؤخرا عن إنشاء إدارة جديدة بالوزارة تختص بالمتابعة الميدانية للهيئات والمنشآت الشبابية على مستوى جميع محافظات الجمهورية وعلى رأسها مراكز الشباب للوقوف على حالتها على أرض الواقع، وتقييم أدائها بشكل حقيقى، موضحا أن هذه الإدارة ستهتم بالدرجة الأولى بمتابعة وتقويم هذه المنشآت وبحث كيفية دعمها والارتقاء بها، مشيرا إلى نية الوزارة فى استحداث وحدة خاصة باستثمار وتسويق المنشآت الشبابية بالتعاون مع شركات القطاع الخاص، وذلك للبحث فى كيفية تنمية موارد مراكز الشباب وتعزيزها لتحقيق الاستدامة المالية لها التى تمكنها من إجراء التطويرات اللازمة دون انتظار دعم الوزارة، مؤكدا أن مراكز شباب القرى أولى بالرعاية والدعم من مراكز شباب المدن التى تحتاج فقط إلى التوجيه والإرشاد لتنمية مواردها واستغلالها بصورة مثالية.