* الإعلام الخاص يشهد انفلاتا واضحا ويمثل وضعا خاطئا بعد الثورة * بيئة العمل غير الصالحة فى "ماسبيرو" دفعتنى للاستقالة مرتين قال على عبد الرحمن -رئيس القنوات المتخصصة-: إن "أخونة الإعلام" كلام غير واقعى ومغرض ولا يستند لحقائق معيشة، مشيرا إلى أن الإعلام الخاص يشهد انفلاتا إعلاميا واضحا ويمثل وضعا خاطئا لأنه لا توجد دولة بلا سقف أو ضوابط أو ثوابت، مطالبا بآلية لضبط ومتابعة هذا الانفلات بعد الثورة. "الحرية والعدالة" تحدثت مع الإعلامى على عبد الرحمن عن ضوابط الإعلام التى تعنى مراعاة البعد الأمن والداخلى والاجتماعى بين شرائح المجتمع وعن مشكلة الرسائل الإعلامية ومضمونها والأدوات المستخدمة التى يجب أن ينتهجها الإعلام الوطنى حتى يتسق مع حجم الرسالة المطلوبة وكثير من المشاكل التى تواجه الإعلام الآن.. * يشهد ماسبيرو فى هذه الفترة حركة تغييرات فى صفوف القيادات.. فما وضعك؟ إلى الآن ما زلت فى موقعى وأتمنى أن أتركه لأحد زملائى لأننى بعد الثورة تنقلت فى ثلاثةمواقع قيادية من نائب رئيس القناة الثانية ثم رئيسها ثم رئيس القنوات المتخصصة والظروف لم تختلف وبيئة العمل لم تعد صالحة أساسا ولذا تقدمت باستقالتى مرتين الأولى بتاريخ 13/6 والثانية بتاريخ 11/7 ولم يبت فى أى منها إلى الآن وأتمنى أن يأتى زميل آخر يتحمل بعض ما تحملت. * وأين ستذهب إذا قبلت الاستقالة؟ لدى أكثر من فرصة فى المجال الخاص باعتبارى مخرجا ولدى ثانية فى التدريس الجامعى وعرض من إحدى القنوات الخليجية وأرى أننى قد أديت دورى فى التليفزيون. * وما السر فى حالة الملل التى تعيشها الآن؟ هناك حالة من الانفلات فى الجهاز الإدارى والتمرد علىى القوانين واللوائح وإغفال للظرف العام الذى تمر به مصر فالجميع يتحدث عن مصر أمنا ولم يفكر فيها بشكل جدى والكل يعلم أن لدينا توقفا فى عجلة الإنتاج وقلة فى الموارد المالية ومع ذلك فليس هناك صبر حتى تدور العجلة وتتحقق المطالب رغم مرور عامين. * وما الحل؟ أن يسمع بعضنا الآخر ونقدر الظروف الاستثنائية مع الإقرار بأن هناك مطالب مشروعة يجب أن نضع لها جدولا زمنيا على مدار عامين أو ثلاثة للوفاء بها فما نهب على مدار 30 عاما لن يعود فى ظرف ستة أشهر. * ألا ترى ونحن نتحدث عن السواد الأعظم من الموظفين أن ما يقومون به هو نوع من الفساد؟ لا أتفق مع هذا الطرح ولكن البشر جميعا متفاوتون فى القدرات والتفكير والرؤى وما إلى ذلك؛ فمنهم النابغ والكسول والماهر والضعيف وهكذا وإذا سلمنا بأنهم فاسدون فإن علينا إذن تغيير ال90 مليون مصرى والحقيقة أن غالبية المواطنين صالحون، والدليل أننا وبعد عامين من الثورة ما زلنا نجلس فى وطن اسمه مصر ونجرى هذا الحوار. * ألا ترى أن الوظيفة تمثل عائقا أمام المبدعين فى ماسبيرو؟ بالفعل الوظيفة تقتل الإبداع وهى سياج حديدى يحبس المبدع ولا بد من تدريب كوادر إدارية جديدة بشكل علمى حتى ننهض بهذا البلد. * ولماذا لا تحقق القنوات المتخصصة عائدا من الإعلانات؟ القطاع عبارة عن جزأين؛ خدمى واستثمارى، الثانى أنشئ ليستحوذ على قدر المشاهدة والإيرادات ولكى يتحقق ذلك ينبغى عليك أن تضع فيه برامج ومواد جديدة متميزة قادرة على المنافسة فى مجالات السينما والدراما والرياضة وغيرها. * ولكن ألا ترى أن من بين الأسباب تآمر الوكالات الإعلانية على ماسبيرو؟ المؤامرة لفظ سياسى وفى المجال التجارى أعتقد أن اللفظ الأنسب هو المنافسة وعموما إذا كانت السوق قائمة على المؤامرات فأين خبراتنا فى ذلك وعلينا أن نعمل بثقافة وفلسفة وقانونية سوق الإعلان، كما أن التآمر هنا يعنى تكتل شبكتين أو أكثر أو وكالتين للسيطرة على سوق الإعلانات بمغريات هى إنقاص سعر الدقيقة والتفاوض على نظام الدفع والصعود والهبوط بما يسمى الحوافز الإعلانية. * وما الذى يمنعك من المنافسة فى ظل هذه الأجواء؟ سوق الإعلانات مرنة كما ترى بينما اللوائح التى تحكمنى هى التى تحكم الجمعية الزراعية وقصر الثقافة والوحدة البيطرية وهى بيئة تشريعية لا تتناسب ولا تتلاءم مع الوضع الحالى، ولذا نخسر كل يوم لأن الإعلام صناعة مرنة وهى تقتضى مرونة فى التشريع والتنفيذ حتى نستطيع أن نشترى مسلسلا الآن فورا وأن نرسل إحدى الكاميرات للتسجيل بشكل فورى وننفذ العمل المطلوب منا بشكل فورى أيضا، أما أن تكون القوانين جامدة والسوق مرنة فإن حالة التنافر التى تحدث الآن غير مستبعدة وليست غريبة وإنما هى نتيجة طبيعية لأن الإعلام الوطنى لن يستقيم له عود إلا فى بيئة تشريعية مرنة. * ترددت أنباء عن إلغاء قنوات كالنايل سينما؟ عندما قررت الحكومة إنشاء هذه القنوات المتخصصة لتذيع مواد خاصة كالغناء والسينما والدراما والرياضة كانت بهدف جذب أكبر نسبة من المشاهدة لتبث من خلالها رسائلها للجمهور فى اللحظات الحرجة لتكون الوسيلة الأمثل للوصول إلى أكبر عدد منهم، ولكن للأسف وبعد الثورة عندما كانت الإدارة تريد توصيل رسائلها للمواطنين كانت تلجأ إلى القنوات الخاصة فى الأساس والى الإعلام الرسمى من باب المجاملة وهو ما يكشف أن القنوات الأعلى مشاهدة أكثر فائدة من الأقل. وهنا نشير إلى أن مستقبل الإعلام الرسمى مرهون بالمنظومة الجديدة وشكلها هل سيكون مجلسا وطنيا أم قوميا؟ هل سيكون هناك انكماش أو تمدد؟ هل سنحتاج كل هذه القنوات أم سنختصرها؟ هل سنستمر فى المنافسة على الإعلانات أم لا؟ وهكذا. أما الشق الثانى من السؤال فإذا كنت تقصد ما يطلق عليه البعض بأخونة الإعلام؛ فإننى أؤكد لك أن هذا الكلام "مغرض" وحتى لا أتهم بأننى أقفز من المركب بمجاملة الإخوان فسأقول: إنه كلام غير واقعى، وغير عملى، ولا يستقيم مع مصر بعمقها وحضارتها ومدنيتها ونسيجها، فمصر بالفعل عصية على أن يستحوذ عليها أو يحتويها أى فصيل بمفرده، وحتى الآن لم يصدر لى أى أمر من الوزير أو من أى قيادة لا بالتصريح ولا بالتلميح إلى التدخل فى المحتوى البرامجى للقطاع، بمعنى أن هناك هوية لهذه القنوات يجبرنى على التعامل معها بمهنية. * ألم يحن الوقت لإطلاق القناة الوثائقية للتليفزيون المصرى؟ فى درج مكتبى التصور والدراسة الكاملة للقناة بمفهومها بما يوثق لشعب مصر وتاريخه وعاداته وتراثه وسياحته، وقد عرضت هذه الدراسة على لجنة الثقافة والإعلام بمجلس الشعب المنحل للبحث، وتوقفنا عند التمويل؛ لأنها ستتكلف ما يوازى من 20 إلى 30 مليون جنيه، وهو مبلغ زهيد فى عالم الإعلام مقابل تحسين صورة الشعب المصرى وتاريخه وثقافته فى الخارج، وكلها عوائد غير منظورة، ولكن لأن الوقت غير مناسب لضخ أموال جديدة توقف المشروع، وكنا سنعتمد على إذاعة ما ندر من الأفلام الوثائقية والتسجيلية بالتعاون مع المركز القومى للسينما وإلى الآن نبحث عن تمويل. * ولماذا لا ينجب التليفزيون مذيعيه؟ بالعكس كل نجوم الفضائيات الذين صنعوا نجاح الإعلام الخاص هم أبناء ماسبيرو بلا استثناء. * ومتى تستعين بهم مرة أخرى؟ عندما تستعيد الإدارة هيبتها فى مصر. * وكيف ترى إعادة هيكلة ماسبيرو؟ التنظيم الذاتى للإعلام الرسمى يحتاج أولا إلى قاعدة بيانات للعاملين والمحطات والشبكات والأصول والأموال المتاحة والمديونية ثم إلغاء التشابه بين الإدارات والقنوات والقطاعات المتشابهة فى الوظيفة والهيئة لتكثيف المضمون البرامجى، ثم إعادة النظر فى الإمكانيات البشرية المتاحة والإجابة عن تساؤلات من نوعية: هل نحتاج كل هذا العدد؟ وإن لم نكن نحتاج كيف نستفيد منهم؟ هل بتحويل مسارهم أم بإثابتهم بالمعاش المبكر أم بإعادة توظيفهم؟ وهنا ستقابلنا مشكلة جديدة فى التشريع، وقبل كل ذلك لا بد أن يكون الإعلام طبقا للدستور حرا ثم نفصل بين الإدارة والملكية، فما دامت الحكومة هى المالكة فسيكون لها التوجيه. * ما مصير الإعلام المصرى إذا استمر الوضع على ما هو عليه؟ "هيروح فى داهية"، فلا يستقيم أن تكون المؤسسة المصرية الحكومية المسئولة عن تشكيل العقول ومخاطبة الرأى العام والمحافظة على الهوية المصرية بكل روافدها بلا بيئة تشريعية ملائمة وبتمويل متقطع واحتجاجات فئوية متجددة وبلا تجديد فى المضمون وبهذا الكم من التشابه والترهل، لا بد أن يصاحب التحول الديمقراطى تطور تقنى وبشكل جاد جدا يمكن للتليفزيون المصرى أن يربح لأن صناعة الإعلام هى أكثر الصناعات ربحا فى العالم بعد تجارة السلاح.