ترحيب بالاهتمام بالبحث العلمى وتدريس الدين والتربية القومية رفض بين المعلمين لاختفاء المادة (26) الخاصة بحقوق المعلم تباينت ردود الأفعال تجاه مواد التعليم فى المسودة الثانية للدستور، فبينما حظيت هذه المواد بترحيب من الخبراء وأساتذة الجامعات بالمواد المهتمة بالبحث العلمى وتدريس الدين والتربية القومية، لقى اختفاء المادة (26) التى تخص حقوق المعلم من المسودة الثانية غضبا من المعلمين، بعد أن كانت موجودة بالمسودة الأولى. وكان باب (الحقوق والحريات والواجبات العامة) بالمسودة الثانية قد احتوى على أربع مواد تختص بالعملية التعليمية بفرعيها العالى والأساسى. ونصت المادة (50) على أن "لكل مواطن الحق فى التعليم المطابق لمعايير الجودة وهو مجانى فى مراحلة المختلفة وإلزامى فى مرحلة التعليم الأساسى وتتخذ الدولة كافة التدابير لمد مدة الإلزام إلى مراحل أخرى وتُعنى بالتعليم الفنى وتشجعه وتشرف على التعليم بكل أنواعه، وتلتزم جميع المؤسسات التعليمية العامة والخاصة والأهلية وغيرها بخطة الدولة التعليمية وأهدافها وكذلك بما يحقق الربط بينه وبين حاجات المجتمع والإنتاج". ونصت المادة (51) على أن "حرية البحث العلمى مكفولة، وتخصص الدولة له نسبة كافية من الناتج القومى وفقًا للمعاير العالمية، وتضمن استقلال الجامعات ومراكز البحث العلمى وتطويرها". فيما تنص المادة (52) على أن "اللغة العربية مادة أساسية فى كافة مراحل التعليم، والتربية الدينية والتاريخ الوطنى مادتان أساسيان فى التعليم قبل الجامعى بكل أنواعه، وتلتزم الجامعات بتدريس القيم والأخلاق اللازمة للتخصصات المختلفة". وتنص المادة (53) على أن "تلتزم الدولة بوضع خطة شاملة للقضاء على الأمية وتجفيف منابعها لكافة الأعمار من الذكور والإناث وتسخر طاقات المجتمع لإنجاز هذه الخطة خلال عشر سنوات من تاريخ العمل بالدستور". ومن جانبه قال الدكتور رشاد بيومى- نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين وأستاذ الجيولوجيا بكلية العلوم جامعة القاهرة-: إن مواد التعليم فى الدستور هامة للغاية، وأكدت بشكل أساسى على البحث العلمى الذى يعتبر قوام النهضة لأى بلد. وأوضح أن الميزانية المخصصة للبحث العلمى فى مصر تعتبر فتاتا ولا يمكننا أن نطلق عليها بالأساس ميزانية للبحث العلمى، مشيرا إلى أن الأهم من تلك المواد هو توفر الإمكانات اللازمة للتطبيق. وأضاف أن مواد التعليم اهتمت بشكل أساسى بالتعليم الفنى، وهو أمر مهم للغاية، فلا بد من عودة الاهتمام بالتعليم الفنى، فمصر الآن أصبحت تفتقد إلى الكوادر الفنية واختفى الفنى المحترف. وأوضح أنه لا بد من توفير المعامل وأدوات التدريب اللازمة للطلاب، حيث أن التعليم الفنى يعتمد بالأساس على التدريب لا المواد النظرية. وأبدى بيومى إعجابه بالاهتمام بمادتى التربية الدينية والتاريخ الوطنى (التربية الوطنية). وأشار إلى أن هاتين المادتين لا تأخذان حقهما من التعليم داخل المدارس وغالبًا ما تهمشان، موضحًا أن الأمر لا يتعلق بدخول تلك المواد فى المجموع أم لا، ولكن لا بد أن يدرس الطالب تلك المواد بجدية، ولا بد أن نمحو من ذاكرة أبنائنا أنهم يذهبون إلى المدارس من أجل المجموع فقط، فالتعلم والاستفادة أهم كثيرا من المجموع. وأضاف أنه لا بد أن يكون هناك سياسة واضحة للتعليم، فمثلا: نحدد أن من أولوياتنا الاهتمام بالتعليم الفنى فيكون الدعم كله للتعليم الفنى وتركز المناهج على مواد التعليم الفنى بجابب وجود ربط بين ما يدرس فى المدارس والجامعات وبين احتياحات سوق العمل، وهو ما أكده الدستور فى المادة (50). ومن جانبه، رحب ناصر على- الخبير التربوى بمركز تطوير المناهج بمواد التعليم فى الدستور- واصفا إياها بالشاملة والملمة بجميع نواحى العملية التعليمية سواء التعليم الأساسى أو الثانوى، بالإضافة إلى التعليم الجامعى والتعليم الخاص. وأضاف على أن المواد ركزت أيضًا على البحث العلمى والتعليم الفنى الذى لم يذكره دستور 71، مشيرًا إلى أن المواد مشجعة وتتماشى مع حق كل فرد فى التعلم. وأشار إلى أن المواد تنص على مد السن الإلزامى من 9 سنوات وهى مرحلة التعليم الأساسى، لتمتد إلى مراحل التعليم الثانوى والفنى، لافتا إلى أن تلك المادة تنقل مصر إلى مصاف الدول الكبرى التى تطبق سن التعليم الإلزامى حتى التعليم الثانوى. وشدد على أن المادة اهتمت بنقطة مهمة للغاية وهى قضية التمويل، حيث أنها ألزمت الدولة بزيادة ميزانية التعليم والبحث العلمى، وربطت التعليم الفنى باحتياجات المجتمع، مشيرًا إلى أن ما ينقص هو التطبيق على أرض الواقع، وتوفير الإمكانات اللازمة للتطبيق. وعلى الرغم من إلمام المواد الجديدة بقضايا التعليم المختلفة، إلا أن ذلك لم يمنع غضب المعلمين، وذلك بسبب اختفاء المادة 26 الخاصة بالمعلم، والتى كانت موجودة بباب (المقومات الأساسية للدولة) من مسودة الدستور، وكان نصها: "المعلمون هم الركيزة الأساسية فى نجاح خطط التعليم وبلوغه أهدافه، وعلى الدولة أن تضمن لهم معاملة مالية تحفظ كرامتهم وتعينهم على التفرغ لرسالتهم السامية". وفى هذا السياق قال عبد الناصر إسماعيل- ممثل اتحاد المعلمين المصريين-: إن هذه المادة كانت موجودة فى النسخة الأولى من المسودة التى وزعت على المعلمين، ولكننا فوجئنا أنها حُذفت من المسودة الموجودة حاليا فى الجمعية التأسيسية لوضع الدستور دون أن نعرف من فعل ذلك ولماذا، ودون حتى أن يتم الإعلان عن الحذف. وأضاف إسماعيل أن مواد الدستور بشكلها الحالى جيدة للغاية وتهتهم بجميع جوانب التعليم، وتركز بالأساس على التعليم الفنى والبحث العلمى والربط بين ما يتم تدريسه واحتياجات السوق، كما أن الدستور أشار لأول مرة إلى الاهتمام بترسيخ القيم والأخلاق والاهتمام بمادة التربية الدينية. ومن جانيه أكد الدكتور أحمد الحلوانى- نقيب النقابة العامة للمهن التعليمية وعضو الجمعية التأسيسية لوضع الدستور- أن لجنة صياغة الدستور كانت قد اتفقت على وضع تلك المادة فى جلسات التأسيسية، وأدخلناها بالفعل إلى لجنة الصياغة، وتأكدنا أنها قامت بصياغتها، ولكننا فوجئنا أنها عندما تم جمع المواد كلها فى المسودة الحالية للدستور اختفت تماما. وأضاف الحلوانى: "أنا أبحث الأن عن سر اختفاء تلك المادة، ولا أعلم إذا كانت سقطت عمدا أم سهوا من المسودة، ولكننى أؤكد لجموع معلمى مصر أننا لن نقبل بأن يخرج الدستور دون تلك المادة بأى حال من الأحوال، فلن يستطيع أحد أيا كانت سلطته أن يجبر الجمعية التأسيسية لوضع الدستور على حذف مواد أو إضافة مواد أخرى دون علمها وموافقتها".