محافظ الدقهلية يفتتح حمام سباحة التعليم بالجلاء بتكلفة 4.5 مليون جنيه.. صور    قضاة البيادة… إقحام أكاديمية العسكر في تأهيل القضاة إهانة مهنية وجريمة غير مسبوقة    سعر التفاح والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الثلاثاء 19 أغسطس 2025    وزير الزراعة: نسعى للوصول بالرقعة الزراعية إلى 13.5 مليون فدان خلال 3 سنوات    98.5 مليار جنيه حصيلة أرباح البنوك التجارية والصناعية بنهاية العام المالي    مسؤول بالاتصالات: استقبال المكالمات المحلية مجاني.. والخصم يقتصر على التجوال الدولي    هشام نصر: وزارة الإسكان قررت سحب أرض فرع الزمالك في 6 أكتوبر    «الخارجية اليابانية» ل «المصري اليوم »: مشاركة مصر مهمة في «قمة التيكاد»    ترامب يغادر اجتماع زيلينسكي والقادة الأوروبيين في البيت الأبيض.. فما السبب؟    محافظ كفرالشيخ يؤدي واجب العزاء في وفاة والد رئيس مركز ومدينة عاصمة المحافظة    هشام حنفي: الأهلي تفوق هجوميًا على فاركو والزمالك افتقد الحلول أمام المقاولون    موعد مباراة بيراميدز والمصري في الدوري الممتاز والقناة الناقلة    التعادل يحسم مواجهة إلتشي وريال بيتيس في الجولة الأولى من الدوري الإسباني    ليدز يونايتد يحقق المفاجأة أمام ايفرتون في الدوري الإنجليزي    تواجه اتهامًا باستغلال الأطفال ومحرر ضدها 300 قضية.. 16 معلومة عن لعبة «روبلوكس»    8 مصابين في انقلاب سيارة بطريق "قنا - سفاجا" الصحراوي    مصرع عنصر إجرامي وضبط 5 آخرين في مداهمة أمنية بالأقصر    بالصور| نادين الراسي بإطلالة جريئة بأحدث ظهور.. والجمهور: حلوة ومهضومة    رئيس «قصور الثقافة»: إعداد موقع إلكتروني خاص باكتشاف المواهب وبيع اللوحات والكتب    أحمد السبكي: "مش عارف رافعين عليا قضية ليه بسبب فيلم الملحد!"    حدث بالفن | مطرب مهرجانات يزيل "التاتو" وإصابة فنانة وتعليق نجل تيمور تيمور على وفاة والده    «مصر تتعرض لضغوط هائلة».. مذيعة سي إن إن من معبر رفح: 5 آلاف شاحنة تنتظر العبور إلى غزة (فيديو)    ضياء السيد: الأهلي سيواجه أزمة أمام بيراميدز.. والتسجيل سيدين محمد معروف    أيمن يونس يكشف سبب تراجع نتائج الأهلي والزمالك وبيراميدز    إبراهيم نور الدين: أرفض الاستعانة بحكام أجانب في مباريات الدوري    العمراوى حكما لمباراة سيراميكا وإنبى.. وعبد الرازق للجونة والمحلة فى الدورى    رئيس الوزراء الياباني يرحب بجهود أمريكا لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية    أنشيلوتى يستبعد فينيسيوس ويعيد رودريجو وميليتاو إلى قائمة البرازيل    ترتيب الدورى الإنجليزى بعد نهاية الجولة الأولى.. 7 أندية بالعلامة الكاملة    حاول إنقاذ الصغير.. مصرع أب ونجله غرقًا داخل ترعة قرية الشيخ عيسى بقنا    إطلاق حملة لرفع وعي السائقين بخطورة تعاطي المخدرات    ظاهرة جوية تضرب البلاد.. بيان مهم بشأن حالة الطقس: «توخوا الحذر»    محاولة تهريب عملات ومخدرات.. مباحث مطار القاهرة تحقق ضربات أمنية ناجحة    مصرع طالب إعدادي غرقا في نهر النيل بقرية في الصف    بوتين يبحث مع نظيره البرازيلي نتائج قمة ألاسكا ويصف لقاءه بترامب ب"الجيد"    سعر اليورو اليوم الثلاثاء الموافق 19 أغسطس 2025.. كم سجلت العملة الأوروبية في البنوك؟    أسعار الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الثلاثاء 19 أغسطس 2025    محافظ سوهاج: المرسى السياحى متنفس للأهالى ويستقبل المراكب السياحية.. فيديو    تركت الدراسة 3 مرات ومهرها نسخة من المصحف.. 28 معلومة عن الشيف عبير الصغير    ابحث عن النصيحة عند من يصغر سنًا.. حظ برج الجدي اليوم 19 أغسطس    أستاذ تاريخ: مقولة "من النيل إلى الفرات" تزييف تاريخي صدره الصهاينة    هشام عباس يتألق بأغانى "عينى" و"عينيها السود" فى حفل مهرجان القلعة بدورته ال33 ويعلق: المهرجان له طابع خاص.. فريق كايرو كافيه يغنى للعندليب عبد الحليم حافظ وأم كلثوم    «لو العصير وقع علي فستان فرحك».. حيل ذكية لإنقاذ الموقف بسرعة دون الشعور بحرج    ما علاج الفتور في العبادة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجوز قضاء الصيام عن الميت؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى: تركة المتوفاة تُوزع شرعًا حتى لو رفضت ذلك في حياتها    قبول طلاب المرحلة الثانية بالثانوي العام في سوهاج بحد أدنى 233 درجة    «الرقابة الصحية»: الإسكندرية مؤهلة لتكون نموذجًا رائدًا في تطبيق التأمين الصحي الشامل    البحوث الفلكية : غرة شهر ربيع الأول 1447ه فلكياً الأحد 24 أغسطس    تمكين الشباب.. رئيس جامعة بنها يشهد فعاليات المبادرة الرئاسية «كن مستعدا»    هل المولد النبوي الشريف عطلة رسمية في السعودية؟    هل يتم تعديل مواعيد العمل الرسمية من 5 فجرًا إلى 12 ظهرًا ؟.. اقتراح جديد في البرلمان    اختبارات للمرشحين للعمل بالأردن في مجالات الزراعة.. صور    إجراء فحص طبى ل907 مواطنين خلال قافلة طبية مجانية بقرية الحنفى فى بلطيم    رئيس "الوطنية للانتخابات" يزور النيابة الإدارية: خط الدفاع الأول ضد الفساد المالي والإداري    يعالج الكبد الدهني في هذه الحالة فقط- "FDA" توافق على دواء جديد    الديهي يكشف تفاصيل اختراقه ل"جروب الإخوان السري" فيديو    انطلاق امتحانات الدور الثاني للشهادة الثانوية الأزهرية بشمال سيناء (صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما ناصَرَ الأزهرُ الثورةَ


د. سعيد إسماعيل على
ليست الثورة المشار إليها فى المقال الحالى هى ثورة يناير 2011، بل هى الثورة العرابية عام 1882، وليس الحديث عنها الآن استغراقا فى الماضى، وإنما هو مجرد استدعاء لها من أجل فهم الحاضر، وكيفية التحرك نحو المستقبل ونوعيته المنشودة.
فمما يتردد على ألسنة وأقلام بعض الفئات فى مجتمعنا المعاصر، هو رفع راية التحذير من تديين السياسة، خوفا من التوجيه الخاطئ للسياسة لتصبح طريق جهنم إلى الاستبداد.
واستقراء الكثير من آيات القرآن الكريم، وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، يؤكد دائما الدور المجتمعى للدين، على طريق النهوض بالأمة، وتعمير الأرض، وتمكن الإنسان من التحرر حتى يستطيع أن يفعل هذا وذاك، لأن الإنسان المقهور، يستحيل عليه بناء أمة وتعمير أرض.
فماذا عندما تكون هناك أمثلة عكسية؟
هنا نستحضر المقولة الشهيرة التى نستند إليها كثيرا: لا تحاكموا الحق بالرجال، بل حاكموا الرجال بالحق، فالمبادئ العظمى لا تتحقق بذاتها، وإنما تتحقق عن طريق "بشر"، إن كان خيرا فخيرا، وإن كان شرا فشرا، ومن ثم تصبح المشكلة هى فى هذا وذاك من الناس، وبالتالى فالأمر هنا مثله مثل كل المواقع وكافة المجالات، فدستور 1971، كان متخما بكثير مما يعزز الحرية والديمقراطية، لكن من تولوا الأمور قادونا إلى أسوأ الأحوال، وأشرّ النتائج. وفى التعليم، نضع العظيم من الأهداف، ونؤسس الرائع من المبادئ والأفكار، ثم إذا بهذا وذاك ينقلب إلى عكسه على يد مدرس أو مدير أو وزير؟
ويكون الحل، لا فى استبعاد ما نتفق عليه من مبادئ وتعاليم، وإنما فى وضع القيود والشروط التى تشير إلى حسن الاختيار، تُقيد من يتولى الأمر، وسبل محاسبته الدقيقة، ويسر تغييره.
هذا بالنسبة لمن يتولى السلطة، أما بالنسبة لمن يكون مسئولا عن القيادة الدينية، فلا يكون اختياره وتعيينه بيد الحاكم، بل بيد الصفوة من علماء الدين، الذين يُكونون الهيئة المشكلة منهم، لأن الإنسان جُبل على الولاء لمن ولاه.
وهكذا لا تكون المبادئ العظيمة كافية وحدها لضمان حسن المسير، ورشد النتائج.
ففى أثناء احتدام أحداث الثورة العرابية عام 1882، أفتى الشيخ "عليش"، أحد علماء الأزهر بأنه لا يصح أن يكون الخديوى توفيق حاكما للمسلمين بعد أن باع مصر للأجانب باتباعه ما يشير به القنصلان الإنجليزى والفرنسى، ولذلك وجب عزله، وأن مصر تؤيد عرابى: الأقباط والمسلمون على السواء.
وقد ورد نص الاستفتاء بعزل الخديوى فى محاضر التحقيق مع عرابى، بعد فشل الثورة، إذ جاء فيه: "ما القول فى حاكم ولى من طرف سلطان المسلمين على أن يعدل فى الناس ويقضى بأحكام الله، فنقض العهد وأحدث الفتن بين المسلمين، وشق عصاهم، ثم انتهى به الأمر إلى أن اختار ولاية غير المؤمنين على ولاية المؤمنين، وطلب من الأمم الخارجة عن الدين القويم أن ينفذوا قوتهم فى بلاد حكومته الإسلامية، وأمر رعاياه بأن يذلوا ويخضعوا لتلك القوة الأجنبية، وبذل عنايته فى الموافقة عنها، ولما دعاه المؤمنون للرجوع عن ذلك أبى وامتنع وأصر على الخروج عن طاعة السلطان، والمروق من الشريعة، فهل يجوز شرعا أن يبقى هذا الحاكم حاكما حتى يمكن قوة الأجانب من السلطة فى البلاد الإسلامية، أو يتعين فى هذه الحالة عزله وإقامة بدل له يحافظ على الشرع ويدافع عنه؟ أفيدوا الجواب"!
ولما بدأ الغزو الإنجليزى لمصر فى يوليو سنة 1882، أسفر الخديوى توفيق عن وجهه الخائن بالارتماء فى أحضان الغزاة، كوّن الثوار جمعية شعبية ضخمة تتولى تصريف أمور البلاد، وعقدت اجتماعا يوم 22 يوليو حضره نحو الخمسمائة شخص، ويكتب فى هذا الاجتماع فتوى الشيخ عليش والشيخ العدوى والشيخ محمد أبو العلا الحلفاوى بمروق الخديوى، وتقرر فى هذا الاجتماع أيضا رفض قرار الخديوى بعزل عرابى، وضرورة استمرار الدفاع ضد الإنجليز، وكان من الموقعين على هذه القرارات من شيوخ الأزهر:
الشيخ محمد الإنبابى شيخ الجامع الأزهر- الشيخ حسن العدوى، مفتى المالكية- الشيخ عبد الهادى الإنبارى- الشيخ محمد الأشمونى- الشيخ خليل العزازى- الشيخ عبد القادر الرافعى عضو المحكمة الشرعية- الشيخ عبد القادر الدلبشانى، عضو المحكمة الشرعية- الشيخ عبد الله الدرستانى، مفتى ضبط مصر، وأعضاء المشيخة. مفتى الأوقاف – الشيخ مسعود النابلسى- الشيخ محمد القلماوى – الشيخ زين المرصفى- الشيخ حسين المرصفى – الشيخ أحمد الخشاب قاضى مديرية الجيزة- الشيخ أبو العلا الخلفاوى – الشيخ سليم عمر القلعاوى- السيد عبد الباقى البكرى نقيب الأشراف – الشيخ عثمان مدوخ.
وانطلق عدد غير قليل من علماء الأزهر، فى أماكن مختلفة يدعون ويحرضون، ويخطبون دعما للثورة، وكان مما قاله الشيخ أحمد عبد الغنى فى قصيدة بهذا الشأن:
لعمرى ليس ذا وقت التصابى ولا وقت السماع على الشراب
ولكن ذا زمان الجد وافى وذا وقت الفتوة والشباب
ووقت فيه الاستعداد فرض لتنفيذ الأوامر من عرابى
أما الشيخ على المليجى فقد قال فى خطبة له:" لقد مرت بنا فى الزمن السالف أيام غير صافية العيش للمسلم، وما ذاك إلا لعدم الحمية الإسلامية فى ميادين حظهم الدنيوى وعن الدين غائلين، وقد ظهرت الآن البشائر بعز المسلمين وسطوتهم حيث اعتدل حكام الوقت أيدهم الله بالأخذ بأسباب قوة الدين ورد ما ضاع فى شوكتهم، باذلين الهمة فى التوصل إلى ما يبعد الأمة عن التشرد لما يكونون به آمنين ...".
ووقف الشيخ محمد أبو الفضل فى الخطبة التى ألقاها فى جامع الحنفى بالقاهرة، وقال: "قد تميز الغث من السمين، واستبان أن الإنجليز جاءوا محاربين يريدون –لا أمكنهم الله– سلب الأموال وهتك الحرم، وقد جاءوا بمكر وخداع يصطادون بشباكهم الأوطان من غير قتال أو دفاع، كما هو ديدنهم القبيح فى كل إقليم، فيقظ لذلك العقلاء والشجعان وذبوا عن الأعراض والأوطان".
ويبلغ الشيخ حسن العدوى الذروة فى التدين والوطنية، أثناء التحقيق معه بعد فشل الثورة، فقد وُجه إليه سؤال على الوجه التالى:
" س: علم المجلس (مجلس التحقيق) أنك أفتيت بعزل الخديوى، فهل هذا حقيقى أم لا ؟
ج: لم تصدر منى فتوى فى ذلك، ولم أُسأل فى هذه المادة، ومع ذلك فإذا جئتمونى الآن بمنشور فيه هذه الفتوى، فإنى أوقعه.. وما فى وسعكم وأنتم مسلمون أن تنكروا أن الخديوى توفيق مستحق العزل لأنه خرج عن الدين والوطن.."!!
ذلك موقف نبرزه لهؤلاء الذين يزعمون أن صاحب المرجعية الإسلامية لا يحتل الوطن لديه مكانة عالية، وهذا الذى قاله الشيخ العدوى، يقول به كثيرون، وإن كنا لا ننكر أن قلة تقول بغير ذلك، فتجىء عين السخط لتصطاد، وتزعم التعميم.
كذلك فلابد أن نقرأ مثل هذه الشجاعة منقطعة النظير، لعالم دين حق، واقع فى الأسر، وجلادوه واقفون على رأسه، والثورة فشلت، والخديوى العميل وقوات الاحتلال أصبحت متمكنة من البلاد، لكن كل هذا لا يحول بينه وبين الوقوف موقف العالم المسلم الوطنى الواعى، حتى ولو كانت يده قابضة على جمر متقد، لا يلسع فقط بل يحرق، وربما يميت!
لكن، هل كان كل المشايخ على مثل هذه الموقف الشجاع، الوطنى الإسلامى؟
كلا.. فقد كان هناك متخاذلون، مرتعدون، متعاونون مع قوة الاستبداد الداخلى، والاستعمار الخارجى، وهو ما لابد من أن نتناوله فى مقال تال بإذن الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.