خبراء: عناصر من الشركات غير المرخصة متهمة فى عمليات إجرامية شعبة الحراسة: إصدار قانون ينظم عمل الشركات يقضى على النصابين ناصر عباس: تخفف الأعباء عن جهاز الشرطة وتساهم فى تحقيق الأمن ولاء نبيه شهدت شركات الأمن والحراسة الخاصة فى مصر حالة من الانتعاش والرواج لم تعهدها فى أعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير خاصة بعد حالة الانفلات الأمنى التى عاشتها البلاد فقد زاد الطلب على شركات الأمن الشخصى (البودى جارد) أو شركات حراسة المنشآتالأمر الذى أدى إلى وجود شركات غير مرخصة تعبث بالأمن وتفرز نخانيخ يزيدون من حالة الانفلات.وقال سيد عبد الونيس -نائب رئيس شعبة شركات الأمن والحراسة الخاصة بالغرفة التجارية بالقاهرة- إن هناك أكثر من 500 شركة لا يوجد منها سوى 20 شركة مرخصة وتعمل وفق تنظيم إدارى وبرامج تأهيلية منظمة أما باقى الشركات فتعمل بشكل عشوائى ولا تحكمها أى ضوابط قانونية وهو ما أدى إلى حدوث جرائم كثيرة فى الفترة الماضية كان بعض أفراد الأمن المنتمين لشركات مجهولة الهوية أحد أطرافها؛ منها الاستيلاء على أموال خزائن بعض البنوك ووقائع سرقة تجمعات سكنية ومولات كبرى. وأضاف أن زيادة الطلب على شركات التى تعمل فى مجال الأمن والحراسة الخاصة كان من قبل مرتبطا بزيادة عدد الشركات والمنشآت الاقتصادية والمدن السكنية ولكن زادت معدلات الطلب بعد الثورة بسبب حالة الانفلات الأمنى؛ حيث زاد الطلب على الأمن الخاص سواء فى تأمين الأفراد أو المنشآت وهو ما ساهم فى زيادة أعداد شركات الأمن والحراسة الخاصة والتى ظهرت على عجل دون أى ضوابط فلا تدريب أو تأهيل للعناصر التى تعمل لديها فضلا عن غياب الكشف الأمنى على العاملين بها مما يسهل دخول عناصر إجرامية داخلها. وأشار عبد الونيس إلى أن مكمن الخطر فى هذه الشركات بدلا من أن تكون مصدرا لتحقيق الأمن تصبح أداة لزيادة معدل الجريمة ومن ثم تسىء بدورها للشركات الأمنية الكبرى والملتزمة بأداء دورها. وقال إن الأنظمة الكبرى الحرة تولى اهتماما كبيرا بشركات الأمن والحراسة إيمانا منها بدورها فى معاونة الأجهزة التنفيذية ولكن ما زالت هذه النظرة قاصرة فى مجتمعنا فبجانب أنه لا يوجد قانون ينظم عملها فإن هناك مشاكل عديدة يعانى منها العاملون داخل هذه الشركات تتعلق بضعف مستحقتهم المالية وهو ما يتسبب فى عزوف البعض عن العمل بها حتى إن أغلب العاملين بها ليس لديهم الرغبة فى الاستمرار حيث يلجئون إليها كعمل مرحلى لحين إيجاد وظيفة أخرى ومن ثم تحسين أوضاع هذه الشركات لن يتأتى إلا من خلال إدراك الدولة بأهمية دورها وتحديد أطر قانونية تحكم العمل بها من خلال إلزامها بإصدار التراخيص اللازمة والسجلات التجارية مع تطبيق المواصفات الخاصة بأفراد الأمن بما يضمن لها تقديم الخدمات المتميزة التى من شأنها مساعدة السلطة التنفيذية فى تحقيق الأمن والسلامة للمواطنين. ويؤكد أن أهم دعائم تحقيق ذلك هو فتح قنوات للاتصال المباشر بين شركات الأمن الخاصة ومراكز الشرطة من خلال إمداد أفراد الأمن بأجهزة الاتصال المتطورة وتزويدهم بالأساليب الحديثة للتأمين، مشيرا إلى أن شعبة شركات الأمن والحراسة قامت بتقديم مشروع قانون للبرلمان بشأن تنظيم أعمال شركات الأمن والحراسة بالمنشآت يتضمن بعض البنود المهمة والتى على رأسها أنه لا يجوز لأى شركة مزاولة أعمال الأمن والحراسة إلا إذا كانت حاصلة على ترخيص من وزارة الداخلية على أن تكون شركة مساهمة وليس مشروعا فرديا. كما يشترط أن يكون لها سجل تجارى ولا بد أن يتوفر فيمن يديرها والعاملين بها عدة شروط منها أن يكون صاحبها ذا خبرة فى مجال الأمن والحراسة، كما يجب أن يكون حسن السير والسلوك لكن للأسف ما زال هذا القانون حبيس إطاره النظرى لم يتم مناقشته فى البرلمان رغم تقديمه لعدة دورات برلمانية متعاقبة. تهديد للأمن العام ويرى ناصر عباس -أمين سر لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس الشعب السابق- أن جميع شركات الأمن والحراسة الخاصة بمصر تمثل منظومة لا تحكمها أى ضوابط قانونية بما فيها الشركات المرخصة نفسها لأن الترخيص فى الغالب روتينى لا يتطلب سوى استخراج بطاقة ضريبية وسجل تجارى باسم المنشأة ومجرد تحريات شرطية شديدة التقليدية فلا يوجد قانون أو معايير منظمة لعمل هذه الشركات وهو ما يجعل دورها أما أن يكون بلا فاعلية أو تتحول إلى خطر يهدد الأمن العام حيث لا يخضع أفراد الأمن العاملين بها للكشف الأمنى إلا فى حالات العمل فى البنوك الكبرى فقط وهو ما يجعل الفرصة سانحة؛ لأن تندس داخل هذه الشركات عناصر خارجة عن القانون وهو ما يمثل تهديدا حقيقيا لأمن المجتمع. وأشار عباس إلى أن تفعيل دور هذه الشركات من الأمور المهمة فى الفترة الراهنة ففى أغلب دول العالم يتم الاعتماد على أفراد الأمن الخاص فى تأمين التجمعات الكبيرة مثل مباريات كرة القدم والحفلات والمؤتمرات وغيرها حيث تخفف الضغط عن جهاز الشرطة بشكل كبير فى مثل هذه الأمور وتساهم فى تفرغه لأداء مهمته الأكبر وهى حفظ الأمن العام. وأرجع ناصر نجاح تلك الدول فى الاعتماد على هذه الشركات إلى أنها تحدد أطر قانونية لعملها منذ البداية وتخضع أفرادها للتدريبات مكثفة كالتى يقوم بها أفراد الشرطة، كما أن اختيارهم يتم بناء على معايير وضوابط لا تهاون فيها مؤكدا أنه لو تم تطبيق ذلك فى مصر لساهم بشكل كبير فى استعادة الأمن بصورة أكثر إيجابية ولكن من المؤسف أن شركات الأمن الخاص فى مصر لا تتعدى مجرد (يونيفورم) فقط بلا أى جدوى؛ حيث أثبتت فشلها بسبب عشوائية التنظيم ولعل فشل تجربتها فى أن تكون بديلا عن الحرس الجامعى أبرز دليل على ذلك. وأضاف ناصر أن تقنين عمل شركات الأمن والحراسة الخاصة كان واحدا من أهم الموضوعات التى كان معدا لطرحها على طاولة لجنة الدفاع والأمن القومى بالبرلمان السابق لما لها من أهمية كبيرة فى حال تفعيل دورها وخطورة أكبر فى حال تركها تدار بهذه العشوائية حيث كانت اللجنة بصدد طرح مشروع قانون ينظم عملها ويضع ضوابط لاختيار العاملين والتى منها الكشف عليهم أمنيا وكذلك ضرورة تلقيهم لتدريبات تؤهلهم للعمل الأمنى بالتنسيق مع وزارة الداخلية ولكن تسبب حل المجلس فى توقف العمل به. شركات للبلطجة ومن جانبه، أكد عسران البكرى -عميد شرطة سابق- أن وجود شركات أمن غير مرخصة وتعمل بشكل فعلى فى مجال حراسة بعض المناطق والمنشآت يمثل جريمة كبرى فى حق المجتمع خاصة إذا كان أفراد الأمن بها بحوزتهم أسلحة غير مرخصة وهو ما يستوجب عقاب رادع لمثل هذه الشركات التى تتحايل على القانون. ويعتبر عسران شركات الأمن الخاص لا يمكن أن تمثل بديلا عن جهاز الشرطة بوضعها الحالى أو حتى معاونا له فى استعادة الأمن وذلك لأن طبيعة المهمة مختلفة ففرد الأمن بالشركات الخاصة لا يعنيه سوى المنطقة أو المنشأة المنوط به حمايتها فلا يهتم مثلا بحادث سرقة يبعد عن هذه المنشأة بأمتار قليلة وذلك لأنه كرجل أمن هش وغير مؤهل لمواجهة هذه الأمور؛ حيث ما زالت حلقة الوصل بين الأمن الخاص والأمن العام مفقودة فى منظومة العمل الأمنى بالرغم من أهمية الربط بينهم وتابع أنه يوجد بالفعل بعض شركات الأمن والحراسة الخاصة والتى تقدم بخدمة مميزة لعملائها وتهتم بتدريب العاملين بها وتمثل مطلبا لكثير من المنشآت الحيوية مثل البنوك وغيرها وهى تستحق بالفعل أن يطلق عليها شركات أمن لذلك لا بد من تفعيل دورها بما يصب فى الصالح العام. وأضاف أن ما كان يحدث فى النظام السابق مثلا من اتخاذ بعض شركات الأمن مجرد ستار لإيواء البلطجية والخارجين على القانون من أجل حماية النظام وتهديد المعارضة فى الانتخابات والتى كان يقود أحد هذه الشركات المدعو (نخنوخ) لا يمكن توصفيها بأى الأحوال أنها شركات أمن بل هى شركات للبلطجة والمتاجرة بالسلاح وإن كان ما زال لها وجود الآن فلا شك أنها تمثل عاملا أساسيا فى إشاعة الفوضى وعدم الاستقرار، وهو ما يتطلب مواجهة عاجلة من خلال تحديد دورها فى إطار قانونى.