"تزوير الانتخابات.. اعتقال الأعضاء.. إغلاق مقراته".. هذه ثلاثية الحرب الروسية الطاجيكية ضد "النهضة الإسلامية" الحزب الإسلامى الرسمى الوحيد فى أسيا الوسطى الذى تم تأسيسه بجمهورية طاجيكستان عام 1973، ويستمد أفكاره وأهدافه من فكر الإمام الشهيد حسن البنا والمفكر الإسلامى سيد قطب وغيرهما من العلماء. وللحزب مسيرة نضالية طويلة انتهت بالاعتراف به، وقيام كيانه رغم أن نظام الحكم فى طاجيكستان يميل للعلمانية ويحن رئيسها للنظام الشيوعى، وقاوم الحزب محاولات اجتثاثه، والقضاء عليه؛ وذلك لقدرته على الصمود عبر إدارة الصراع على الصعيدين العسكرى والسياسى فى آن واحد خلال أعوام 1992-1997، وتوقيعه اتفاقية السلام الطاجيكية فى موسكو فى يونيو 1997، والعودة لكفاحه السلمى من جديد. وفى إطار مشاركتها فى الحرب ضد الحزب، قامت السلطات الروسية باعتقال ستة أشخاص ينتمون إلى "النهضة الإسلامية" فى موسكو، موضحة أن الحزب محظور ومدرج على قائمة المنظمات التى تمارس "الإرهاب" -بحسب وصفه، رغم أن الحزب له صفة رسمية وأعضاء فى البرلمان الطاجيكى. وجاءت التهم التى ذكرتها وزارة الداخلية فى موسكو منوعة ما بين توزيع كتب تدعو للإسلام وأخرى تحث على الصلاة، بالإضافة إلى تواصلهم مع مرتادى مساجد موسكو، واستكمالا للمشهد الذى رسمته السلطات الروسية فإن الشرطة قامت بمداهمة بيت هؤلاء الأعضاء ووجدت بداخله قنابل يدوية وكميات من الأسلحة والذخائر والكتب التى تروج لأفكار "التطرف" -حسب تقريرها. والمتابع للتقارير الروسية الأمنية فى التعامل مع الإسلاميين أو حتى المعارضة الداخلية يجد أن التهم معلبة وجاهزة ولا ينقصها إلا الشخص نفسه، وعندما يتم القبض عليه يجد التهم فى انتظاره. ورغم أن حزب النهضة يعد ثالث أكبر حزب فى طاجيكستان بعد الحزب الشعبى الديمقراطى والحزب الشيوعى، ويقدر عدد أعضائه بأكثر من 25 ألف عضو، إلا أن الحرب ضده ومطاردة أعضائه وممثليه مستمرة من قبل السلطات والتى زورت الانتخابات عدة مرات ضده. وتولى سيد عبد الله نورى قيادة الحزب طيلة سنوات كفاحه السرى منذ 1973 أثناء الحكم السوفييتى، مرورًا بسنوات الانفتاح والتغيير فى عهد جورباتشوف، ثم فى مرحلة الاستقلال بعد الانهيار السوفييتى وما تبعها من حرب داخلية شهدتها طاجيكستان، ثم مرحلة السلام والمشاركة فى الحكم، إلى أن توفى عام 2006م، وخلفه محيى الدين كبيرى الذى ما زال يتزعم رئاسة الحزب حتى الآن. وللحزب نضاله السياسى المستمر منذ تأسيسه؛ حيث يستلهم أفكاره من جماعة الإخوان المسلمين ونضالها السياسى المعروف، ولم يكتف الحزب بمشاركة أو اثنين فى العملية الانتخابية إنما شارك فى جميعها، ورغم أنه لم يحصل إلا على مقعد أو اثنين فى البرلمان المكون من 63 مقعدًا، إلا أنه يشارك فى كل مرة ويقوم بدعاية كبيرة لنشر أفكاره وإعطاء أمل للمسلمين هناك بأن هناك من يفكر فى هويتهم ويحافظ عليها جراء الحرب الشيوعية التى تلقى قبولا من السلطات هناك، بل مشاركة تهدف إلى إقصاء الحزب وتحجيمه. وفى الفترة الأخيرة شهد الحزب تغيرات عديدة فى أجندته ووسائله وقام بمراجعة أدائه بعد حصوله على مقعدين فقط فى انتخابات 2005، ثم بعد تولى "كبيرى" رئاسة الحزب عام 2006، وقام الحزب بعدد من التغييرات لزيادة انتشاره، ليؤكد مرارا وتكرارا على رفضه التطرف الدينى؛ وأنه يعتبر نفسه خيارًا بديلا وشرعيا لممارسة النشاط السياسى بخلفية إسلامية، ما يحد من توجه الشباب المتدين المتحمس للجماعات المسلحة والتى ترى أن السلاح هو الخيار الأفضل.