في تصرفات هوجاء بعيدة عن الحكمة أو التاريخ أو الأمن القومي الاسترايجي الذي استمر لعقود من التعاون والإخاء المصري السوداني، دفعت مصر بالتنسيق مع الإمارات بقوات مدججة بأسلحة حديثة وتعزيزات عسكرية، تشمل آليات نقل عسكرية وسيارات دفع رباعي إلى قاعدة «ساوا» العسكرية في إريتريا. وذلك بعد اجتماع عُقد في القاعدة وضم عددا من القيادات العسكرية والأمنية من مصر والإمارات وإريتريا والمعارضة السودانية ممثلة في بعض حركات دارفور وحركات شرق السودان. الخطوة التصعيدية من قبيل السيسي تأتي قبيل زيارة مرتقبة للرئيس الإريتري «أسياس أفورقي» لدولة الإمارات العربية، وصفت بأنها لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين. واعتبر مراقبون أن هذا التطور يأتي على ما يبدو وكأنه رد على التقارب التركي-السوداني ومنح الخرطوم جزيرة سواكن الاستراتيجية لأنقرة. فيما أعلن الرئيس السوداني «عمر حسن البشير» حالة الطوارئ في عدد من الولايات السودانية، من بينها ولاية كسلا شرق السودان المحاذية لإقليم القاش بركا الإريتري. وكانت عدة مصادر تحدثت قبل أيام عن محاولة انقلاب دبرتها الإمارات في السودان ضد الرئيس البشير، نجحت جهود استخباراتية في الكشف عنها. وشهدت العلاقات السودانية الصرية فترات عدة، منذ انقلاب السيسي على الرئيس محمد مرسي، حيث عمد النظام المصري على دعم الحركات المعارضة والمتمردة في السودان، وإمدادها بالسلاح والمعدات الحربية المصرية، التي صادرتها الحكومة السودانية. وكذلك عمدت قوات عسكرية مصرية لاختراق الحدود البحرية السودانية خلال الفترة الأخيرة، واجهتتها البحرية السودانية بإطلاق الرصاص والنيران. وأعاد الجيش المصري انتشاره وتكثيف تواجده بمناطق خلايب وشلاتين بل قام بالفبض على أعداد من السكان المنتمين لقبائل وعوائل سودانية، في تصعيد غير مبرر في حلايب، والذي دفع الخرطوم لتحريك دعاوى دولية ضد مصر تطالب بسودانية خلايب..كما بدأت في مطالبة مصر بمستحقات مياه زائدة مررتها الى مصر خلال السنوات الاخيرة، من حصتها المائية، كما اتخذت مواقف تعبر عن مصالحها مع اثيوبيا ازاء سد النهضة. وبدلا من تفكيك المشكلات وتحريك المياه الراكدة في مسار العلاقات الثنائية التاريخية بين البلدين، تتجه مصر لتنفيذ مخططات الإمارات ضد جارة مصر الأولى السودان. ولعل العداء الإماراتي للسودان تجلى في الموقف الأخير الذي اتخذه الرئيس البشير بإقالة مستشاره العسكري علي طه عثمان، الذي دبر مؤامرة سعودية إماراتية لاستخدام القوات البرية السودانية العاملة ضد قوات التحالف العربي بالسعودية، بتحريكها صوب الحدود السعودية القطرية، تمهيدا لاقتحام الحدود القطرية وإثارة الفوضى في قطر، بتدبير مسرحية إن بقطر انقلاب يجري السيطرة على الأوضاع هناك من خلال السعودية والإمارات لصالح النظام القطري، وهو ما كانت من خلاله تخطط الإمارات للولوج لقطر والسيطرة عليها.. وهو ما رفضه البشير وقتها وسحب قواته البرية إلى قواعدها على الحدود اليمنية السعودية. كما يرتكز المشروع الإماراتي على تدمير كافة النظم العربية غير الخاضعة لسلطانها في إفريقيا وفي المنطقة العربية.. وهو ما تديره في ليبيا عبر قواعد مصر الغربية، وما حاولت فعله في تونس مؤخرا ضد حزب المهضة الإسلامي.. لصالح المشروع الصهيوأمريكي.. وهو ما سيجر على مصر الخسائر الاستراتيجية في حال تطورت التصعيد ضد السودان.