بدأت حرب رأس الغيمة العدوانية على غزة باغتيال الشهيد أحمد الجعبرى، ثم توالت الغارات وردود فصائل المقاومة الفلسطينية فى غزة كدفاع شرعى على الحرب العدوانية، وهذه الحرب فى القانون الدولى حرب عدوانية من قوات الاحتلال التى لا يتوفر لها –طبقا للقانون الدولى– حق الدفاع الشرعى؛ لأن من شروطه ألا يكون من يستخدمه معتديا، وهذا متوفر فى قوات الاحتلال. كما أن اغتيال الجعبرى يعد قتلا خارج القانون، وهومخالف للقانون الدولى الجنائى؛ لأنه ناتج عن عدوان غير مشروع. فضلا عن أن الفصائل الفلسطينية تتمتع بحماية القانون الدولى؛ لأنها حركات تحرر وطنى، وقد اعترفت بها قوات الاحتلال بعمل هدنة معها. كما أن هذه الفصائل تتوافر فيها شروط حركات التحرر الوطنى الواردة فى القانون الدولى الإنسانى، من وجود قيادة لها، كما أنها تقاوم قوات الاحتلال؛ لأن إقليمغزة أرض محتلة، فضلا عن أنهم يحملون السلاح علنا، ويترتب على ذلك أن القانون الدولى لحقوق الإنسان يوفر لهذه الفصائل وقادتها حماية قانونية ضد القتل. والثابت فى القانون الدولى الإنسانى أن القتال المباح هو الذى يكون سبيلاً للدفاع عن النفس، بمنع المعتدى من الاعتداء، وليس مبررا للقتل العشوائى الذى تقوم به قوات الاحتلال فى غزة، والذى طال كل شىء؛ من مدنيين، أطفالا ونساء وشيوخا، لا يشتركون فى القتال مع الفصائل الفلسطينية، حتى عربات الإسعاف تعرضت للهجوم من قبل قوات الاحتلال، وتلك مخالفة جسيمة لقواعد القانون الدولى الإنسانى جعلها تشكل جريمة حرب، فضلا عن أنها جريمة ضد الإنسانية. كما تشكل حرب رأس الغيمة جريمة حرب طبقا للقانون الدولى الجنائى، وهذا ما نص عليه وأكده النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية فى المادتين الخامسة والثامنة، فضلا عن أنها تخالف اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949م، والبروتوكولين الإضافيين لهم لعام 1977م، خاصة اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين، وعليه يجب محاكمة قادة العدو الإسرائيلى وأفراده على هذه الجريمة التى لن تكون الأخيرة فى مسيرة الشعب الفلسطينيى نحو التحرر من ربقة الاحتلال، والاستقلال وإقامته دولته على أرضه. والمعروف أن رد فعل المقاومة الفلسطينية يدخل فى إطار الدفاع الشرعى عن النفس، والمشروع طبقا للمادة (51) من ميثاق الأممالمتحدة، والوارد أيضا فى كافة مواثيق المنظمات الدولية الإقليمية، ومنها جامعة الدول العربية، والاتحاد الإفريقى، ومنظمة الدول الأمريكية، كما أنه مبدأ عام وقاعدة آمرة فى القانون الدولى العام لا يجوز تقييدها أو الانتقاص منها، أو الاتفاق على مخالفتها، ويقع أى اتفاق أو تصرف دولى يخالفها موقع الفعل المنعدم، والذى لا يترتب عليه أى آثار قانونية، ويعتبر فعلا ماديا مباشرًا يجب أن يقف عند حده. ويمكن محاكمة قوات الاحتلال الإسرائيلى أمام المحكمة الجنائية الدولية بواسطة المدعى العام طبقا للمادة (15) من النظام الأساسى للمحكمة، كما أنه يمكن محاكمته أمام محاكم الدول الأطراف فى اتفاقيات جنيف لعام 1949م، والبروتوكولين الإضافيين لهم لعام 1977م، أو أمام محاكم الدول التى منحت لمحاكمها حق الاختصاص القضائى العالمى الذى مضمونه أن تختص محاكم هذه الدول بمحاكمة مرتكبى الجرائم الدولية، ومنها الجرائم التى لم ترتكب على أرض هذه الدولة، وهذه الدول أكثر من 50 دولة على مستوى العالم، أهمها دول الا تحاد الأوروبى، ويمكن تشكيل محكمة خاصة عن طريق مجلس الأمن، وإذا اصطدم بالفيتو يمكن تشكيلها عن طريق تجمع "الاتحاد من أجل السلم"، بالجمعية العامة للأمم المتحدة. ----------------------------- الدكتور/ السيد مصطفى أبو الخير الخبير فى القانون الدولى