تقدم الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية، بخالص التهنئة لفخامة الرئيس محمد مرسي وللشعب المصري الكريم والأمة العربية وجموع المسلمين في العالم، بمناسبة ذكرى الهجرة النبوية الشريفة، وبدء عام هجري جديد. وأكد أن الهجرة النبوية المشرفة كانت البداية الحقيقية لوضع الأسس والمبادئ الحضارية لبناء الدولة الحديثة، القائمة على تفعيل وتطبيق مفاهيم العدل والمساواة، وعدم التفرقة أو التمييز أو العنصرية بين أي من البشر بسبب اللون أو الدين أو غير ذلك، ثم انطلقت بعد ذلك نحو ترسيخ مبادئ الوسطية والتسامح والارتقاء بالمعاني الإنسانية والقيم الروحية، ووضعت الإنسان في مقدمة الاهتمامات، آخذة بالنص الواضح على أن الآدمي بنيان الرب ملعون من هدمه. وأضاف المفتي- في بيان أصدرته دار الإفتاء اليوم بمناسبة بدء العام الهجري الجديد- أن الهجرة النبوية الشريفة كانت الحدث الفارق الذي غير مجرى الحياة والتاريخ، وبدأت معه الأمة في مسيرتها الحضارية والإنسانية، ببناء دولتها الإسلامية بمفهومها الحديث والقانوني المعاصر، والمتمثل في التناغم بين ثلاثية الشعب والدولة والدستور. ولفت إلى ما تضمنه حدث الهجرة من قيم نبيلة، كالتضحية والفداء والإيثار وحب الأوطان، مشيرا إلى أن تلك المعاني تمثل أسس بناء الأمم وصمام أمان المجتمعات. وأوضح أن موقف علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، الذي افتدى النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه ليلة الهجرة، وموقف أبي بكر الصديق رضي الله عنه الذي آثر صحبة النبي صلى الله عليه وسلم، وضحى بماله كله من أجل المصلحة العليا، وغيرها من المواقف في هذا الحدث، تؤكد أن الأمم لا تبنى إلا بمثل تلك القيم التي تعلي المصلحة العامة على غيرها من المصالح. وأشار المفتي إلى موقف النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الهجرة، وبكائه على ترك وطنه، مؤكدا أن حب الوطن فطرة بشرية أقرها الإسلام، وجعلها من أسس بناء المجتمعات، وتمنى أن تعود تلك المعاني سلوكا واقعا بين المسلمين في تلك اللحظة الفارقة من حياة مصر والأمة العربية والإسلامية. وشدَّد على أن الأمة الإسلامية التي تعاني حاليا ضعفا في مقومات وجودها وبقائها على خريطة العالم المعاصر، تمتلك مقومات وعناصر السبق التي تؤهلها من جديد للقيام بدورها الريادي على مستوى الحضارة الإنسانية، وجعلها قادرة على إحداث التغيير في الحياة المعاصرة، وإظهار حقيقة سماحة ورحمة الدين الإسلامي للعالمين، مطالبا المسلمين بتوحيد الكلمة والهدف والإخلاص الكامل في النية والقول والعمل؛ من أجل تخطي تحديات هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ وطننا الغالي.